سفير فرنسي سابق: باريس تخطط فعليا لاعتراف رسمي بمغربية الصحراء

دريانكور يؤكد أن ماكرون يعي أهمية المغرب فباريس لديها مصالح أكبر مع المملكة مقارنة بالجزائر خصوصا على المستوى الاقتصادي.

باريس - كشف كزافيي دريانكور السفير الفرنسي السابق في الجزائر، أن بلاده تخطط بالفعل للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، معلنا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيقوم بزيارة إلى المغرب ستحمل توصيف "زيارة دولة" لأول مرة. وتحظى عملية تسريع نمو العلاقات الاقتصادية بين الجانبين المغربي والفرنسي بأهمية خاصة في هذه المرحلة.

وأورد دريانكور الذي كان سفيرا لفرنسا بالجزائر لمدة سبع سنوات، في لقاء مع موقع صحيفة "لوفيغارو" نشر على حسابها بنصة اكس (تويتر سابقا)، إنه مقتنع بأن قصر الإليزيه يخطط للإعلان عن اعتراف فرنسي رسمي بالسيادة المغربية على الصحراء، مبرزا أن مستقبل العلاقات بين الرباط وباريس متوقف على هذا الأمر، بعد التحسن الذي شهدته مؤخرا.
وتتالى في الأيام الأخيرة تصريحات المسؤولين الفرنسيين بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء حيث ساعات أعرب وزير التجارة الخارجية فرانك ريستر، الأسبوع الماضي عن استعداد بلاده للاستثمار إلى جانب الرباط في الصحراء المغربية كما أكد في تصريحات صحفية أخرى أن الوقت حان "لإنعاش العلاقة" بين بلاده والرباط.

وتكتسب تصريحات دريانكور أهميتها باعتباره سفيرا سابقا في الجزائر ويدرك جيدا خفايا تعقيدات المسألة، حيث أشار إلى أن الجزائر تعلم ذلك، وهو ما يفسر الخلاف بينها وبين فرنسا، مبرزا أن باريس الآن مخيرة بين الدخول في صدام مع الجزائريين في حال اعترافها بمغربية الصحراء، أو تعويض الجزائر عن هذا التقارب مع الرباط من خلال امتيازات جديدة، ورغم إقراره بأنه الوضع معقد إلا أنه شدد على أن دعم سيادة المغرب على الصحراء أصبح "جزءا من الحقائق".

وقال دريانكور إن على الرئيس ماكرون التوجه إلى المغرب في زيارة دولة، ستكون هي الأولى من نوعها، لأن الزيارة التي قام بها بعد انتخابه لأول مرة في يونيو/حزيران من سنة 2017 كانت زيارة عمل ورحلة ذات طابع ودي، مبرزا أنه أصبح يعي حاليا أهمية المغرب بالنسبة لفرنسا، مبرزا أن باريس لديها مصالح أكبر مع المملكة مقارنة بالجزائر، خصوصا على المستوى الاقتصادي.

 

وأكدت مصادر مطلعة أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى المغرب أثمرت عن تفاهمات قد تعيد جدولة مسألة الاعتراف بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، إلى حين إفساح المجال للدبلوماسية الاقتصادية وتقييم التوازنات في الموقف الفرنسي، على ضوء علاقاته مع الجزائر.

وأوضح دريانكور أن الجزائر اختارت الشراكة مع بلدان أخرى، مثل الصين وتركيا وألمانيا على حساب فرنسا، وباريس ترغب الآن في إصلاح العلاقات مع "شريك يلعب دورا مهما في إفريقيا"، مضيفا أن رئيس الجمهورية خلص إلى أن جهوده تجاه الجزائر لم تسفر عن نتائج كبيرة.

ونبه دريانكور إلى الاختلاف الحاصل في منظور كل من المغاربة والجزائريين تجاه فرنسا، ففي الجزائر "هناك استياء تاريخي" يفسره بأن بلاده كانت تحتل الأراضي الجزائرية وتعتبرها جزءا من الجمهورية، في حين ما كان يربطها بالمغرب هو وثيقة الحماية، في ظل وجود سلطان للبلاد على الدوام، لذا فإن "الأمر مختلف تماما".

وتأتي هذه التصريحات في سياق التقارب الواضح بين المغرب وفرنسا، بعد أزمة دبلوماسية امتدت منذ سنة 2021 على الأقل، حيث شرع البلدان مؤخرا في تبادل الزيارات على مستوى الوزراء، في حين تحدثت وسائل إعلام فرنسية عن زيارة مرتقبة لماكرون إلى الرباط من أجل اللقاء بالعاهل المغربي الملك محمد السادس قبل الصيف المقبل.

ويعرف ماكرون أن الرباط تتوقع اعترافا واضحا بمغربية الصحراء من فرنسا، وأن هذا الاعتراف يحدد العلاقة بين البلدين.  وقد تم التعبير بوضوح عن انعطاف فرنسا في هذه القضية في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عندما قال نيكولا دي لا ريفيير، مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، في جلسة لمجلس الأمن "أذكر دعم فرنسا التاريخي والواضح والمستمر لخطة الحكم الذاتي المغربية. هذه الخطة مطروحة على الطاولة منذ عام 2007. الآن هو الوقت المناسب للمضي قدما فيها".