نواب تونسيون يطعنون في تعديلات على القانون الانتخابي

الرافضون للتعديلات وعددهم 51 نائبا يؤكدون ان القرار يأتي لإقصاء العديد من المرشحين الأقوياء للرئاسة وليس لحماية التجربة الديمقراطية.
اغلب النواب المؤيدين للطعن ينتمون الى كتلة حزب نداء تونس الحاكم وتكتل الجبهة الشعبية
النواب يرفضون التعديلات بعد انطلاق المسار الانتخابي بتسجيل الناخبين
التعديل ليس نتاج وعي حقيقي بضرورة حماية التجربة الديمقراطية من محاولات التلاعب بها

تونس - قدم 51 نائبا بالبرلمان التونسي طلب طعن لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين في خصوص التعديلات التي أقرها البرلمان الأسبوع الفائت على قانون الانتخابات قبيل أشهر قليلة من موعدها.

وقالت فاطمة المسدي النائبة عن حزب "نداء تونس" الثلاثاء ان "51 نائبا وقعوا على طلب الطعن الذي تم تقديمه الاثنين للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين ومن المنتظر ان تصدر الهيئة قرارها خلال العشرة أيام القادمة".

وغالبية النواب الذين وقعوا على نص الطعن من كتلة حزب "نداء تونس" الحاكم وتكتل الجبهة الشعبية (يسار) وأحزاب أخرى.

وبينت المسدي أن أحد أهم أسباب الطعن تتمثل في القيام بتنقيحات في القانون وقد انطلق المسار الانتخابي منذ مدة بتسجيل الناخبين.

وتجري الانتخابات البرلمانية في تونس في السادس من تشرين الأول/أكتوبر، تليها الرئاسية في 17 تشرين الثاني/نوفمبر.

وأكد حيدر بن عمر الكاتب العام للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين تسلم الهيئة للطلب الاثنين.

وأثار إقرار تعديلات على قانون الانتخابات التونسي جدلا سياسيا واسعا في البلاد، لأنه قد يؤدي الى إقصاء العديد من المرشحين الأقوياء للرئاسة قبل أربعة أشهر من موعد الانتخابات.

وصوت مجلس نواب الشعب على تعديلات مختلفة تطرح شروطا جديدة على المرشح بينها عدم قيامه بتوزيع مساعدة مباشرة لمواطنين او استفادته من دعاية سياسية.

والنص الجديد يمكن ان يحول بشكل خاص دون ترشيح قطب الإعلام نبيل القروي وامرأة الأعمال ألفة ألتراس رامبورغ.

وتقول المعارضة إن تعديل قانون الانتخابات يأتي تلبية لرغبة رئيس الحكومة يوسف الشاهد وأُعدّ على مقاسه لخوض السباق الرئاسي، لكن الشاهد الذي أسس حزبا باسم 'تحيا تونس' بعد خصومات ومعارك مع حزبه السابق 'نداء تونس' لم يعلن رسميا ترشحه للانتخابات الرئاسية.

ويقول انصار التعديل انه ضروري لحماية التجربة الديمقراطية التونسية من يسعون للتحايل على القانون واستغلال ثغرات القانون السابق باستعمال المال الفاسد واستطلاعات راي مشكوك في مصداقيتها وغير محكومة بقانون.

لكن الرافضين للتعديلات يردون بان توقيت الاعلان عنه مرتبط بنتائج استطلاعات الراي التي تضع نبيل القروي في مقدمة من يحظون بالثقة وانه ليس نتاج وعي حقيقي بضرورة حماية التجربة الديمقراطية من محاولات التلاعب بها والتاثير على الناخبين.

ويرى الرافضون لتعديل القانون الانتخابي ان من في الحكم استغلوا في السابق مؤسسات استطلاع الراي ونفس القناة "نسمة" لنبيل القروي للسيطرة على المشهد السياسي.

رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى
موسى ترى التعديلات محاولة لانقاذ اخوان تونس وحليفهم الشاهد

ورفضت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى التعديلات مؤكدة ان الهدف منها انقاذ الإخوان وحليفهم الشاهد من هزيمة انتخابية وشيكة مؤكدة ان التعديل الجديد لا يستهدفها.

وتم التصويت على هذا التعديل بغالبية 128 صوتا مقابل 30 وامتناع 14 عن التصويت.

والفصل 42 مكرر من هذا القانون الانتخابي "لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبيّن للهيئة (الانتخابية) قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية"، أو "تبيّن قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي".

كما تُقر التعديلات الجديدة نسبة عتبة انتخابية بـ3 بالمائة في الانتخابات التشريعية ومنع ترشّح كل من ثبت استفادته من استعمال جمعية أو قناة تلفزيونية للدعاية السياسية أو كل من مجّد الدكتاتورية أو توجّه بخطاب يدعو للكراهية والعنف.
والعتبة الانتخابية هي الحد الأدنى من الأصوات الذي يشترط القانون الحصول عليها من قبل الحزب أو القائمة الانتخابية، ليكون له حق الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في الانتخابات التشريعية. 

وينص البند الأول من مشروع التعديل المصادق عليه على أنه لا تحتسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات الانتخابية التي تحصّلت على أقل من 3 بالمئة من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة الانتخابية في احتساب الحاصل الانتخابي. 
وتُقرر هيئة الانتخابات حسب هذا التعديل إلغاء نتائج الفائزين في الانتخابات التشريعية إذا ثبت لها عدم احترامهم لتلك التعديلات.

وتتّخذ الهيئة قرارا بناء على ما يتوفّر لديها من إثباتات بعد الاستماع إلى المعنيين بقرار رفض الترشح أو إلغاء النتائج وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام القضاء وفق الإجراءات المنصوص عليها بهذا القانون.

وكان القروي، مؤسس قناة نسمة التونسية الخاصة، أعلن في أواخر أيار/مايو ترشحه للانتخابات الرئاسية وذلك في مقابلة بثتها القناة مباشرة مشيدة بأعماله الخيرية في المناطق المهمشة في البلاد.

واقترحت الحكومة هذا التعديل ردا على اعلان القروي ترشيحه.

وأسس القروي قبل عامين منظمة سماها "خليل تونس" تُعنى بتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين.

وحققت المنظمة صدى واسعا مع امتلاك مؤسسها أيضا قناة تلفزيون نسمة الخاصة التي تروج لهذه الأنشطة. وقال إياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة إن الأحزاب السياسية ملزمة منذ 2014 بهذا القانون، لكن القرار الجديد سيشمل المستقلين بهدف تكافؤ الفرص بين المستقلين والأحزاب وبهدف حماية الديمقراطية في تونس.

إلا أن رجل الأعمال نبيل القروي قال "ما يحصل هو انتكاسة قوية للديمقراطية. إنه قانون خصص لإقصائي من السباق بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن ملايين التونسيين ينوون التصويت لي، لكن سوف نتوجه للقضاء للطعن".

وأعلنت بعض الشخصيات نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية من بينها حمادي الجبالي رئيس الوزراء الأسبق والقيادي السابق في حركة النهضة الإسلامية.

على الرغم من المصاعب الاقتصادية التي يشعر بها أغلب التونسيين منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011، فإن تونس تحظى بإشادة واسعة باعتبارها النموذج الديمقراطي الناجح الوحيد في المنطقة بعد صياغة دستور حديث وإجراء انتخابات حرة في 2011 و2014 وانتقال ديمقراطي سلس دون عنف.