الكويت تفتح باب جمع التبرعات بإجراءات تنظيمية تضمن الشفافية

ضوابط جديدة تحصن مكانة البلاد في مجال التبرعات، بما يكفل وصول المساعدات إلى مستحقيها، ويحفظ حق المتبرعين في معرفة توجه أموالهم.

الكويت - أعادت الكويت فتح باب جمع التبرعات وتنفيذ المشروعات الخيرية في داخل وخارج البلاد، وفقاً لإجراءات تنظيمية تضمن عبرها الشفافية، وتطبيق أعلى معايير الحوكمة، بعد أن أوقفتها لفترة في أبريل/نيسان الماضي بهدف التدقيق في سلامتها من الاحتيال والتلاعب.

وتعرف عمليات جمع التبرعات في الكويت نشاطا مرتبطا بثراء البلاد ورخاء مجتمعها، وهي جزء أساسي من العمل الخيري الذي تعتبره البلاد ميزة لها وذراعا لقوّتها الناعمة، لكنّ شاب هذا النشاط بعض المخالفات التي جعلت من العملية وسيلة لدى البعض لجمع الأموال بطريق ملتوية سعيا وراء الثراء الشخصي غير المشروع.

وجاء قرار السماح بالتبرعات أثناء عقد اجتماع للجنة تنظيم العمل الإنساني والخيري الكويتي، إذ بحث فرص تعزيز كفاءة العمل الإنساني وتنظيمه، بما ينسجم مع المعايير الدولية، ويُحصن مكانة البلاد في مجال التبرعات، بما يكفل وصول المساعدات إلى مستحقيها، ويحفظ في الوقت ذاته حق المتبرعين في معرفة توجيه أموالهم وأوجه صرفها.

وحظي القرار بتفاعل واسع على الشبكات الاجتماعية وترحيبا من قبل الجمعيات الخيرية والناشطين.

وأعربت جمعيات عن تقديرها للفتة الإنسانية:

وناقشت اللجنة في الاجتماع الآلية الجديدة لتنظيم الحوالات المالية بما يتوافق مع توصيات مجموعة العمل المالي، إلى جانب مناقشة مشروع قانون العمل الإنساني الجديد الهادف إلى تطوير، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وحفظ حق المتبرعين في كيفية توجيه أموالهم.

وجاءت الإجراءات الكويتية الجديدة عقب التشديد الذي طالبت به وزيرة الشؤون الاجتماعية الكويتية الدكتورة أمثال الحويلة، في أبريل/نيسان الماضي حينما حذرت العاملين في الجمعيات الخيرية، بأن "سمعة الكويت خط أحمر"، مطالبة إياهم وقف تلقي التبرعات عبر مواقع الجمعيات الخيرية والمبرات الخاصة أو عبر الروابط في برامج ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك حتى إشعار آخر، من أجل المصلحة العامة.

واتّخذت ظاهرة جمع التبرعات في بعض الأحيان أبعادا أكثر خطورة عندما ثارت شكوك بشأن إمكانية استخدام أموال التبرعات في تمويل التشدّد والإرهاب من قبل بعض المرتبطين بجهات متطرفة مثل تنظيم الإخوان المسلمين الأمر الذي يرتّب أعباء على السمعة الدولية للكويت، وهو ما حدا بالسلطات لانتهاج الصرامة والتدقيق لمجال العمل الخيري والمنخرطين فيه.

وأكدت الوزارة حينها أن إيقاف التبرعات المؤقت من شأنه إعادة تنظيم آليات جمع التبرعات، لتوحيد الإجراءات والرقابة على الجهات العاملة، بما يعزز الشفافية والمصداقية في العمل الخيري، فيما ذهبت الوزارة في قرار المنع قدماً بعدما أفادت وسائل إعلام كويتية أن "الشؤون الاجتماعية" أصدرت تعميماً للجهات الخيرية، يحظّر الإعلان في مختلف وسائل التواصل أو الإعلانات المبوبة واللوحات الإعلانية في المجمعات التجارية والأماكن العامة والشوارع والجمعيات التعاونية، إلا بعد الحصول على موافقة كتابية مسبقة، والتنسيق مع الجهات المعنية.

وبينما تمضي الكويت في تشديد إجراءاتها القانونية وتكثيف الرقابة تجاه التبرعات الخيرية، قال الوزيرة الحويلة "إن الملاحظات الواردة في بعض التقارير الدولية بشأن العمل الخيري الكويتي، على غرار تقارير صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية ونظام فاتكا تستوجب وقفة جادة وتعاونية من جميع الجهات المعنية، لتصحيح المسار وضمان التزام العمل الخيري المعايير الدولية والضوابط الوطنية.

وتفتخر الكويت بأنها "مركز للعمل الإنساني" خاصة بعد أن كرمت الأمم المتحدة بمقرها في نيويورك أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عام 2014 بمنحه لقب "قائد للعمل الإنساني" لجهود بلاده في المجال الإنساني والتنموي.

وهناك نحو 160 جمعية خيرية أهلية تجمع عشرات الملايين من الدولارات سنويا وتقدمها كمساعدات إنسانية للعديد من الفئات المحتاجة بالبلدان النامية في العالم، تحت إشراف جهات حكومية في مقدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الخارجية.

ووفقا لوسائل إعلام محلية فقد بلغت المبالغ التي جمعتها هذه الجمعيات في شهر رمضان الماضي 50 مليون دينار (163.10 مليون دولار).

وأكدت مصادر أن الجمعيات الخيرية سوف تعرض على وزارة الشؤون الاجتماعية التفاصيل المتعلقة "بقوة العمل الخيري في الجوانب التقنية، لا سيما وأن هناك إدارات متخصصة في هذه الجمعيات مهمتها حماية المواقع الالكترونية وعمليات الدفع الإلكتروني".

وأضافت إن هذه فرصة لأن تعرض الجمعيات على الوزارة أيضا إجراءاتها في التدقيق، مشيرا إلى أن "غالبية الجمعيات الخيرية الكبيرة لديها اتفاقيات مع أكبر شركات التدقيق المالي العالمية".