أذرع متهالكة وتيار قوي

من الواضح إن النظام الايراني وصل الى نقطة اللاعودة، إذ لم يبق لديه من مجال للرجوع الى الخلف ولا التقدم للامام بما يمكن أن ينفعه.

ليس من السهل أبدا على طهران أن تعيد سيناريوهات سابقة وتحصل على مكاسب وإمتيازات نوعية في مقابل تقديمها تنازلات محدودة كما حدث في الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في أواسط تموز2015، إذ أن سياسة اللين والتساهل التي إتبعتها الادارات الامريكية السابقة، لم تعد موجودة في عهد إدارة ترامب حيث سياسة تتسم بحزم وصرامة ملفتة للنظر تجاه طهران، وبعد فواصل متباينة من التصريحات المتشددة ضد الولايات المتحدة وأوروبا والمنطقة، والتي لم تلق أي إهتمام وردود فعل مٶثرة بحيث تحرك الاوضاع بإتجاه يمكن أن يخدم طهران، فإنها لجأت الى إتخاذ خطوة عملية بزيادة عمليات تخصيب اليورانيوم، وهي خطوة جوبهت برفض أوروبي وبموقف روسي وصيني فاتر الى جانب أن واشنطن وفي بيان أمام الاجتماع ربع السنوي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكدت إن تسريع طهران وتيرة تخصيب اليورانيوم لن يثني واشنطن عن سعيها لعزل إيران.
القادة الايرانيون الذي يسعون للظهور بموقف حازم يبدو عليه التماسك في مقابل الامريكيين، لكن واقع الامر في طهران لا يدل على ذلك أبدا، إذ إضافة الى الخلافات الحادة في المواقف بين المرشد الاعلى والرئيس الايراني ووجود حالة من التخبط والتناقض في التصريحات والمواقف والتي وصلت الى حد أن يشم منها إنها قد تقود الى وضع سلبي جديد بالنسبة للنظام، فإن مطالبة 14 ناشطا إيرانيا المرشد الاعلى بالتنحي وتغيير الدستور وإجراء إنتخابات تحت إشراف منظمة الامم المتحدة، يدل بمنتهى الوضوح إن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية عندما كان يدعو الى إسقاط النظام وإستحالة إجراء أي تغيير إيجابي طالما بقي النظام الديني المتشدد، فإنه كان يعبر عن الواقع الايراني بمنتهى الدقة وإن الازمة التي يواجهها النظام حاليا لا يمكن حصرها بالمواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية، فذلك مجرد جانب منها لكن الجوانب الاهم من الازمة هي من تراكمات تجربة الحكم طوال العقود الاربعة المنصرمة والتي قادت الشعب والبلاد الى طريق مسدود تماما.
مزاعم ومظاهر المواجهة ضد الولايات المتحدة والوقوف كند بوجهها، هو أمر مستحيل بالنسبة لهذا النظام الذي يمكن تشبيه حاله بسباح هرم ذراعاه متهالكتان ويحاول أن يسبح ضد تيار عاتٍ، من الواضح إن النظام قد وصل الى نقطة اللاعودة إذ لم يبق لديه من مجال للرجوع الى الخلف ولا التقدم للامام بما يمكن أن ينفعه بل إن أمام ثلاثة خيارات قاتلة: أولها مواجهة عسكرية خاسرة، ثانيها القبول بالشروط الـ12 الامريكية وهو ما يعني إستسلام النظام ورضوخه بمنتهى الوضوح، والخيار الثالث هو تجنب الخيارين والاستمرار في موقف متعنت حتى ينفجر الشعب بوجه النظام ويزيله من الوجود!