ارتياح في صفوف الإيرانيين مشوب بالقلق من تجدد الحرب

العديد من الإيرانيين يتوجسون من حملة قمع من جانب السلطات لمنع أي محاولة لتنظيم احتجاجات حاشدة.

طهران - عبر إيرانيون اليوم الثلاثاء عن ارتياحهم للإعلان المفاجئ خلال الليل عن وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وذلك بعد ضربات جوية شنتها إسرائيل على مدى 12 يوما في أنحاء إيران وأودت بحياة المئات ودَفعت موجات من السكان إلى الفرار من منازلهم، فيما يثير اتفاق الهدنة الهش المخاوف من تجدد الحرب.

وبالنسبة لسكان طهران، فقد جلب إعلان وقف إطلاق النار آمالا ببدء عمليات التنظيف وعودة الحياة إلى طبيعتها وتهدئة القلق من تصعيد جديد أو حرب طويلة الأمد، حتى ولو كان ذلك بشكل مؤقت.

وعبر عدد كبير من الإيرانيين الذين فروا من الهجمات عن سعادتهم لتمكنهم من العودة إلى ديارهم بعد أن قضوا أياما صعبة ومكلفة خلال إقامتهم خارج المدينة في مساكن مستأجرة أو عند أقاربهم.

وقالت شيماء (40 عاما) من مدينة شيراز، والتي رفضت الكشف عن اسمها بالكامل خوفا من استهدافها، "أنا في غاية السعادة. انتهى كل شيء، ويمكننا أخيرا العيش بسلام. كانت حربا غير ضرورية ودفعنا نحن الشعب ثمن سياسات الحرب التي انتهجتها السلطات".

وقبل 24 ساعة فقط، كانت سحب الدخان تتصاعد فوق أجزاء من العاصمة مع استهداف إسرائيل للحرس الثوري الإيراني وميليشيا الباسيج شبه العسكرية التابعة له، بالإضافة إلى سجن إيفين الذي يقع أسفل جبال البرز.

وقال رجل في أحد شوارع طهران المزدحمة، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن "الشعب هو من يدفع الثمن سواء كان شعبنا أو شعبهم. الجانبان يتحملان التكلفة، لذا من الجيد أن إعلان وقف إطلاق النار حدث الآن وليس في وقت لاحق".

وحذرت إسرائيل السكان مرارا وطلبت منهم مغادرة مساحات واسعة من المدينة قبل أن تنفذ غاراتها الجوية، مما أدى إلى ازدحام الطرق السريعة التي يسلكها الفارون من طهران.

وبدأ كثيرون منهم بالعودة إلى منازلهم حتى قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، بعد أن أنهكهم التعب ونفد مالهم.

كان آراش، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 39 عاما، قد أخذ عائلته إلى دامافاند، وهو منتجع جبلي يقع على بعد 56 كيلومترا تقريبا شرقي طهران ويشتهر بهوائه النظيف وبيئته الريفية.

وعاد مع عائلته إلى طهران قبل يومين، قائلا "زوجتي وطفلاي كانوا مرعوبين من التفجيرات، لكن استئجار غرفة متواضعة في دامافاند يتجاوز ميزانيتي المحدودة مهما كانت المدة".

وقادت نوشين (35 عاما) سيارتها قرابة خمس ساعات مع زوجها وطفلها للإقامة مع حماتها في ساري، وهي مدينة قريبة من ساحل بحر قزوين الذي يطل على إيران.

لكن منزل حماتها كان مكتظا بالفعل بأقارب يبحثون عن مأوى، فقررت العودة إلى منزلها أفضل. وقالت "طفلتي تشتاق لغرفتها. أشتاق لمنزلي. إلى متى سنعيش هكذا؟... حتى لو وقع هجوم آخر، أفضل الموت في منزلي".

وشنت إسرائيل هجومها الجوي المفاجئ في 13 يونيو/حزيران وقصفت مواقع نووية وقتلت قادة عسكريين في أسوأ ضربة لإيران منذ غزو العراق في عام 1980. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الهجمات قد تؤدي إلى تغيير النظام.

ومع ذلك، لم تكن هناك أي مؤشرات على اندلاع احتجاجات كبيرة في الشوارع على النظام السلطوي. وقال إيرانيون اتصلت بهم رويترز، ومنهم بعض من يعارضون الجمهورية الإسلامية واحتجوا على سياستها في الماضي، إن الهجمات الجوية دفعت المواطنين إلى الوقوف صفا وحدا في مواجهة ما اعتبروه عدوانا أجنبيا.

ومع ذلك، لا يزال عدد كبير من الإيرانيين يشعرون بالغضب تجاه كبار قادة البلاد. وبالنسبة للعائدين إلى الوطن فإن واقع الاقتصاد المتضرر من العقوبات لا يزال قائما.

وقال محمد (63 عاما) من مدينة رشت "هذا أمرٌ غير مقبول. هذا وحشي. لماذا نتعرض للهجوم بينما يختبئ المسؤولون في أماكن آمنة؟"، مضيفا "ألقي اللوم على صناع القرار في هذا البلد. سياساتهم جلبت لنا الحرب والدمار".

ورغم استهداف إسرائيل لقادة عسكريين ومنشآت تابعة للحرس الثوري الإيراني، أعلنت وسائل إعلام رسمية عن اعتقال مئات الأشخاص على خلفية اتهامهم بالتجسس.

وشوهدت سيارات سوداء تابعة للأمن في شوارع طهران اليوم الثلاثاء، وعبر منتقدون عن مخاوفهم من حملة قمع من جانب السلطات لمنع أي محاولة لتنظيم احتجاجات حاشدة.

وأثارت اتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار اليوم الثلاثاء مخاوف من احتمال اشتعال الحرب من جديد. وقال رجل في أحد شوارع طهران "آمل أن يظل الإسرائيليون ملتزمين بالاتفاق. لقد أثبت التاريخ أنهم لم يلتزموا به قط التزاما حقيقيا، لكنني ما زلت آمل في أن يفعلوا ذلك هذه المرة لأنه في مصلحتنا ومصلحتهم أيضا".