الإمارات تخصص ميزانية هامة للتمويل الأخضر

سلطان الجابر يؤكد أنه يحترم العلم الذي يوصي بخفض كبير في الانبعاثات، مستدركا أن المصير المحدد للوقود الأحفوري لتحقيق هذا الهدف ما زال غير معروف.

دبي - خصصت بنوك الإمارات تريليون درهم (نحو 270 مليار دولار للتمويل الأخضر)، وفق ما أعلنه رئيس اتحاد مصارف الإمارات عبدالعزيز الغرير اليوم الاثنين أمام مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب28)، فيما تنضاف هذه الخطوة إلى قائمة من التعهدات بشأن كافة الأمور بدءا من بناء الطاقة المتجددة إلى مساعدة المزارعين على تحسين جودة التربة.

وقال الغرير "في هذه اللحظة المحورية، يشرفني أن أعلن عن التزام تاريخي بتحقيق طموح دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعهدت الخدمات المصرفية لاتحاد مصارف الإمارات والبنوك الوطنية بشكل جماعي تخصيص أكثر من تريليون درهم".

وأكد سلطان الجابر الرئيس الإماراتي لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ اليوم الاثنين أنه يحترم العلم الذي يوصي بخفض كبير في الانبعاثات، لكن المصير المحدد للوقود الأحفوري لتحقيق هذا الهدف ما زال غير معروف.

وفي اليوم الخامس للمؤتمر، قال الجابر في مؤتمر صحافي دعا إليه جيم سكيا، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، "نحن هنا لأننا نؤمن بالعلم ونحترمه كل أعمال الرئاسة تتركز وتتمحور حول العلم".

وتعرض الجابر على مدى أشهر لانتقادات من قبل بعض المدافعين عن البيئة لكونه أيضًا رئيس شركة النفط الإماراتية العملاقة أدنوك. وخلال المؤتمر الصحافي بادر بالدفاع عن موقفه قبل أن يوجه إليه أي سؤال.

وقال إن "العلم يقول إنه يجب علينا تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050 ويجب علينا خفض الانبعاثات بنسبة 43 في المئة بحلول عام 2030" للحد من ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الذي حدده اتفاق باريس.

وتأتي تصريحاته ردًا على جدل أثير بعدما نقلت الأحد صحيفة "ذي غارديان" البريطانية عن الجابر قوله إنه "لا توجد دراسة علمية ولا سيناريو يقول إن التخلص من الوقود الأحفوري سيسمح لنا بالوصول إلى 1.5 درجة مئوية. 1.5 درجة مئوية هي النجم الذي اهتدي به. وخفض الوقود الأحفوري والتخلي عنه هو في رأيي أمر لا مفر منه. إنه ضروري. ولكن علينا أن نكون جادين وعمليين".

والاثنين اضطر لأن يوضح موقفه حول مسألة الطاقة التي تعد محور مناقشات المندوبين في مؤتمر كوب 28 بقوله "لقد قلت مرارا وتكرارا أن الحد من الوقود الأحفوري والتخلي عنه أمر لا مفر منه".

وبذلك، رفض أن يحسم بين خياري الخفض التدريجي أو التخلي التدريجي عن النفط والغاز والفحم اللذين يعدان موضوع مفاوضات طويلة وشائكة في أروقة وقاعات المؤتمر.

وقال "أستغرب المحاولات المستمرة والمتكررة لتقويض عمل رئاسة كوب 28... هذه هي الرئاسة الأولى لمؤتمر الأطراف التي تدعو الأطراف (دول مؤتمر الأطراف) إلى اقتراح صيغ بشأن جميع أنواع الوقود الأحفوري"، لكن وسائل الإعلام لا تولي اهتمامًا لذلك.

وقبل المؤتمر الصحافي، نشرت رئاسة المؤتمر ملخصًا للأيام الأولى للمؤتمر اكتفت فيه بالحديث عن "الخفض" التدريجي، مما أثار حالة من الإرباك، في حين ينبغي عليها أن تبقى محايدة.

فالأمر في الواقع متروك للدول الممثلة في دبي، وهي حوالي 200 دولة، لاتخاذ قرار بذلك، والخياران واردان في الوقت الراهن في المسودة الأولى للنص الرئيسي الذي يجب أن يصدره المؤتمر قبل انتهائه نظريًا في 12 ديسمبر/كانون الأول، في شكل "تقييم عالمي" لاتفاق باريس لعام 2015..

وينتظر عشرات الآلاف من المندوبين المتواجدين في دبي بفارغ صبر النسخة الثانية من المسودة التي تلخص مواقف الدول المتناقضة في كثير من الأحيان.

ويواصل المندوبون اجتماعاتهم وكذلك المناقشات "غير الرسمية" لمحاولة تحقيق تقدم. ولكن حتى الوقت الحالي، ما زال الجميع متمسكين بمواقفهم التقليدية، بحسب المشاركين الذين قابلتهم وكالة فرانس برس.

وتدافع الدول الجزرية الصغيرة والكثير من دول أميركا اللاتينية، مثل كولومبيا والبيرو وتشيلي وغيرها، بقوة عن هدف 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب التخلي عن الوقود الأحفوري في أسرع وقت ممكن. ويؤيدها في ذلك الاتحاد الأوروبي.

وتؤيد ذلك أيضا دول متقدمة أخرى، منتجة للوقود الأحفوري مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والنروج، ولكنها لا ترفع سقف طموحها خلال العقد الحالي.

أما معظم الدول الإفريقية، فهي وإن كانت تؤيد أيضًا التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، فإنها تشترط أن يكون لديها إطار زمني أطول بكثير من الدول المتقدمة.

وتتجه أنظار مؤيدي التخلص من النفط والفحم والغاز إلى الصين، المستهلك الرئيسي لها، وكذلك إلى المملكة العربية السعودية. وقال مفاوض أوروبي "إنهم يدفعون باتجاه استخدام تكنولوجيات احتجاز الكربون في كل ركن من أركان المفاوضات".

وأعرب مراقب آخر عن أسفه لأن "الأطراف تستغل المناقشات لتضيف إليها كافة أولوياتها، مما قد يجعل النص طويلاً جدًا ويصعب التعامل معه".

وقال دبلوماسي إنه من الضروري الآن إدراج قضايا "خلافية" في النص، مثل قضية الطاقة أو المسؤوليات التاريخية لكل طرف.

وتتزايد الإعلانات بشأن أرصدة الكربون في مؤتمر "كوب28" من دون انتظار الإطار المشترك الذي يُفترض أن ينظم هذه الممارسة المثيرة للجدل ويتم التفاوض عليه في دبي وهو ما يدفع المنظمات غير الحكومية إلى التحذير من الخطر المتنامي "للغسل الأخضر".

وقال المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري خلال مداخلته الأحد في مؤتمر الأطراف في دبي حول "مسرِّع تحول الطاقة" الذي اقترحته بلاده، إنه "فكرة جديدة وجريئة". ومع ذلك، فإن المفهوم ليس جديدا لأنه ينطوي على توليد أرصدة الكربون.

ويعادل كل رصيد كربوني عادة طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون الذي يتم امتصاصه بفضل مشروع يهدف، على سبيل المثال، إلى تجنب إزالة الغابات أو يتيح الاستعانة بتكنولوجيا احتجاز الكربون.

وفي حالة "المسرِّع" الأميركي، وهو شراكة بدأت في مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين المعني بتغير المناخ العام الماضي بين واشنطن ومؤسسة روكفلر وصندوق أنشأه رئيس أمازون جيف بيزوس، ستركز المشاريع الممولة على تحول الطاقة.

ومن أهداف الشراكة "زيادة قدرات الطاقة المتجددة" و"مد كابلات كهربائية" وحتى "إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم". ومن ثم فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون "التي يتم تجنبها" بفضل هذه المشاريع ستكون قادرة على توليد أرصدة يمكن استخدامها من قبل الشركات و وربما الدول، لتعويض انبعاثاتها.

وتتنافس حوالي عشر شركات لشراء أرصدة من مشاريع في ثلاث دول "تجريبية" هي تشيلي وجمهورية الدومينيكان ونيجيريا. ومن بين هذه الشركات أمازون وبنك أوف أميركا وماستركارد وماكدونالدز وبيبسيكو وول مارت.

وقال جون كيري "يمكن لهذا أن يدر عشرات المليارات من الدولارات"، مؤكدا أن أرصدة الكربون المنتجة ستكون "ذات جودة عالية" وليس "مثل تلك التي تتصدر عناوين الأخبار"، في إشارة إلى التحقيقات التي نشرت في الأشهر الأخيرة وسلطت الضوء على أسباب الأزمة التي تواجهها الغالبية العظمى من مشاريع أرصدة الكربون المتداولة.

وعلقت إريكا لينون، محامية مركز القانون البيئي الدولي (CIEL)، على الإعلان بأن وصفته بأنه "ذر للرماد في العيون يهدف إلى صرف الانتباه عن مساهمة الولايات المتحدة الضعيفة في التمويل المناخي".

وردًا على الانتقادات، تقول الإدارة الأميركية إنها تعمل مع البنك الدولي على وضع معايير الجودة. وعرض البنك الجمعة خطة للسماح لـ 15 دولة نامية بالوصول إلى سوق الكربون بحلول عام 2028 بفضل حماية غاباتها، مع معايير "متشددة". ولكن هذا النوع من المشاريع يتعرض لانتقادات كثيرة.