أكثر من ملفّ ساخن يدفع بايدن لدعوة السوداني إلى بالبيت الأبيض

بلينكن يشدد خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة العراقية على دعم الولايات المتحدة لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.
وزارة الخزانة الأميركية تلوّح بتشديد القيود على المصارف العراقية لكبح التدفقات المالية لإيران
أعضاء بالكونغرس يحثون بايدن على دعم كردستان العراق

 واشنطن - تلقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دعوة من الرئيس الأميركي جو بايدن لزيارة البيت الأبيض، بالتزامن مع مشاركة السوداني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، فيما تدرس الولايات المتحدة فرض قيود جديدة على المصارف العراقية في سياق إجراءتها الهادفة إلى كبح تهريب الدولارات إلى إيران.

وتتزامن هذه الدعوة مع تلويح وزارة الخزانة الأميركية بفرض قيود إضافية على البنوك العراقية الخاصة التي يشتبه في تهريبها أموالا طائلة بالدولار إلى إيران، فيما يبدو أن السلطات العراقية فشلت في تنفيذ تعهداتها بتشديد الخناق على المصارف التي تمثل واجهة لاختراق إيراني للنظام المالي العراقي.

والأسبوع الماضي التقت مساعدة وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب والجرائم المالية إليزابيث روزنبرغ رئيس الوزراء العراقي ومحافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق وممثلي مصارف القطاع الخاص العراقي ببغداد

ودعت المسؤولة الأميركية إلى "ضرورة تحسين القطاع المالي في العراق والحد من تمويل الإرهاب".

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن "الجانبين اتفقا على أن هناك فرصا وتحديات لتحسين القطاع المالي في العراق والعمل معا نحو إصلاحات هادفة ومستدامة لجلب العراق إلى المعايير الدولية ومنع الاحتيال والتهرّب من العقوبات وتمويل الإرهاب وغيرها من الأنشطة غير القانونية".

وتفرض الولايات المتحدة قيودا على العديد من المصارف العراقية، ضمن مساعيها لكبح التدفقات المالية بالعملة الصعبة للحرس الثوري الإيراني أو الجماعات المرتبطة به داخل وخارج إيران.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الجمهورية الإسلامية أنشأت شبكة واسعة للالتفاف على العقوبات الأميركية وخلق منافذ سرية لتدفقات العملة الأجنبية ومن بينها بنوك عراقية وتجار العملة على الحدود الإيرانية الأفغانية.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي للسوداني أن "رئيس الوزراء بحث خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الاثنين أوجه التعاون بين العراق والولايات المتحدة الأميركية وسبل تعزيز الشراكة في مختلف المجالات والصعد".

وتابع أن "بلينكن نقل دعوة الرئيس بايدن إلى السوداني لزيارة البيت الأبيض من أجل المزيد من التباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين".

وأعرب رئيس الوزراء العراقي عن رغبة بغداد في "تطوير علاقات الشراكة مع الولايات المتحدة في العديد من المجالات ومن بينها مواجهة آثار التغير المناخي والاستثمار في قطاع الطاقة"، مرحبا "بإسهام الشركات الأميركية في الفرص الاستثمارية بالعراق".

وشدد على "أهمية التعاون المشترك في المجال الأمني لمحاربة داعش، في ضوء تنامي القدرات والإمكانيات القتالية للقوات الأمنية العراقية وقدراتها للحفاظ على الأمن في جميع أنحاء العراق".

بدوره أشار بلينكن إلى "تقدير الإدارة الأميركية للخطوات العملية التي أجراها العراق بهدف تنويع مصادر الطاقة والاستثمار الأمثل للغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي عبر توقيع عقود مع شركة "توتال" والربط الكهربائي مع دول الجوار"، مؤكداً حرص الولايات المتحدة على التعاون مع العراق في العديد من الملفات، مجدداً دعم الولايات المتحدة لاستقراره وتنميته وازدهاره، وفق البيان.

وذكرت وسائل إعلام رسمية عراقية أن السوداني، الموجود في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال إنه سيتم تحديد موعد الزيارة الرسمية لواشنطن في وقت لاحق.

ولم يجتمع بايدن والسوداني منذ تولى رئيس الوزراء العراقي منصبه العام الماضي بعد اختياره من قبل ائتلاف من أحزاب وجماعات شيعية موالية لإيران.

ومنذ ذلك الحين، أصبح عليه تحقيق توازن دبلوماسي مع إيران والولايات المتحدة اللتين جعلتا من الساحة العراقية مسرحا لصراعهما.

وتعتقد الإدارة الأميركية أن قدرة طهران على تعزيز نفوذها في جارتها الغربية تهديد مستمر لمصالحها في المنطقة.

والعراق شريك وثيق للولايات المتحدة منذ الغزو الأميركي عام 2003، ويقول البلدان إنهما يحاولان توسيع علاقتهما من التركيز على الدفاع ومكافحة الإرهاب إلى التعاون الاقتصادي.

وشدد بلينكن خلال الاجتماع على دعم الولايات المتحدة لاستئناف عمليات خط الأنابيب بين إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق وتركيا والذي توقفت تدفقات النفط خلاله منذ مارس/آذار.

وقالت تركيا الأسبوع الماضي إن خط الأنابيب، الذي يساهم بنحو 0.5 في المئة من إمدادات النفط العالمية، سيكون جاهزا لاستئناف العمليات قريبا، لكن لم يتضح ما إذا كانت بغداد وأنقرة قد اتفقتا على شروط استئناف تدفقات الخام.

وبعث ثلاثة من أعضاء الكونغرس الأميركي برسالة إلى الرئيس جو بايدن، قالوا فيها إن هناك حاجة إلى نهج أميركي جديد ييسر معاودة فتح خط الأنابيب بين إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق وبين تركيا.

وسيعود استئناف هذه التدفقات النفطية بالنفع على الولايات المتحدة في ظل تقليص مجموعة أوبك+ لإمدادات النفط العالمية وارتفاع الأسعار.

وقال ثلاثة أعضاء بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي في الرسالة إن "حكومة إقليم كردستان هي أحد شركاء الولايات المتحدة الذين يمكن التعويل عليهم في منطقة الشرق الأوسط".

وأضافت الرسالة أن إغلاق خط الأنابيب أفقد الإقليم العراقي معظم إيراداته، مشيرة إلى أن رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان مسرور برزاني حذر هذا الشهر في رسالة إلى بايدن من أن الاستنزاف الاقتصادي للإقليم قد يؤدي إلى انهياره.

وأشارت إلى أن حكومة إقليم كردستان "تتعرض لاختناق اقتصادي وضغوط سياسية وقانونية وتهديد عسكري من إيران والعناصر المدعومة من إيران في بغداد".

وفي سياق متصل أشاد بلينكن "بالتزام رئيس الوزراء العراقي باستقلال القضاء فيما يتعلق بإدانات وأحكام صدرت في الآونة الأخيرة على عدة أفراد بتهم الإرهاب فيما يتعلق بمقتل المواطن الأميركي ستيفن ترول". 

ولم يعلن المسؤولون في القضاء أسماء المتهمين لكنهم قالوا إن العراقيين الأربعة أعضاء في فصيل شيعي.

وأصدر العراق أحكاما الشهر الماضي على إيراني وأربعة عراقيين بالسجن المؤبد على خلفية مقتل ترول في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في أحد الأحياء التي تقطنها الطبقة المتوسطة بوسط بغداد.

واتفقت الولايات والعراق في أعقاب "حوار التعاون الأمني المشترك" بين البلدين الذي انعقد في اشنطن في أغسطس/آب الماضي على دعم الشراكة الإستراتيجية، فيما جددت بغداد "التزامها بحماية الأفراد والمستشارين الأميركيين والتحالف الدولي والقوافل والمنشآت الدبلوماسية".

كما اتفق البلدان على تطوير قدرات بغداد الأمنية والدفاعية، بما يضمن تعزيز أمن العراق وسيادته واستقرار المنطقة.