واشنطن لا ترى أساسا سوقيا لخفض أوبك+ إنتاج النفط

البيت الأبيض يرفض قول السعودية إن خفض إنتاج النفط "اقتصادي بحت"، مجادلا بأن قرار أوبك+ "سيزيد عوائد روسيا ويحد من فاعلية العقوبات" المفروضة على موسكو بعد غزوها لأوكرانيا.
وكالة الطاقة الدولية تخفّض توقّعاتها لنمو الطلب على النفط

واشنطن/الرياض - صعدت الولايات المتحدة اليوم الخميس من لهجتها تجاه السعودية في الخلاف الذي تفجر عقب قرار التحالف النفطي أوبك+ خفض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا وهو قرار أكدت الرياض أنه اقتصادي بحت ويستهدف الحفاظ على استقرار الأسواق.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي اليوم الخميس إن الولايات المتحدة قدمت للسعودية تحليلا يظهر أنه لا يوجد أساس سوقي لخفض إنتاج النفط قبل أن تقرر أوبك+ ذلك، وذلك في رد على قول الرياض إن الخفض "اقتصادي بحت".

وخفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها الأسبوع الماضي الإنتاج المستهدف بمقدار مليوني برميل يوميا على الرغم من اعتبار وجود شح في الإمدادات العالمية. ومن كمية الخفض تلك، يتوقع خبراء أن يكون خفض الإنتاج الحقيقي نصفها تقريبا.

وقال كيربي في بيان "يمكن لوزارة الخارجية السعودية أن تحاول المناورة أو صرف الانتباه، لكن الحقائق بسيطة"، مضيفا أن خفض الإنتاج "سيزيد عوائد روسيا ويحد من فاعلية العقوبات" المفروضة على موسكو بعد أن غزت أوكرانيا في فبراير/شباط.

وأضاف في بيان أن الدول الأخرى في التجمع أبلغت الولايات المتحدة سرا بأنها "شعرت بأنها مضطرة لدعم اتجاه السعودية". وقال إن الولايات المتحدة قدمت للسعودية تحليلا يشير إلى أن "عناصر السوق الأساسية" لا تدعم خفض الإنتاج المستهدف وأنه كان بإمكان التكتل انتظار الاجتماع المقبل لأوبك.

وخفّضت وكالة الطاقة الدولية الخميس توقّعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، على خلفية ارتفاع الأسعار لا سيما بعد قرار تحالف أوبك بلاس خفض الإنتاج. وهي التوقعات ذاتها التي وردت في التقرير الشهري الأخير لمنظمة الدول المصدرة للنفط.

وجاء في التقرير السنوي لوكالة الطاقة الدولية الصادر الخميس أن "استمرار التدهور الاقتصادي وارتفاع الأسعار من جراء قرار أوبك بلاس تقليص المعروض يكبحان الطلب العالمي على النفط".

وللعام 2023 تتوقّع الوكالة أن يبلغ معدّل الطلب 101.3 مليون برميل في اليوم، فيما كانت توقّعت في تقريرها الصادر الشهر الماضي معدّلا قدره 101.8 مليون برميل في اليوم.

وبعدما ارتفع المعروض إلى 101.2 مليون برميل في اليوم في سبتمبر/ايلول، يتوقّع أن يتباطأ بشكل كبير في هذا الربع من جراء قرار أوبك بلاس.

وعمليا سيقتصر الخفض على نحو مليون برميل في اليوم، وفق وكالة الطاقة الدولية التي أشارت إلى أن غالبية أعضاء التحالف كانوا أصلا غير قادرين على بلوغ سقوف الإنتاج المحددة.

وستكون الحصة الأكبر في خفض الإنتاج من نصيب السعودية والإمارات، وربمّا روسيا في ديسمبر/كانون الأول على خلفية الحظر الأوروبي المفروض عليها، وفق الوكالة.

وأشارت الوكالة إلى أن "اضطرابات السوق تتضاعف في حين يسعى العالم إلى تخطي أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه".

وخلص التقرير إلى أن قرار "أوبك بلاس بخفض المعروض بشكل كبير أخرج نمو الطلب على النفط عن مساره حتى نهاية العام وما بعده"، مشيرا إلى أن هذا الأمر سينعكس "ارتفاعا في الأسعار سيفاقم اضطرابات السوق وسيزيد الهواجس على صعيد أمن الطاقة".

وحذّرت الوكالة من أنه في سياق عام من الضغوط التضخمية ورفع معدلات الفائدة "قد يصبح ارتفاع أسعار النفط نقطة تحول للاقتصاد العالمي الذي أصبح على شفير الركود".

ورفض مسؤولون سعوديون اليوم الخميس فكرة أن الخفض جاء بدافع سياسي وقالوا إن تأجيل الخفض كان سيؤدي لتبعات اقتصادية سلبية.

وأعلنت السعودية الخميس رفضها الانتقادات الأميركية لقرار الكارتل النفطي بخفض الإنتاج اعتبارا من الشهر المقبل، بعد أن حذّرها الرئيس الأميركي جو بايدن من مواجهة "عواقب" لم يحددها.

وذكرت وزارة الخارجية السعودية في بيان نقلا عن مصدر مسؤول لم تسمه أنّ "حكومة المملكة العربية السعودية اطلعت على التصريحات الصادرة تجاه المملكة عقب صدور قرار أوبك بلس والتي تضمنت وصف القرار بأنه بمثابة انحياز للمملكة في صراعات دولية وأنه قرار بُني على دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة الأمريكية".

وتابعت أن السعودية "تود الإعراب عن رفضها التام لهذه التصريحات التي لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد في أساسها على محاولة تصوير قرار أوبك بلاس خارج إطاره الاقتصادي البحت".

وأكد المصدر أنّ "المملكة لا تقبل الامتلاءات وترفض أي تصرفات أو مساع لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية".

وجاءت خطوة خفض الإنتاج وسط أزمة طاقة ناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وفيما يستعد الناخبون الأميركيون المنهكون من التضخم للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، ما أثار غضب واشنطن، بحيث حذر الرئيس الأميركي الثلاثاء السعودية من مواجهة "عواقب" لم يحددها.

ولم يقدم بايدن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الثلاثاء تفاصيل عن طريقة رد بلاده على قرار الكارتيل النفطي بقيادة الرياض، فيما واصلت التصريحات السعودية الرسمية التركيز على مكاسب العلاقات القوية مع واشنطن.