السعودية تنتقد تلاعبا أميركيا بالأسواق في أحدث حلقة توتر

وزير الطاقة السعودي يحذر من أن البعض يستنزف احتياطاته النفطية وأن فقد الاحتياطي الاستراتيجي قد يكون مؤلما خلال الأشهر المقبلة في إشارة إلى واشنطن دون ذكرها بالاسم.
الفالح يرى أن الرياض وواشنطن قادرتان على تجاوز التوترات الأخيرة
وزير الطاقة السعودي: في السعودية قررنا أن نكون الشخص الناضج وليكن ما يكون

الرياض - لم يهدأ السجال بين الولايات المتحدة والسعودية والذي يأتي على وقع توتر في العلاقات تفاقم على إثر قرار التحالف النفطي الذي يضم الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وعددهم 13 و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا، خفض الانتاج بنحو مليوني برميل يوميا لدعم استقرار الأسواق.

وفي أحدث حلقات الخلاف بين الحليفين، انتقد وزير الطاقة السعودي الثلاثاء قرار الولايات المتحدة سحب ملايين البراميل من احتياطها النفطي الاستراتيجي، معتبرا الأمر بمثابة "تلاعب بالأسواق".

وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان أمام مؤتمر 'مبادرة مستقبل الاستثمار' في الرياض "الناس يستنزفون احتياطاتهم الإستراتيجية، استنزفوها، يستخدمونها كأداة للتلاعب بالأسواق في ما غرضها الرئيسي كان تخفيف نقص المعروض" النفطي.

وتابع الوزير السعودي وهو نجل الملك سلمان "لكن من واجبي العميق أنّ أوضح للعالم أن فقد الاحتياطي الاستراتيجي قد يكون مؤلما خلال الأشهر المقبلة".

ولم يذكر الأمير عبدالعزيز صراحة الولايات المتحدة خلال كلمته، لكنها تأتي بعد أقل من أسبوع من قرار الرئيس جو بايدن سحب 15 مليون برميل إضافي من النفط من احتياطها الاستراتيجي في محاولة لخفض أسعار النفط.

وتشكل هذه الكمّية التي سيتمّ ضخّها في السوق في ديسمبر/كانون الأول، الشريحة الأخيرة من برنامج أعلن عنه الرئيس الأميركي في الربيع ويقضي بضخ 180 مليون برميل لمواجهة ارتفاع أسعار النفط المرتبط بالغزو الروسي لأوكرانيا.

كما تأتي التصريحات في أعقاب إعلان تحالف 'أوبك بلاس' خفضا كبيرا في حصص الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني وهو الشهر الذي تجري فيه انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس.

واعتبر البيت الأبيض قرار الكارتل النفطي الذي تقوده السعودية اصطفافا إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا. وهو الطرح الذي رفضته المملكة رسميا وجدّد الأمير عبدالعزيز استبعاده الثلاثاء.

وتعترض الولايات المتحدة على الخفض لأنه يبقي أسعار النفط مرتفعة، بينما التحالف يرى أن الخفض ضروري في ظل توقعات ركود الاقتصاد العالمي وبالتالي انخفاض الطلب على الخام.

وقال "اسمع باستمرار إلى هل أنتم معنا أم ضدنا؟ هل هناك أي مساحة أننا مع السعودية ومع الشعب السعودي؟"، قبل أن تضج القاعة بالتصفيق.

'دافوس في الصحراء' يستقطب مئات الرؤساء التنفيذيين ورجال الأعمال الأميركيين رغم التوتر بين الرياض وواشنطن
'دافوس في الصحراء' يستقطب مئات الرؤساء التنفيذيين ورجال الأعمال الأميركيين رغم التوتر بين الرياض وواشنطن

وردا على سؤال كيف يمكن إعادة الشراكة طويلة الأمد بين الرياض وواشنطن إلى مسارها الصحيح، قال "اعتقد أننا في السعودية قررنا أن نكون الشخص الناضج وليكن ما يكون".

ويحضر مئات من الرؤساء التنفيذيين وقادة القطاع المالي في الرياض المؤتمر الاستثماري الذي يطلق عليه "دافوس في الصحراء"، ويقول محللون إنه سيسلط الضوء على القوة الجيوسياسية للسعودية رغم توتر علاقتها مع الولايات المتحدة.

وأطلقت "مبادرة مستقبل الاستثمار" في 2017 كنافذة على العالم لأكبر مصدّر للنفط في العالم، فيما يحاول تنويع اقتصاده بعيدا عن النفط تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ويُتوقع أن يحضر ما يصل إلى 400 مدير تنفيذي أميركي نسخة هذا العام، رغم أن المؤتمر يشهد غياب تمثيل أميركي رسمي لأول مرة. وأفاد منظم الفاعلية الأسبوع الماضي أنه لم تتم توجيه دعوات إلى مسؤولين أميركيين.

وخلال ندوة صباح الثلاثاء، أعرب جيمي ديمون المدير التنفيذي لمصرف "جي بي مورغن" الأميركي عن تفاؤله بأن تتحسن العلاقات الثنائية بين البلدين في نهاية المطاف.

وقال إنّ "السعودية والولايات المتحدة كانا حليفين خلال الـ75 سنة الماضي وسيعملان على حلّ الأمر"، مضيفا أنّ "البلدين سيبقيان حليفين مستقبلا".

وتؤكد السعودية على حرصها على العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة لكن بالنسبة لقرار أوبك+ فهو اقتصادي بحت لا علاقة له بالمسائل السياسية ولا يخرج عن سياق الحفاظ على استقرار الأسواق.

وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إن الولايات المتحدة تعد حليفا قويا للمملكة، مؤكدا قدرة البلدين على تخطي التوترات الأخيرة بينهما.

وأضاف في جلسة حوارية خلال مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" بالعاصمة الرياض، الثلاثاء، أن "العلاقات مع الولايات المتحدة تاريخية وصلبة، لكن منذ 80 عاما مرت تحت الجسر مياه كثيرة"، في إشارة إلى تعرضها لتوترات سابقة لكنها مرت.

وتأكيدا لوجهة نظره، قال الفالح إنه رغم الخلافات الأخيرة، إلا أن عددا من كبار المسؤولين الماليين الأميركيين شاركوا في المؤتمر.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك غولدمان ساكس ديفيد سولومون، إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، قد يرفع أسعار الفائدة لما يتجاوز 4.5 و4.75 بالمئة إذا لم يلمس تطورات حقيقية لـ"انخفاض معدلات التضخم".

وأضاف خلال المؤتمر "أنا مع الرأي الذي يقول إنه من المرجح حدوث ركود في الولايات المتحدة وأظن أننا نمضي في اتجاهه وربما نشهد بالفعل ركودا في أوروبا".

ورفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة إلى ما بين 3 و3.25 بالمائة في 21 سبتمبر/أيلول الماضي لمواجهة التضخم.