هل وصلت النيران التركية إلى لبنان؟

السيطرة على الموانئ شرق المتوسط لعبة تركيا الجديدة.
حديث في أروقة الأمم المتحدة عن مرافئ تركيا أو قبرص كبديل مؤقت لمرفأ بيروت
مخاوف من تكرار الخطوط العريضة للسيناريو السوري في لبنان في شماله وجنوبه
التغلغل التركي في لبنان تحوّل إلى مادة للسجال بين نهاد المشنوق وأشرف ريفي

منذ سنوات والحديث عن تغلغل تركي في الشأن اللبناني، وتحديداً في عاصمة الشمال طرابلس. تحول هذا الهمس والاشارات إلى معلومات ولقاءات وخطط ومشاريع علنية. فمن زيارة والي مرسين التركية برفقة غرفة التجارة والصناعة إلى طرابلس في يناير 2019 والتوقيع على عدة اتفاقيات والإعداد لعدة دراسة مشاريع مستقبلية وأهمها: مشروع توسعة مرفأ طرابلس من الميناء الى منطقة القليعات شمالا ليصبح أكبر مرفأ في المنطقة، ومشروع ربط مرفأ مرسين بمرفأ طرابلس.

مرفأ مرسين كان حاضراً بقوة أثناء زيارة فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت 8 أغسطس لبيروت حيث أعلن أن تركيا مستعدة لإعادة إعمار مرفأ بيروت، وأن ميناء مرسين التركي القريب من لبنان سيكون في خدمة اللبنانيين.

وبالتزامن مع تصريحات نائب الرئيس التركي، تشير المعلومات إلى حديث يجري في أروقة الأمم المتحدة يتمحور حول البحث عن مرفأ مؤقت ليصار إلى استخدامه بدل من مرفأ بيروت، والتسريبات تقول أن الاقتراحات حاليا هي مرافئ تركيا أو قبرص.

وتجدر الإشارة في ذات السياق أنه بعد انفجار مرفأ بيروت، وتحييد المرافئ السورية بسبب الحرب والعقوبات، باتت الساحة خالية للمرافئ التركية والاسرائيلية في شرق المتوسط.

ومن موضوع المرافئ إلى موضوع آخر ضمن ذات السياق، ليس سراً أن تركيا منذ أكثر من عشر سنوات تحولت إلى نقطة تجمع وفرز للارهابيين والأسلحة والمواد الأولية لتصنيع المتفجرات القادمة من الأسواق السوداء وتحديدا في أوروبا الشرقية، ولاحقا يتم توزيعها إلى الأمكنة المطلوبة إن كان في سوريا وليبيا، مع ورود معلومات عن أحاديث تدور في أماكن تجميع وتدريب المقاتلين السوريين الموالين لتركيا في منطقة عفرين التي احتلتها تركيا في آذار 2018 عن أن المرحلة تتطلب دعم عدة جبهات إن كان في ليبية أو اليمن أو ناغورني كراباغ وطرابلس اللبنانية.

و هنا من المفيد الإشارة إلى أن التغلغل التركي الاستخباراتي في لبنان تحول قبيل انفجار مرفأ بيروت إلى مادة للسجال بين حليفي الأمس وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق ووزير العدل السابق أشرف الريفي، حيث اتهم المشنوق ريفي بالعمل على إنشاء جمعيات تتبع لتركيا في الشمال اللبناني معتمداً على تمويل تركي.

أخيراً أخشى ما أخشاه أن تكرر الخطوط العريضة للسيناريو السوري في لبنان.

ففي سوريا أول ما بدأت الحرب كانت المظاهرات ضد الفساد لتكبر كرة الثلج رويداً رويداً لنصل لمرحلة وقوع سوريا بين فكي كماشة من الشمال تركيا ومن الجنوب اسرائيل.

ومع ازدياد النفوذ التركي في الشمال من بوابة تلبية المطالب المعيشية والدفاع عن المدنيين ليصار لاحقاً إلى الاستثمار في معاناتهم والتي قياسا على التجربة السورية حتما ستزداد معاناتهم أكثر وأكثر إن استجابوا للخطط التركية. أخشى أن لبنان يتجه إلى أن يقع بين فكي كماشة تركيا من الشمال واسرائيل من الجنوب.

نحن هنا لا نمارس الوصاية أو التدخل في الشأن اللبناني. كل ما هنالك أن حبنا للبنان درة الشرق الأوسط تحتم علينا أن نقدم نصيحة محب للشعب اللبناني آملين أن يتعلم من كيس السوريين وليس من كيسه كما يقال، وأن يستفيد مما جرى في سورية وألا يقع في ذات الأخطاء، وأن يحصّن مطالبه عبر إحكام إغلاق الأبواب والنوافذ في وجه كل طامع متربص شراً بلبنان والمنطقة.