مسؤول إيراني: الوساطة العمانية لم تتطرق لوقف التخصيب مؤقتا
طهران - في خضم الجهود الدبلوماسية المتواصلة لإحياء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، أبدت طهران موقفًا فيه نوع من التشدد بشأن ملف تخصيب اليورانيوم، وهو ما بات يشكل عقبة رئيسية أمام أي تفاهم محتمل بين الطرفين.
ففي تصريحات أدلى بها مسؤول إيراني رفيع المستوى ضمن الفريق المفاوض، نفى بشكل قاطع أن يكون المقترح الذي قدمته سلطنة عمان للوساطة بين الجانبين قد تضمن أي بند يقضي بوقف مؤقت لتخصيب اليورانيوم. وقال المسؤول – الذي لم يُكشف عن اسمه – لوكالة تسنيم الإيرانية: "ما يروج حول تضمن المبادرة العمانية اقتراحًا بوقف التخصيب لمدة ستة أشهر غير صحيح، بل على العكس، المقترح ينص على الاعتراف بحق إيران في التخصيب دون شروط مسبقة".
المقترح ينص على الاعتراف بحق إيران في التخصيب دون شروط مسبقة
وأكد المصدر الإيراني أن "التخصيب لن يتوقف تحت أي ظرف"، في تأكيد واضح على تمسك طهران بسياساتها النووية رغم تصاعد الضغوط الدولية، وعلى رأسها المطلب الأمريكي بوقف جميع أنشطة التخصيب بشكل كامل ودائم، باعتباره شرطًا جوهريًا لمنع امتلاك إيران القدرة على تطوير أسلحة نووية.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس تتكثف فيه الوساطات الدولية لدفع المفاوضات قدمًا. غير أن تمسك إيران بالتخصيب دون قيود، يضع هذه الجهود في مهب الريح، لا سيما في ظل الإصرار الأميركي على تحقيق "صفر تخصيب" كأرضية لأي اتفاق دائم ومستقر.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد شدد في تصريحات سابقة على أن بلاده "لن تتخلى عن حقها المشروع في التخصيب"، مضيفًا أن "فرض العقوبات لن يغير من الموقف الإيراني قيد أنملة". وأوضح رئيسي أن البرنامج النووي الإيراني هو "برنامج سلمي بحت" وأن محاولات الضغط السياسي لن تثني بلاده عن ممارسة "حقوقها السيادية في تطوير التكنولوجيا النووية المدنية".
ورغم اللهجة الصارمة، أبدت إيران استعدادها لقبول بعض القيود الفنية والرقابة المشددة على برنامجها النووي، شريطة الاعتراف الدولي بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، وهو ما يمثل نقطة خلاف محورية مع واشنطن.
من جهته، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد كشف في وقت سابق من هذا الشهر عن تقدم بمقترح جديد إلى طهران بشأن الملف النووي، مشيرًا إلى أن المفاوضات بين الجانبين "مستمرة عبر قنوات غير مباشرة"، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وفي المقابل، نفى وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد المفاوض عباس عراقجي، تلقي طهران لأي مقترح مكتوب من واشنطن، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء. وقال عراقجي إن بلاده لا تتعامل مع الطروحات الشفوية أو الإعلامية، بل تنتظر مقترحات رسمية مكتوبة يمكن التفاوض بشأنها في الإطار المتفق عليه.
ويشار إلى أن الولايات المتحدة وإيران أجرتا خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة خلال الأشهر الماضية، بوساطة أوروبية وخليجية، كان آخرها في مسقط، ضمن مساعٍ دولية لتقريب وجهات النظر وإعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن عام 2018 في عهد إدارة ترامب.
وفي ظل هذا الجمود، يرى مراقبون أن تمسك إيران بخيار التخصيب الكامل قد يُفشل المحادثات الجارية، خاصة إذا ما استمر غياب التوافق بشأن أهم نقطة خلافية بين الجانبين. وبينما تحاول بعض الدول، وعلى رأسها سلطنة عمان، تقريب وجهات النظر، فإن الأجواء لا تزال مشحونة بالتوتر، ما يهدد بإجهاض أي تقدم قبل أن يرى النور.