«إخوان الصفا» أول من ابتكر علم الجيولوجيا

سبقوا عصرهم بمئات السنين

بغداد - أشار بحث لجيولوجي عراقي إلى أن جماعة "إخوان الصفا" التي عرفت في التاريخ العربي بدورها الفلسفي, هم أول جماعة علمية, درست علم الجيولوجيا في العالم, ومن بحوثهم ودراساتهم انطلقت علوم الجيولوجيا, التي يدرسها العلم الحديث حاليا, في كل بقاع العالم.
وذكر البحث, الذي أعده الدكتور عدنان النقاش, أستاذ علوم الأرض في كلية العلوم بجامعة بغداد, أن "إخوان الصفا", وهي أقدم مجموعة فلسفية تأسست في التاريخ العربي والإسلامي, وكان مقرها في البصرة, ولها فرع في بغداد, وذلك في حدود القرن الرابع الهجري, واشتهر من بين أعضائها أبو سليمان بن معشر, المشهور (بالمقدسي), وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني, وأبو أحمد المهرجاني, ويزيد بن رفاعة، إنما تمثل دائرة معارف شاملة لعلوم العصر, الذي عاش فيه هؤلاء العلماء, ومن هذه العلوم علم الأرض.
ويؤكد الدكتور النقاش أن الرسالة التاسعة عشرة من رسائل إخوان الصفا, قد جاء فيها حديث طويل عن الجسمانيات الطبيعية للجواهر المعدنية, كالزئبق والكبريت, والاختلافات في طبيعتها وطعمها ولونها ورائحتها, وهذا يعرف اليوم بالصفات الفيزياوية للمعادن، إذ اعتقد إخوان الصفا أن هذا الاختلاف يعزى إلى اختلاف بقاع تكونها سطحية كانت أم جوفية.
كما تكلموا عن أنواع المعادن وعن أصلها واستخدامها. وذكروا أن المعادن تتكون وتتغير بطول الأزمان والدهور, وتناوب الليل والنهار, وتعاقب الصيف والشتاء, وهذا ما يعرف اليوم بالتجربة الكيمياوية والفيزياوية, التي تؤثر في المعادن, لذلك أكد الإخوان كيفية تكوين المعادن, وأسرار اختلاف جواهرها وأنواعها وخواصها ومنافعها ومضارها.
ويبين الدكتور النقاش في بحثه أن إخوان الصفا تكلموا عن كروية الأرض بجملتها, وجميع أجزائها, وعمقها, وظاهرها, وباطنها, فوصفوا الطبيعة الترسبية للصخور الرسوبية, وهذا ما يعرف بالقانون الأول للجيولوجيا, الذي جاء به هاتن. فلقد وصفوا الطبقات الصخرية, التي تترسب صفا فوق صف, متلبدة ومختلفة التراكيب, أي أن هذه الطبقات, إما أن تكون أفقية أو مطوية, كما أنهم وصفوا الطبيعة الصخرية لهذه الطبقات, بأنها فتاتية وغير فتاتية, بحيث حددوا أحجام هذه الفتات, على شكل أحجار أو جلاميد أو حصى أو رمل أو طين.
وصنف إخوان الصفا الصخور الرسوبية إلى فتاتية وغير فتاتية وإلى كيماوية. وتوسعوا في تصنيف الأراضي, بحيث أبدعوا في دراسة الأراضي السبخة, كما اهتموا بالأشكال الأرضية, وبالعمليات الجيومورفولوجية المكونة لهذه الأشكال, بحيث يمكن أن ينسب هذا العلم إليهم.
أما مسألة توزيع اليابسة والماء, فيذكر الباحث النقاش أن إخوان الصفا قد ناقشوها في رسائلهم, تحت مواضع مختلفة, وأن هذا التوزيع ينسجم اليوم مع ما يعرف بتكوينية الألواح, حيث مواضع البحار والبراري والجبال, إذ ذكر الإخوان أن هذه المواضع تتغير وتتبدل, عبر الدهور والأزمان, وتصير مواضع الجبال والبراري فلوات, وتصير مواضع البراري بحارا وغدرانا وأنهارا, وتصير مواضع البحار جبالا وتلالا, عبر تقدم الزمان.(قدس برس)