أردوغان.. والمتاجرة بشهداء الجزائر

أردوغان يتصرف بعنجهية في إطار فرض نفوذ بمناطق كانت تابعة للدولة العثمانية ونسي أن تركيا هي التي سلمت الجزائر للفرنسيين.

بقلم: ليلى بن هدنة

بعد متاجرته بقضية اللاجئين على مرار السنوات الماضية، ها هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يحاول المتاجرة بدماء الشهداء الجزائريين، لتصفية حساباته مع فرنسا، التي وقفت ضد انضمامه للاتحاد الأوروبي، وضد محاولة احتلاله ليبيا، حيث فبرك تصريحات للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تزعم طلبه من أردوغان مساعدته في المسائل المعقدة مع باريس، المتعلقة بالذاكرة الوطنية، بما يظهر الجزائر كبلد ضعيف أو منقوص السيادة، حين تتخلى عن الدفاع عن ذاكرته التاريخية، ويصبح سواهم يدافع عنهم.

 ويبدو أن أردوغان، الذي يتصرف بعنجهية منذ فترة، في إطار استراتيجية فرض نفوذ بمناطق كانت تابعة للدولة العثمانية، قد نسي أو تناسى، أن تركيا هي التي سلمت الجزائر للفرنسيين بعد ثلاثة أيام من بداية الغزو سنة 1830، وتركيا صوتت في الأمم المتحدة ضد كل القرارات التي كانت في صالح الجزائر، قبل استقلالها في 1962.

أردوغان دأب على خلق أزمات دبلوماسية، أدت إلى استعداء الرأي العام له في العديد من الدول، فبعد تونس، حاول تجاهل معلومة مهمة، أن الجزائر عصية على أي وصاية خارجية، وأن شهداء الجزائر ليسوا سلعةً تتفاوض بها من أجل مصلحة بلادك.

فقد رفض بلد المليون ونصف مليون شهيد، أن تتحول الجزائر إلى ورقة في يد تركيا لتحقيق أطماعها، فلا يجوز لأنقرة توظيف الذاكرة والتاريخ حسب ما تقتضيه مصلحتها، ولا يوجد أي بلد مخوّل له قانوناً الدفاع عن ذاكرة شهداء الثورة التحريرية إلا الجزائر.

وإن كان الوفاء للشهداء يقتضي الانتصار لذاكرتهم، بالسعي إلى تجريم الاستعمار، ومطالبة فرنسا بالاعتذار، فهذا عمل يتطلب إنجازه مزيداً من الوقت، والقسم الأكبر منه يقع على عاتق الجزائريين أنفسهم، ولا يجوز لأية جهة الوساطة وإقحام نفسها في شأن بعيد عنها، فالجزائر قادرة بسواعدها وبخبرتها الدبلوماسية على تحقيق ذلك.

نُشر في البيان الإماراتية