النزاع بين الخطوط القطرية وايرباص يمتد خارج أروقة المحاكم

إلى جانب الإجراءات القانونية، تبحث إيرباص خططا داخلية للمضي قدما في القضية على جبهات سياسية وتنظيمية وتجارية متعددة كجزء من الجلسات التحضيرية للمحاكمة.
فرنسا وقطر تبحثان عن حل للأزمة بين ايرباص والخطوط القطرية
فرنسا تريد تهدئة النزاع مع الخطوط القطرية بينما تحتاج للغاز القطري
هل تعدل المصالح بين قطر وفرنسا بتسوية النزاع بين ايرباص والخطوط القطرية

باريس/لندن - دخل الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد على خط الأزمة المشتعلة بين الخطوط القطرية وشركة ايرباص عملاق صناعة الطائرات الأوروبية، في علامة على امتداد النقاش حول أسوأ أزمة بين الشركتين إلى خارج أروقة المحاكم، بينما عاد الطرفان اليوم الجمعة إلى ساحة القضاء في لندن لاستئناف معركة قضائية ستسلط الضوء على علاقاتهما مع الجهات التنظيمية للمونديال قبل تسعة أيام من انطلاقه في الدوحة، ضمن نزاع حول سلامة طائرات إيه350.

ولم يسبق أن تم الكشف عن مناقشة ماكرون والشيخ تميم للأزمة بين ايرباص والخطوط القطرية، لكن مسؤولا فرنسيا ورسائل داخلية بالبريد الإلكتروني لشركة إيرباص تم الكشف عنها في الآونة الأخيرة في إطار نزاع قضائي في بريطانيا، أوضح أن الخلاف بين العملاق الأوروبي لصناعة الطائرات وأحد أهم زبائنه حول طائرات ممنوعة من التحليق من طراز إيه350 حظي باهتمام الزعيمين الفرنسي والقطري.

وقال المسؤول الفرنسي إن الزعيمين بحثا المسألة خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدوحة في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي.

ويمثل النقاش أول تأكيد لامتداد الخلاف المتعلق بالتعاقد والسلامة إلى خارج أروقة المحاكم، فيما أدى الخلاف إلى تدهور العلاقات بين الشركتين وإلغاء غير مسبوق لطلبيات كبيرة.

وقال المسؤول متحدثا بالنيابة عن مكتب ماكرون "نؤكد أن الموضوع طُرح مع جوانب أخرى للعلاقات الاقتصادية الثنائية".

وكان المسؤول الفرنسي يرد على استفسار بشأن رسائل بريد إلكتروني لم يتم الإعلان عنها سابقا وكُشف عنها الشهر الماضي في وثائق المحكمة في إطار النزاع القضائي في بريطانيا بين الخطوط الجوية القطرية وإيرباص تتعلق بمطالبات بتعويضات إجمالية عن الأضرار تقترب من ملياري دولار.

وأرسلت إيرباص رسائل البريد الإلكتروني إلى شركة الطيران بموجب إجراءات إفصاح قانوني قبل محاكمة مقررة مبدئيا في منتصف عام 2023، ما لم يتم التوصل إلى تسوية قبل ذلك.

وتقول شركة الطيران إن تشققا واسعا في الطلاء كشف عن أضرار أعمق في سطح الطائرات مما دفعها للتوقف عن تسلم الطلبيات. كما منعت الهيئة التنظيمية القطرية المعنية تدريجيا تحليق 29 طائرة بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة على مدار العام الماضي.

وأقرت إيرباص بوجود مشاكل في الجودة في هذا الطراز الخاص بالمسافات البعيدة لكنها تنفي وجود أي خطر على السلامة وألغت جميع الطلبيات الجديدة مع الخطوط الجوية القطرية التي زادت مشترياتها من بوينج المنافسة.

ويشكل الخلاف شقاقا علنيا في قلب صناعة الطيران البالغة قيمتها 150 مليار دولار مع وجود ملايين الدولارات على المحك.

وإلى جانب الإجراءات القانونية، بحثت إيرباص أيضا خططا داخلية للمضي قدما في القضية على جبهات سياسية وتنظيمية وتجارية متعددة، وذلك بحسب عدة رسائل أرسلت بالبريد الإلكتروني وتم الكشف عنها كجزء من الجلسات التحضيرية للمحاكمة.

وكتب مهندس كبير في إيرباص في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى سابين كلاوك كبيرة المسؤولين الفنيين بالشركة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي "سياسيا: زيارة السيد ماكرون والرئيس التنفيذي لشركة إيرباص جيوم فوري للشيخ (ح) في نهاية الأسبوع الماضي يمكن أن تسفر عن بعض النفوذ، الذي لم يتضح بعد".

والتقى ماكرون بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قبل ذلك بخمسة أيام بمناسبة مرور 50 عاما من العلاقات مع حليف اقتصادي مهم. كما اجتمع الزعيمان في غداء عمل في باريس في مايو/أيار.

وقال بعض الدبلوماسيين الأوروبيين لرويترز إن الضغوط تتزايد للحفاظ على علاقات طيبة مع قطر في الوقت الذي تواجه فيه القارة شتاء صعبا مع نقص في إمدادات الطاقة بينما تعتبر الدولة الخليجية موردا بديلا للغاز عن روسيا.

وتم تضمين البريد الإلكتروني الذي يعود للثامن من ديسمبر/كانون الأول في إفادة شهود متاحة علنا قُدمت مع وثائق لجلسة تمهيدية في أكتوبر/تشرين الأول.

وتشير رسائل أخرى بالبريد الإلكتروني إلى أن مفاوضات بدأت في نهاية العام الماضي بينما كانت المعركة القانونية قد بدأت تتكشف.

وجاء في بريد الثامن من ديسمبر/كانون الأول الخاص بإيرباص "ينبغي مواصلة العمل على الجانبين الأخيرين (السياسي والتجاري) بالتوازي لإيجاد مخرج سريع من الأزمة مع وضع مربح للجانبين".

الخطوط القطرية تتهم ايرباص بالتأثير على وكالة 'إياسا'

وقالت الخطوط الجوية القطرية في مرافعات قدمتها لمحكمة في لندن اليوم الجمعة إن شركة إيرباص سعت لممارسة تأثير على وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي (إياسا) في ما يتعلق بنزاعهما بشأن طائرات من طراز إيه350، وإنها وضعت للوكالة "المسار الذي يتعين اتخاذه" في التواصل مع الآخرين.

وقالت الشركة القطرية في مرافعات مكتوبة قدمتها خلال جلسة إجرائية في دائرة بالمحكمة العليا في لندن "لقد سعت إيرباص، ويبدو أنها نجحت في ممارسة تأثير على وكالة سلامة الطيران الأوروبية".

وعقب متحدث باسم العملاق الأوروبي لصناعة الطائرات بالقول "لقد اتبعت الشركة جميع الإجراءات ذات الصلة بما في ذلك إشراك وكالة سلامة الطيران الأوروبية، وهو أمر سليم وطبيعي تماما لأنها الجهة صاحبة السلطة في الطيران المدني".

ويوضح خبراء في العلاقات العامة أن "المسار الذي يتعين اتخاذه" هو مجموعة من النقاط التي تستخدمها عادة إيرباص وجهات أخرى، مثل الإدارات الحكومية في بريطانيا، للتوضيح والرد على أسئلة وسائل الإعلام.

ويأتي هذا الادعاء بعد تعليقات سابقة لإيرباص خلال القضية قالت فيها إنها تشتبه في أن الخطوط الجوية القطرية تواطأت مع الجهات التنظيمية في قطر لإيقاف تحليق الطائرات بسوء نية للحصول على تعويض من إيرباص، وهو ما تنفيه الخطوط القطرية.

وقد يترتب على مزاعم التنسيق مع الجهات التنظيمية تأثيرات على المدى الذي ينبغي أن يذهب إليه كل طرف في تقديم الوثائق الداخلية في القضية، التي أدت بالفعل للكشف عن تفاصيل غير مسبوقة تخص صناعة الطائرات التي تقدر قيمتها بنحو 150 مليار دولار.

ويطالب كل جانب بتسليم المزيد من اتصالات ورسائل الرؤساء التنفيذيين في الجانب الآخر قبل محاكمة محتملة في عام 2023.

وتقول إيرباص إن الخطوط الجوية القطرية أعادت طلاء طائرتين وواصلت تشغيلهما رغم اعتبارهما في السابق متضررتين على الأقل بنفس القدر كتلك الممنوعة من التحليق، مشيرة إلى أن هذا يثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت مخاوفها بشأن صلاحية طائرات إيه350 حقيقية.

ولم يصدر تعليق فوري من الخطوط الجوية القطرية قبل مرافعات قضائية أخرى متوقعة في وقت لاحق، بينما التزمت الهيئة العامة للطيران المدني في قطر حتى الآن الصمت.