هيئة من رحم هيئة لملاحقة حيتان الفساد الكبيرة في العراق

الرئيس الجديد لهيئة النزاهة العراقية يستهل مهامه بتشكيل هيئة عليا جديدة سيكون على عاتقها التحقيق في ملفات الفساد الكبرى في قرار يتناغم مع إعلان رئيس الوزراء أن مكافحة الفساد ستكون على رأس أولويات حكومته.
العراق في المرتبة157 في مؤشر منظمة الشفافية الدولية لمدركات الفساد
اختفاء أكثر من 400 مليار يورو خلال 20 عاما ثلثها ذهب للخارج

بغداد - استهل رئيس هيئة النزاهة العراقية القاضي حيدر حنون مهمته التي تولاها أمس الثلاثاء خلفا للرئيس السابق للهيئة بإعلان تشكيل هيئة أخرى عليا للتحقيق بقضايا الفساد "الكبرى"، بينما يكابد العراق في ملاحقة مليارات الدولارات من المال العام المنهوب داخليا وخارجيا، لكن كثرة الهيئات تثير مخاوف من تشتيت الجهود وتعقيد مسار ملاحقة الفاسدين.

وجاء قرار حنون تناغما مع تعهدات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي تولى حديثا منصبه مثقلا بعدة أزمات مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية لكنه أكد مرارا أن مكافحة الفساد ستكون على رأس أولوياته.

وخلال مؤتمر صحافي بداية الشهر الحالي، وصف السوداني الفساد بأنه "تهديد خطير للدولة العراقية، أخطر من كل التهديدات التي مرت على العراق طيلة الفترة الماضية".

ومنذ تولي السوداني رئاسة الحكومة توالت الإعلانات عن إقالة أو اعتقال مسؤولين بتهم فساد، بينما شكلت قضية نهب أموال من أمانات الضرائب بمصرف الرافدين الحكومي أكبر قضايا الفساد التي تواجه رئيس الوزراء الجديد.

وباشرت السلطات بعد أيام من تعيينه الشهر الماضي التحقيق في سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين الحكومي، وصدرت مذكرات اعتقال بحق المتورطين فيها.

وجاء في بيان هيئة النزاهة الحكومية، إن رئيسها القاضي حيدر حنون أصدر أمرا بتشكيل "الهيئة العليا لمُكافحة الفساد، للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والهامة".

وتضم الهيئة الجديد في عضويتها مديري دائرتي التحقيقات والاسترداد في الهيئة بالإضافة إلى مجموعة من مُحققيها يتم اختيارهم من قبل رئيس الهيئة "قابلين للتغير"، وللهيئة الاستعانة بتحريين وإداريّين من مُوظفيها.

وتقع مسؤولية كبيرة على عاتق الهيئة بالنظر لاستشراء الفساد في العراق حيث تلعب الرشاوى دورا في التنافس على عقود أو مناصب.

وعلى الرغم من تسلل الفساد لغالبية المؤسسات الحكومية، نادرا ما تتخذ أحكام في قضايا تتعلق بمستويات متوسطة في الدولة.

ووفقا لأعداد رسمية نشرت عام 2020، فإن سوء الإدارة في العراق كان السبب وراء اختفاء أكثر من 400 مليار يورو خلال قرابة 20 عاما، ذهب ثلثها إلى خارج البلاد.

وقالت مبعوثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت مطلع أكتوبر/تشرين الثاني "يمثل الفساد المستشري سببا جذريا رئيسا للاختلال الوظيفي في العراق"، مضيفة "بصراحة، لا يمكن لأي زعيم أن يدّعي أنه محمي منه".

ويحتل العراق المرتبة 157 من أصل 180 في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن "مدركات الفساد".

وقال الرئيس الجديد لهيئة النزاهة إنه عازم على "تصعيد وتيرة مُكافحة الفساد ومُلاحقة كبار مُرتكبيه"، مؤكدا أن "الاضطلاع بهذه المهمَّة الجسيمة والنجاح بها يُمثل مسؤولية وطنية وشرعية كبيرة، ووفاء للتضحيات التي بذلها أبناء العراق الغيارى بمُختلف انتماءاتهم لمُواجهة التنظيمات الإرهابية".

وشدد على ضرورة أن يشعر المواطن العراقي بجهود الهئية في مكافحة الفساد وذلك بتقليص مسالكه ومحاسبة الفاسدين وإعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى خزينة الدولة.