'حاجة تخوف' تجربة مسرحية تستعرض مخاوف الإنسان المعاصر
أسيوط (مصر) - أسدل الستار على المهرجان القومي للمسرح المصري بالمحافظات، حيث اختتم المخرج خالد جلال الفعاليات بمحافظة أسيوط بعرضه المسرحي "حاجة تخوف" الذي جمع فيه أكثر من خمسين ممثلاً وممثلة.
وقُدم العرض الذي نال إشادات كبيرة من النقاد والفنانين على مسرح قصر ثقافة أسيوط، وسط تفاعل حاشد من الجمهور الذي ملأ القاعة وتصاعدت ضحكاته وانفعالاته مع العمل، وذلك في إطار جولات المهرجان بالمحافظات، والتي تهدف إلى تعزيز العدالة الثقافية، وإتاحة الإبداع المسرحي أمام الجمهور في مختلف أنحاء مصر.
وتنعقد فعاليات الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري في الفترة من 20 يوليو/تموز الجاري وحتى 6 أغسطس/ب المقبل، ويُقام حفل الافتتاح والختام على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، بحضور نخبة من نجوم المسرح والفن والثقافة. ويعمل المهرجان على تحقيق رؤية شاملة للمسرح من خلال ورش وندوات وعروض في المحافظات، واحتفاء خاص بجيل الشباب.
وتؤكد الدورة الثامنة عشر من المهرجان أن الذهاب بالمسرح إلى المحافظات ليس ترفًا، بل هو التزام حقيقي برسالة الثقافة، وهو ما تُجسده عروض مثل "حاجة تخوف" التي تقطع مئات الكيلومترات لتصل إلى جمهورها في الصعيد، حاملة معها رسالة الفن، والتنوير، والإبداع.
ومسرحية "حاجة تخوف" وهي من إنتاج مركز الإبداع الفني، وصياغة وإخراج خالد جلال، تجربة مسرحية فريدة تمزج بين الخيال المسرحي والواقع الاجتماعي، وتستعرض في إطار فني ساخر ومؤثر مخاوف الإنسان المعاصر في ظل المتغيرات النفسية والسياسية والاجتماعية.
ويشارك في العرض مجموعة من المواهب الشابة المتألقة التي تخرّجت من ورش الإخراج والتمثيل تحت إشراف خالد جلال، وقد حاز العمل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة السابعة عشر للمهرجان القومي للمسرح المصري، دورة "سميحة أيوب"، تقديرًا لتجربته الإبداعية الجريئة ولمستواه الجمالي العالي، مما جعله من أكثر العروض التي لاقت اهتمامًا جماهيريًا ونقديًا في عروض المهرجان.
وشهد حفل الختام إلى جانب العرض المسرحي "حاجة تخوف" تكريم الكاتب الكبير درويش الأسيوطي، تقديرًا لمسيرته الطويلة في إثراء الحركة المسرحية والثقافية المصرية، حيث عبّر عن اعتزازه بهذا التقدير في مدينته وبين أبناء الصعيد، كما كرّم الفنان محمد رياض محافظ أسيوط اللواء هشام أبوالنصر، تقديرًا لجهوده في دعم المهرجان وإنجاح فعالياته، مؤكدًا في كلمته أن "المسرح بدون جمهور لا يكتمل، وأسيوط كانت خير مضيف لهذا العرس الثقافي".
وتضمّن الحفل أيضًا تكريم كل المدربين والمبدعين الذين شاركوا في الورش والندوات الثقافية خلال فترة انعقاد المهرجان في المحافظة، وهم الفنان ضياء عبدالخالق، والدكتور حسام عطا الله، والمخرج أسامة عبدالرؤوف، والفنان حسام الدين عبدالعزيز، كما مُنحت شهادات مشاركة لكل المتدربين من شباب أسيوط والصعيد الذين التحقوا بالورش وشاركوا في الفعاليات بجدية وحماس.
ويأتي الختام ضمن توجهات دورة هذا العام من المهرجان التي انطلقت تحت شعار "المهرجان القومي للمسرح في كل مصر"، والتي تعاون فيها المهرجان مع الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وذلك تأكيدًا على أن الثقافة لا تتركّز في العاصمة وحدها، بل تمتد لتشمل مختلف المحافظات المصرية، من خلال تنظيم عروض وورش وندوات، وليؤكد أن المسرح لا يزال فنا حيا قادرا على الوصول والتأثير والتجدد.
وأكد المخرج عادل عبده، مدير المهرجان، في كلمته، أن الدورة الحالية حملت رسالة قوية مفادها أن المسرح للجميع، وأن مصر بثقافتها وفنها باقية ومتجددة في كل محافظاتها، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي بذلتها الفرق المشاركة في هذه الدورة.
ووجّهت الفنانة رانيا فريد شوقي كلمة مؤثرة للجمهور قالت فيها "المسرح في الصعيد له طعم خاص.. وهذه الليلة تؤكد أن الجمهور في كل مكان متعطش للفن الحقيقي"، مشيدة بالحضور الكبير ووعي الجمهور الأسيوطي بالفن المسرحي.
وعبّر الفنان ميدو عادل عن سعادته قائلا "سعيد بمشاركتي في هذا الختام المميز، المسرح هو حياتنا، والصعيد يستحق كل فن راقٍ"، أما الإعلامية بوسي شلبي، فأكدت أن الحدث "يعكس وجهًا مشرفًا للفن والثقافة في مصر، ويجب دعمه إعلاميًا ليصل إلى كل بيت".
وكانت فعاليات المهرجان في المحافظات انطلقت من محافظة الغربية-طنطا، وأوضح خلالها رئيس المهرجان محمد رياض أنه تم اختيار أربع محافظات رئيسية لتمثل أقاليم مصر الجغرافية في المهرجان وهي: محافظة أسيوط ممثلة للوجه القبلي، ومحافظة الإسكندرية ممثلة للوجه البحري، ومدينة طنطا بمحافظة الغربية ممثلة لوسط الدلتا، ومحافظة بورسعيد ممثلة لإقليم القناة، موضحا أن كل عام سيتم اختيار محافظات مختلفة من كل إقليم.
ويُعد المهرجان أحد أبرز الفعاليات الثقافية التي تُنظمها وزارة الثقافة، ويهدف منذ انطلاقه عام 2006 إلى دعم وتطوير الحركة المسرحية المصرية، وتكريم رموز المسرح، والاحتفاء بالإبداع المسرحي بكافة أشكاله واتجاهاته، فهو يشجع الفرق المستقلة والحكومية والجامعية على تقديم أفضل ما لديها من عروض.