رحمة بن حمو المدني: السينما مرآة للهوية والمنفى

المخرجة تستعرض أكثر من 25 عاماً من الإبداع السينمائي بين الوثائقي والروائي، وتحديات سرد قصص الهجرة والنسوية والثقافة المغاربية.

تفتح المخرجة رحمة بن حمو المدني قلبها وتجربتها الطويلة التي تمتد لأكثر من 25 عاماً في عالم السينما لموقع "ميدل ايست اونلاين" في حوار تستعرض فيه رحلتها الفنية من بداياتها في الإذاعة إلى تحقيق رؤاها السينمائية من خلال أعمالها الوثائقية والروائية، خاصةً ثلاثيتها الأخيرة التي تكشف تفاصيل عميقة من تاريخها الشخصي وهويتها الثقافية، وفيما يلي نص الحوار:

هل شعرتِ أنك حققتِ ما كنت تطمحين إليه في بداياتك؟

قبل السينما كنت أعمل في الإذاعة كمقدمة برامج، من خلالها تعلمت كيفية تركيب المادة التي أجمعها... بينما آمل أن يكون أمامي 25 سنة أخرى لأواصل تجربة الصورة والسرد، إذ أصبح الفيلم الوثائقي الإبداعي بديهياً بالنسبة لي لأنه يتيح لي لقاء الآخر، واستجواب نظرتي وفضولي، ولم أصل بعد إلى نهاية رغبتي السينمائية، فالتمثيل والعمل الجماعي من عناصر مهمة في السينما الروائية، وأتطلع لتحقيق أول فيلم روائي طويل لي.

ما كان أكبر تحدٍ واجهته أثناء إخراج ثلاثيتك لعام 2025: "في جهة البيت"، "عهد الملح"، و"الحب الأرضي"؟

هذه الأفلام الثلاثة في الحقيقة فيلم واحد، إذ قمت بكل شيء بنفسي، الصوت، الصورة، الإخراج، وحتى الإنتاج، فالتحدي في "عهد الملح" كان العودة إلى الجزائر بعد 34 سنة، والسينما منحتني القوة للقيام بهذه الرحلة... التحدي الدائم هو الثبات، وعدم الاستسلام للحظات الشك.

بقيت مواضيع مثل المنفى، الهوية، والنسوية حاضرة، فهل تحمل نفس الوزن في أفلامك لعام 2025؟

أكثر من أي وقت مضى! في 2025 صعب الحصول على تمويل إذا خرجت عن النمطيات، لدي مراجع نسوية وأحب تناول علاقات الرجل والمرأة من منظور عبثي، فالمرأة دائماً محور عملي، وموضوع الهوية واضح لأن هويتي المتعددة تنسكب في صوري وأصواتي.

ما الفروقات بين إنتاجاتك المستقلة السابقة والتعاونات الحديثة مع مؤسسات مثل معهد الدوحة للأفلام؟

معهد الدوحة مول فيلمي الأخير "الشعب"، والتمويلات أصبحت قليلة لأنني أبتعد عن الكليشيهات والمواضيع المتوقعة... التمويلات غالباً تأتي بعد الإنتاج، مثل ثلاثيتي.

كيف تطورت علاقتك بالهوية الثقافية على الشاشة؟

علاقتي قوية جداً مع ثقافتي المغاربية، وأقترب منها كأنها موضوع أنثروبولوجي، أفككها وأستجوبها وأستلهم منها ما ينفعني، وأرفض أن أفعل ما يُتوقع مني.

 كيف يعكس فيلم "الحب الأرضي" توجهك السينمائي الجديد؟

الشعر جزء مني ف"الحب الأرضي" تدور أحداثه في أرض أجدادي، والعلاقة مع الطبيعة حاضرة بقوة والعيش بعيداً عن العالم الحديث يترك وقتا للحلم والتأمل.

 لماذا ربطتِ المسرح والسينما في فيلم "الشعب" المستوحى من أعمال كاتب ياسين؟

الكاتب ياسين هو صلتي بثقافتي وعلاقته بالشعر، والمسرح الشعبي يعيدني إلى عالم والديّ، والشخصيات تعبر عن زمن ووضع معين، علاقته بالشعب وفهمه له مهم جداً.

كيف أثر العمل مع الشباب وأعضاء فرقة الكاتب ياسين على بنية الفيلم؟

تصوير الشباب أثناء الحراك كان إيماءة من الكاتب، وقضيت سنوات أجري مسوحات مع الممثلين القدامى ولم أحرز تقدماً، وأردت شيئاً جديداً، والشباب استحوذ على النص كما هو، جوهرة تخصهم.

كيف يختلف فيلم "عهد الملح" عن "في جهة البيت"؟

"في جهة البيت" كان عملاً لا واعياً، بحثت عن إجابات سطحية، بينما "عهد الملح" كان صعباً لأنني أردت تجنب البُعد التاريخي، وحرصت على إدراج مقتطفات من أول فيلم، وووالديّ مدفونان في مقبرة وسط الطبيعة.