النيجر تضع حدا للاستغلال الفرنسي لليورانيوم بتأميم المناجم

المجلس العسكري الحاكم في النيجر يعلن عن قرار تأميم منجم تديره شركة فرنسية، واصفا باريس بأنها 'دولة معادية" لنيامي.

نيامي - أعلن المجلس العسكري الحاكم في النيجر تأميم منجم يورانيوم تديره شركة "أورانو" الفرنسية، فيما يأتي هذا القرار بعد نحو ستة أشهر من غلق السلطات النيجرية مقر المؤسسة ومصادرة معداتها، في خطوة تعكس إصرار نيامي على قطع علاقاتها الاقتصادية مع القوة الاستعمارية السابقة واستبعاد كافة الشركات الفرنسية من البلد الواقع في منطقة الساحل الأفريقي، في وقت تبدو فيه روسيا مرشحة لملأ الفراغ الذي خلفه انسحاب باريس بعد أن تمكنت من استمالة دول المنطقة.

ويشير التأميم إلى رغبة النيجر في استعادة السيطرة الكاملة على مواردها الطبيعية الحيوية والتحرر من الهمينة الأجنبية، معتبرة أن العقود المبرمة مع شركات فرنسية كانت مجحفة ولم تحقق الفائدة المرجوة للشعب النيجري.

ويأتي هذا القرار في وقت تقترب فيه نيامي وباريس من القطيعة بعد تنامي التوتر بينهما إثر الانقلاب العسكري عام 2023، وما تلاه من تصعيد من قبل السلطات النيجرية التي مارست ضغوطا دفعت فرنسا إلى سحب قواتها من البلاد.

ويعكس التأميم المشاعر المناهضة للوجود الفرنسي وتأثيره في الدول الأفريقية، فيما تعيش باريس حالة من العزلة في القارة في ظل تراجع نفوذها وحضورها الاقتصادي والعسكري، فيما تواجه الدبلوماسية الفرنسية اتهامات بالإخفاق في ترميم العلاقات المتصدعة مع دول الساحل، ما ألقى بظلال قاتمة على مصالح القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة.

وأفادت قناة "آر تي إن" النيجيرية الرسمية، نقلاً عن بيان صادر عن المجلس العسكري، بأن القرار اتُخذ "رداً على السلوك غير المسؤول وغير القانوني وغير المخلص لشركة أورانو، وهي شركة مملوكة للدولة الفرنسية، وهي دولة معادية للنيجر بشكل علني".

وكانت "أورانو" أعلنت خلال الآونة الأخيرة فقدانها السيطرة التشغيلية على الشركات التابعة لها التي تدير مناجم إيمورارين وكوميناك وسومير، فيما ردت المجموعة الفرنسية، التي تحتفظ مع ذلك بحصة أغلبية تزيد عن 60 بالمائة في هذه المؤسسات، برفع عدة إجراءات تحكيم دولية ضد النيجر.

وسحبت السلطات النيجرية في العام 2023 ترخيص التشغيل الخاص بـ"أورانو" في "رواسب إيمورارين"، أحد أكبر مناجم اليورانيوم في العالم، قبل أن تفقد الأخيرة السيطرة على منجم سومير، فيما تقدر قيمة موقع التعدين بنحو 250 مليون يورو.

وتعتمد فرنسا بشكل كبير على اليورانيوم النيجري لتشغيل محطاتها النووية، وبالتالي فإن التأميم قد يهدد أمن الطاقة الفرنسي والأوروبي ويجبر الغرب على البحث عن مصادر بديلة، مما قد يؤدي إلى تقلبات في الأسعار العالمية.

ويشير قرار تأميم الثروات الطبيعية في النيجر توجه البلاد نحو تعزيز شراكاتها مع دول أخرى مثل روسيا والصين، التي أبدت اهتمامًا بالاستثمار في إفريقيا، فيما يتوقع أن يعيد هذا التحول رسم خارطة النفوذ في منطقة الساحل الأفريقي.

وقد يكون قرار نيامي بمثابة رسالة لدول الساحل الغنية بالموارد الطبيعية بضرورة إعادة تقييم علاقاتها مع الشركات الأجنبية والسعي لتحقيق استفادة أكبر من ثرواتها.

وينتظر أن يؤثر هذا الإجراء على ثقة المستثمرين الأجانب في النيجر، ويثير مخاوف بشأن استقرار بيئة الاستثمار. ومع ذلك، قد يكون هذا التحدي مؤقتًا إذا نجحت نيامي في بناء شراكات جديدة وموثوقة.