أردوغان أزعر الناتو

لكل عشيرة شخص يقوم بالمهام القذرة. عشيرة الناتو لديها أردوغان.
الكيان الصهيوني وأردوغان وحكام قطر هم ثالوث الشر في المنطقة
مشروع الشرق الأوسط الكبير يتطلب قائدا ميدانيا لتنفيذ المهام القذرة
بدلاً من أن نتحارب، فلنتحاور على إنشاء اتحاد قوي ومتين في منطقتنا

يتداول استناداً إلى الموروث الشعبي أسس بناء عشيرة أو عائلة قوية ناجحة. وأحد أهم الأسس هو أن يكون لكل عشيرة أو عائلة أزعر يعتمد عليه لتنفيذ المهام القذرة التي يأنف أشراف القبيلة عن تنفيذها أو حتى تبنيها، وعلى الرغم أنهم هم المخططون والآمرون لكن كثيرا ما يعلن أشراف العشيرة أنهم غير راضون عن أفعال أزعرهم ويقطعون الوعود بالسعي لضبط تفلّته.

الاستناد إلى هذا الموروث الشعبي قد يفسر علاقة حلف الناتو الذي تتزعمه الولايات المتحدة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ولكن من المفيد أن نعرج على بدايات علاقة تركيا مع حلف الناتو تلك العلاقة التي بنيت في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم على حجر أساس يُوصّف دور تركيا بأنه دور وظيفي مهمته الأولى خط دفاع أول لمناطق الناتو الجنوبية، والمهمة الثانية العمل على مواجهة مصر وسوريا، ولاحقاً العراق (ما بعد 1958) لاحتواء المد السوفياتي في المنطقة حيث كانت تلك الدول منفتحة بشكل كبير على الاتحاد السوفياتي (حلف وارسو).

وكي يضمن الناتو سلامة تركيا وأمنها أي حرب أو تطورات مفاجئة تم الاتفاق على إنشاء قاعدة إنجرليك عام 1954.

العلاقة بين تركيا والناتو كانت علاقة واضحة ولا لبس فيها، وكانت دول المنطقة قادرة بشكل أو بآخر على التأقلم مع هذه العلاقة لعدة أسباب أهمهما أن الساسة الأتراك كانوا واضحين وشفافين في توجهاتهم وخياراتهم، ورغبتهم بتفعيل العلاقة مع دول الناتو أدت إلى ابتعاد تركيا عن محيطها الاسلامي والعربي.

واستمر الحال على هذا المنوال إلى أن بدأ الحديث عن مشروع أميركي جديد للمنطقة (الشرق الأوسط الكبير) والذي يعتبر المشروع الأكبر منذ انتهاء الحرب الباردة.

خطورة المشروع إضافة للأهمية الجيوسياسية للمنطقة المستهدفة تتطلب وجود قائد ميداني مهمته ضمان نجاح المشروع، وتنفيذ كل ما يتطلبه ذلك من مهام قذرة.

باختصار مشروع الشرق الأوسط الكبير وشخصية أردوغان، حولتا منصب رئيس الجمهورية التركية من رئيس دولة عضو في حلف الناتو، دولة لها حضور اقليمي ودولي بغض النظر إن اتفقت أو اختلفت معها، إلى مجرد أزعر لدى حلف الناتو.

نعم الموروث الشعبي كان مصدر الهام للناتو عموما وللولايات المتحدة خصوصا في تأطير علاقة تركيا بزعامة حزب العدالة والتنمية (الاخوان المسلمين) بالناتو.

علاقة أزعر العشيرة (عشيرة الناتو) الذي ينفذ مهام قذرة يأنف وجهاء العشيرة عن تنفيذها، ويبدون سخطهم وانزعاجهم من هذه التصرفات على الرغم أنهم المخطط والآمر.

بينما يقوم أزعر الناتو أردوغان بدعم الجماعات الارهابية في سوريا (النصرة - داعش - السلطان مراد - الحمزات - السلطان سليمان شاه - فيلق الشام) يعلن الناتو عن انزعاجه من تواجد الجماعات الارهابية في سوريا والانتهاكات والجرائم التي تنفذها تلك الجماعات بحق المدنيين السوريين.

بينما يقوم أزعر الناتو بإرسال آلاف المرتزقة السوريين والاوزبك والتركستان إلى ليبيا، يعرب الناتو عن انزعاجه من تجدد الأعمال القتالية في ليبيا.

بينما يقوم أزعر الناتو بقصف الأراضي العراقية، يعلن الناتو عن حرصه على سيادة العراق.

بينما يقوم أزعر الناتو بتشكيل خلايا إرهابية في مدينة طرابلس اللبنانية لتقوم بالتجهيزات اللوجستية تحضيرا لاستقبال مرتزقة أتراك، يعلن الناتو عن دعمه لاستقرار لبنان.

بينما يقوم أزعر الناتو بدعم الجماعات الارهابية في شمال مصر، يعلن الناتو عن دعمه للحكومة المصرية في مواجهة الارهاب.

إن كانت العلاقة بين وجهاء الناتو وبين أزعرها يمكن تفسيرها في إطار تبادل الأدوار، فعلاقة بعض دول المنطقة العربية والاقليمية تبدو غير واضحة وغير مفهومة مع أزعر الناتو (الرئيس التركي).

فدول في حالة صراع مع حلف الناتو وتحديداً مع الولايات المتحدة كيف لها أن تقيم أفضل العلاقات مع أزعر الناتو؟

دول تعلن بوضوح أنها ستتصدى لمشروع الشرق الأوسط الكبير، ولكنها في ذات الوقت تقيم أفضل العلاقات مع القائد الميداني والمسؤول المباشر عن تنفيذ هذا المشروع ألا وهو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؟

دول في حالة صراع مستمر مع المشروع الاسرائيلي القائم على استهداف شعوب المنطقة والعمل على افتعال صراعات وحروب تزعزع استقرار المنطقة وتعمل على منع اجتماع والتقاء شعوبها على مشروع واحد جامع، ولكنها في ذات الوقت تقيم أفضل العلاقات مع رأس حربة المشروع الاسرائيلي؟

لنرتب الأمور بشكل صحيح.

الكيان الصهيوني وأردوغان وحكام قطر هم ثالوث الشر في المنطقة.

 عندما تتفق شعوب المنطقة على هذه الأدبيات البديهيات، وقتها نستطيع القول أننا قطعنا أهم مرحلة نحو مواجهة استراتيجية للمشروع الأخطر الذي يستهدف دول وشعوب المنطقة، ألا وهو مشروع العثمانية الجديدة، والذي هو بدوره الفرع ورأس الحربة للمشروع الأكبر مشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو مشروع يستهدف كافة شعوب المنطقة الأصيلة (عرب - فرس - كرد - أرمن - البلوش - آذريون - الطاجيك - أمازيغ - سريان – أشور).

لذا بات لزاماً على كل شعوب المنطقة العمل على وضع أسس حل استراتيجي يحفظ مصالحهم على اختلاف قومياتهم وطوائفهم، فالمعارك تدار على أراضينا وتطحن عظام شعوبنا بعيداً عن أراضي وشعوب القوى المتصارعة على ثروات منطقتنا.

ولذلك بدلاً من أن نتحارب فلنتحاور على إنشاء اتحاد قوي ومتين في منطقتنا يضمن حقوق الجميع القومية والإثنية ويضع حياة الشعوب استراتيجية بقائه. حينها قد نتحول إلى قوة عظمى تلعب بندية مع الإمبراطوريات الكبيرة وتضمن مكاناً لها بعد انتهاء موجة صدام الحضارات.