عودة العلاقات بين بريطانيا وسوريا تؤسس لدعم التعافي

وزير الخارجية البريطاني يؤكد خلال لقائه أحمد الشرع أن استقرار سوريا سيُقلل من مخاطر الهجرة غير الشرعية ويضمن تدمير الأسلحة الكيميائية ويُعالج خطر الإرهاب.

دمشق - أعلنت بريطانيا اليوم السبت إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وذلك خلال زيارة وزير خارجيتها ديفيد لامي إلى دمشق، فيما تعهدت المملكة المتحدة بدعم جهود التعافي الاقتصادي.

وتعكس هذه الخطوة اعترافًا بريطانيًا بالحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع (زعيم هيئة تحرير الشام سابقًا) كجهة فاعلة وشرعية على الأرض، بعد سنوات من رفض التعامل مع دمشق.

وبعد سنوات من الصراع، تسعى القيادة السورية الجديدة لإعادة بناء الاقتصاد المتدهور، فيما تمهد عودة العلاقات مع بريطانيا، ورفع العقوبات الجزئي، الباب أمام استثمارات ومساعدات دولية حيوية.

وذكر بيان حكومي أن لندن أعلنت عن حزمة من الدعم المالي بنحو 94.5 مليون جنيه إسترليني (129 مليون دولار) ستُوفر مساعدات إنسانية عاجلة لسوريا، وستدعم تعافي البلاد على المدى الطويل من خلال تطوير مجالات مثل التعليم.

وقال لامي في بيان "هناك أمل متجدد للشعب السوري... من مصلحتنا دعم الحكومة الجديدة للوفاء بالتزاماتها ببناء مستقبل مستقر وأكثر أمنا وازدهارا لجميع السوريين".

وبدأ الغرب إعادة تقييم نهجه تجاه سوريا تدريجيا منذ أطاحت قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الإسلامية بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول بعد حرب دامت 13 عاما.

وتأتي زيارة لامي، وهي الأولى لوزير بريطاني منذ 14 عاما، بعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أمر تنفيذي يوقف برنامج العقوبات على سوريا ويُنهي عزلتها عن النظام المالي العالمي ويساعدها على إعادة الإعمار بعد الحرب.

وخففت بريطانيا أيضا عقوباتها في أبريل/نيسان، حين ألغت تجميد أصول مصرف سوريا المركزي و23 كيانا آخر، بما في ذلك بنوك وشركات نفط، لتشجيع الاستثمارات لكنها أبقت على العقوبات التي تستهدف أعضاء من النظام السابق.

وقال لامي عقب لقائه بنظيره السوري أسعد حسن الشيباني والرئيس أحمد الشرع إن استقرار سوريا سيُقلل من مخاطر الهجرة غير الشرعية ويضمن تدمير الأسلحة الكيميائية ويُعالج خطر الإرهاب.

وأوضحت وزارة الخارجية البريطانية أن إطاحة الأسد تشكل فرصة "للتصريح عن كامل برنامج الأسد للأسلحة الكيميائية الشرير وتدميره"، مضيفة أن لندن ساهمت بمبلغ 2.7 مليون دولار إضافي في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لمساعدة سوريا في هذا الإطار.

وفي العام 2018، انضمت المملكة المتحدة إلى ضربات جوية أميركية على مواقع أسلحة كيميائية سورية ردا على هجوم بغاز سام يشتبه في أن الجيش السوري نفذه.

ونقل التلفزيون الرسمي عن المكتب الإعلامي للوزارة أن الشيباني تلقى دعوة رسمية لزيارة المملكة المتحدة حيث سيتم العمل على إعادة فتح سفارة سوريا في لندن.

وجرى الاتفاق بين الجانبين على تشكيل مجلس اقتصادي سوري - بريطاني، كما نقل لامي لنظيره السوري تعهد المملكة المتحدة بدعم قطاعي الزراعة والتعليم.

وشدد الوزير البريطاني خلال تلك الاجتماعات على أهمية "انتقال سياسي شامل يمثل جميع الأطياف" في سوريا وأكد استمرار دعم بريطانيا. وتأتي عودة العلاقات في سياق تقارب أوسع بين دمشق وعدد من الدول العربية والغربية، مما يشير إلى رغبة دولية في إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة.

وتسعى بريطانيا إلى تعزيز شراكاتها الدبلوماسية في المنطقة، ومن المؤكد أن عودة مياه العلاقات مع دمشق إلى مجاريها جزء من هذه الاستراتيجية للحفاظ على الأمن في منطقة الشرق الأوسط.

ومن المقرر أن يتوجه لامي أيضا إلى الكويت، حيث سيكون الأمن الإقليمي وتعزيز العلاقات الثنائية على رأس جدول أعماله. ومن المتوقع أيضا أن يُعلن عن شراكة جديدة مع الدولة الخليجية الثرية لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان.