مؤهلات طبيعية وثقافية وتاريخية تجعل المغرب وجهة مفضلة للفرنسيين
الرباط – بات المغرب من أبرز الوجهات السياحية في العالم واستطاع أن يستقطب ملايين السياح الأوروبيين سنويًا، لما يتمتع به من مؤهلات طبيعية وثقافية وتاريخية متميزة، وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "اوبنيون واي" أن المغرب أصبح من بين الوجهات المفضلة لدى الفرنسيين لقضاء عطلتهم الصيفية هذا العام، متقدماً بذلك على عدد من الدول الأوروبية التقليدية في السياحة.
ويقع المغرب على بعد كيلومترات قليلة فقط من أوروبا، ما يجعله وجهة سهلة الوصول عبر الجو أو البحر. ويطل على البحر الأبيض المتوسط شمالاً والمحيط الأطلسي غربًا، ويفصله مضيق جبل طارق عن إسبانيا. وهذا القرب الجغرافي يختصر الوقت والتكاليف، ويجعل من المغرب خيارًا مريحًا للسائح الأوروبي.
ورغم أن 45 بالمئة فقط من الفرنسيين ينوون مغادرة البلاد خلال موسم العطلات الصيفية، مقارنة بـ50 بالمئة في صيف 2024، فإن المغرب يبرز كوجهة مفضلة بفضل عوامل متعددة، من بينها الأمن والاستقرار، والقرب الجغرافي، وتكلفة الرحلة مقارنة بجودة الخدمات السياحية.
كما يتميز المغرب بتنوع مناخي وجغرافي فريد. ففي الشمال هناك المناخ المتوسطي المعتدل، وفي الجنوب مناخ صحراوي دافئ، بينما تعرف المناطق الجبلية أجواء باردة في الشتاء. وهذا التنوع يسمح للسياح بالاستمتاع بتجارب مختلفة: من الاسترخاء على شواطئ أكادير وطنجة، إلى التزلج على الثلوج في جبال الأطلس، أو ركوب الجِمال في صحراء مرزوكة.
ويحفل المغرب أيضا بتاريخ عريق وتنوع حضاري غني يعكس التأثيرات الأمازيغية، العربية، الأندلسية، الإفريقية والأوروبية. وتزخر المدن العتيقة مثل فاس، مراكش، ومكناس بمعالم تاريخية، مثل المدارس القديمة، القصور، المساجد، والأسوار التاريخية. كما تجذب الأسواق التقليدية مثل سوق "جامع الفنا" الزوار الباحثين عن تجربة ثقافية أصيلة.
وأشار الاستطلاع إلى أن أكثر من ربع مستخدمي موقع المقارنة السياحية" ليليلغو"، أبدوا اهتماماً بعروض السفر إلى المغرب، الذي يوصف بأنه يجمع بين الغرابة الجذابة وسهولة الوصول والأسعار المناسبة، وهي معايير باتت أكثر تأثيراً في ظل التقلبات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة في أوروبا.
وحافظت مدينة مراكش على موقعها كأكثر المدن المغربية جذباً للسياح الفرنسيين، لكن اللافت هو النمو الكبير في الاهتمام بمدن أخرى، حيث ارتفعت نسبة البحث عن مدينة الصويرة بنسبة 147 بالمئة، فيما شهدت مدينة فاس، ذات التراث الثقافي الغني، زيادة بنسبة 64 بالمئة في عمليات البحث.
ورغم تزايد الاهتمام بالمغرب، بيّن الاستطلاع أن أغلب الفرنسيين (67 بالمئة) يفضلون قضاء عطلتهم داخل فرنسا، وهي نسبة أعلى من العام الماضي (61 بالمئة)، ما يعكس اتجاهاً عاماً نحو السياحة المحلية دون أن يحدّ من جاذبية المملكة المغربية كخيار قوي ومنافس.
من العوامل التي تميز السياحة في المغرب هي الضيافة المغربية الأصيلة. فالشعب المغربي معروف بلطفه وحسن استقباله للزوار، ما يخلق تجربة إنسانية ودافئة تترك أثراً إيجابياً لدى السياح وتشجعهم على العودة مجددًا.
وتُعدّ هذه النتائج مشجعة للفاعلين في قطاع السياحة المغربي، الذين يرون فيها فرصة لتعزيز تدفق السياح الفرنسيين، خاصة مع اقتراب موسم الذروة الصيفية، في ظل الجهود المتواصلة لتحسين البنية التحتية، وتعزيز خدمات الضيافة، وتكثيف الترويج الدولي للمقاصد السياحية المغربية.
وعملت الدولة المغربية خلال العقود الأخيرة على تطوير القطاع السياحي من خلال برامج استراتيجية، مثل رؤية 2020 للسياحة، وتحديث البنية التحتية وتوسعة المطارات (مثل مطار مراكش والدار البيضاء). وتطوير الطرق السريعة والسكك الحديدية، وخاصة خط القطار السريع (البراق) بين طنجة والدار البيضاء. وتشييد موانئ ترفيهية ومراسي سياحية (مارينا). وتحديث المدن العتيقة وترميم المعالم التاريخية (فاس، مراكش، الصويرة، تطوان...).
واتخذت الحكومة عدة إجراءات استراتيجية وتنفيذية تهدف إلى استقطاب السياح وزيادة جاذبية المغرب كوجهة عالمية. وهذه الإجراءات تتنوع بين إصلاحات هيكلية، ومبادرات ترويجية. وتوقيع شراكات مع شركات سفر عالمية، ومؤثرين رقميين للترويج للمغرب على وسائل التواصل الاجتماعي.
وشملت الإجراءات تسهيلات جبائية وتحفيزات للمستثمرين المحليين والأجانب في قطاعات الفنادق والمنتجعات. وإنشاء مناطق سياحية جديدة (مثل تاغزوت باي قرب أكادير). ودعم مشاريع السياحة البيئية والريفية وسياحة المغامرة.