مداهمة أمنية غامضة لمقر إقامة ترامب تثير عاصفة سياسية

شخصيات جمهورية تندد بشدة باقتحام عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي مقر إقامة الرئيس الأميركي السابق في فلوريدا، معتبرين أنها عملية "تسييس مسلح" وسابقة وانحيازا من قبل وزارة العدل.
البيت الأبيض ينفي علمه بعملية اقتحام مقر إقامة ترامب
مداهمة الشرطة الفيدرالية لمقر إقامة ترامب يؤجج الاستقطاب السياسي
عملية دهم مقر ترامب تأتي قبيل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس

واشنطن - تسببت عملية الدهم المثيرة التي نفذها مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) لمقر إقامة دونالد ترامب الفخم في فلوريدا بتأجيج السجال السياسي المرير والمثير للاستقطاب بشأن عدد من التحقيقات القضائية التي تطال الرئيس السابق الذي قد يسعى للترشح للفوز بولاية جديدة في البيت الأبيض.

وتفاقم عملية الدهم المباغتة الاثنين الضغوط القضائية التي يتعرض لها رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعون، وسط ترحيب من خصومه السياسيين وإدانة من أنصاره.

وقال ترامب (76 عاما) عن عملية التفتيش التي قام بها عناصر إف بي آي لمقر إقامته في مارالاغو واستمرت طيلة اليوم "لم يحصل شيء كهذا لرئيس للولايات المتحدة من قبل".

وندد بما وصفه "سوء سلوك من جانب الادعاء العام" و"استخدام لنظام العدالة كسلاح" من جانب "الديمقراطيين من اليسار المتطرف الذي يحاولون بشكل يائس منعي من الترشح للرئاسة في 2024".

ورفض مكتب التحقيقات الفدرالي الكشف عن أسباب الخطوة غير المسبوقة بحق رئيس سابق، غير أن العديد من وسائل الإعلام الأميركية ذكرت أن عناصر فدراليين يجرون عملية تفتيش بإذن قضائي وهي متعلقة بسوء تعامل محتمل مع مستندات سرية نُقلت إلى مارالاغو بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021.

ويواجه ترامب أيضا تحقيقات قضائية مكثفة تتعلق بمساعيه لقلب نتائج انتخابات 2020، وفي ما يتعلق بالهجوم الذي شنه أنصاره في السادس من يناير/كانون الثاني على الكابيتول.

ومنذ مغادرته البيت الأبيض، لم يتوقف ترامب الشخصية الأكثر إثارة للانقسام في البلاد، عن بث أخبار مضللة عن فوزه في انتخابات العام 2020.

وسارع كبار الجمهوريين لإظهار الدعم للرئيس السابق الذي لم يكن حاضرا في مارالاغو عند حصول الدهم. وعبر مايك بنس، النائب السابق لترامب والمنافس المحتمل في 2024، عن "قلق عميق" إزاء تفتيش منزل ترامب وقال إنها تنم عن "انحياز حزبي" من جانب وزارة العدل.

من جانبه اتهم كيفن ماكارثي النائب عن كاليفورنيا والطامح لرئاسة مجلس النواب في حال استعاد الجمهوريون الغالبية في المجلس في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وزارة العدل بممارسة "التسييس المسلح"، فيما اعتبرت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا ماكدانيال عمية الدهم "مشينة".

أما السناتور الجمهوري ليندسي غراهام الحليف المقرب من ترامب فقال إن "إطلاق تحقيق بحق رئيس سابق في توقيت قريب جدا من الانتخابات أمر يتجاوز الإشكالية".

وبعد التنديد بالمداهمة في بيان مطول مساء الاثنين، أعلن فريق ترامب الثلاثاء عن إطلاق حملة لجمع الأموال طالبا "من كل أميركي يتمتع بصفات الرجولة ومحب للوطن أن يتقدم" ويتبرع لمحاربة ما وصفه ترامب بأنه "اضطهاد سياسي لا ينتهي".

وحض المدير السابق لمنصات ترامب الاجتماعية دان سكافينو الرئيس السابق على التعجيل بالإعلان عن ترشحه للانتخابات مجددا. وكتب سكافينو في تغريدة "ترشح يا 45، #ترامب 2024".

ورد الديمقراطيون على عملية الدهم بحذر أو امتنعوا عن التعليق. وقالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي لشبكة إن بي سي "لا أحد فوق القانون ... ولا حتى رئيس سابق للولايات المتحدة".

من جانبه قال السناتور الديمقراطي عن كونيتيكت كريس مورفي "متى قررنا أن الأثرياء والأقوياء هم فوق القانون، فإن أميركا لا تبقى أميركا".

وفي بيانه لم يلمح ترامب إلى سبب قيام إف.بي.آي بتفتيش منزله لكنه قال "بل حتى اقتحموا خزنتي". وقال أندرو ماكابي النائب السابق لمدير مكتب التحقيقات الفدرالي إنه يعتقد أن المكتب قد يكون يبحث عن "شيء محدد" يتعلق بالتحقيق الذي يجريه بشأن سوء التعامل المفترض مع معلومات سرية.

وفي فبراير/شباط كانت هيئة المحفوظات الوطنية الأميركية قد كشفت أنها استردت 15 صندوقا من الوثائق من مقر ترامب في فلوريدا وطلبت من وزارة العدل التحقيق في كيفية تعامل الرئيس السابق مع معلومات سرية.

وأثار استرداد الصناديق تساؤلات حول التزام ترامب قوانين السجلات الرئاسية التي وُضعت بعد فضيحة "ووترغيت" في السبعينات ويُطلب بموجبها من الرؤساء الاحتفاظ بالسجلات المتعلقة بعملهم.

وفي مقابلة مع شبكة سي.إن.إن قال ماكابي "لا بد أن هناك شكا وقلقا وفي الواقع معلومات محددة دفعت مكتب إف بي آي إلى الاعتقاد بوجود مواد إضافية لم يتم تسليمها".

وقالت مديرة الاتصالات السابقة في فريق ترامب أليسا فاراه غريفن لشبكة سي.إن.إن "عملية الدهم يمكن أن تثير حماسة مؤيديه، الذين تجمع عدد منهم أمام مارالاغو الثلاثاء"، مضيفة "إذا اعتبرت عملية الدهم بمثابة تجاوز كبير وليس كمسألة خطيرة جدا، فهذا يوم جيد جدا لدونالد ترامب".

وشهدت واشنطن لأسابيع جلسات استماع في الكونغرس حول اقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني ومحاولاته إلغاء نتائج الانتخابات التي فاز بها الديمقراطي جو بايدن.

وبينما رفض المدعي العام ميريك غارلاند التعليق على تكهنات بإمكان توجيه اتهامات جنائية لترامب، إلا أنه أكد قائلا "لا يوجد شخص فوق القانون"، مبديا عزمه على "محاسبة كل شخص مسؤول جنائيا عن محاولة قلب نتيجة انتخابات شرعية".

وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن البيت الأبيض "لم يأخذ علما بالإجراءات المذكورة" وأحال الأسئلة الأخرى إلى وزارة العدل.

ويخضع ترامب أيضا للتحقيق في محاولات لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية في ولاية جورجيا، في حين يتم التحقيق بممارساته التجارية في نيويورك في قضيتين منفصلتين، واحدة مدنية والأخرى جنائية.