أردوغان يشرعن للإرهاب بفرضه كقوة سياسية فاعلة

أردوغان يستغل الفصائل المسلحة وعدد من الإرهابيين الفارين من تنطيم داعش لمساعدة الجيش التركي في تنفيذ خططه التوسعية في المنطقة تحت غطاء التشريعات السياسية.

أنقرة - أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء في رسالة كتبها بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة، تصميمه على تنفيذ وعوده بشأن التدخل العسكري في ليبيا، في تحدي واضح للتقارير التي تحدثت عن نقل مقاتلين من مجموعات إرهابية من الحدود السورية نحو طرابلس.

وقال أردوغان في الرسالة "من خلال الدعم الذي سنقدمه إلى حكومة طرابلس الشرعية في ليبيا، سوف نضمن تنفيذ جميع بنود الاتفاقية المبرمة بين البلدين".

وأوضح أن مخططات إقصاء تركيا من البحر المتوسط باءت بالفشل نتيجة الخطوات التي أقدمت عليها أنقرة مؤخرا.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس التركي مذكرتي تفاهم مع رئيس حكومة الوفاق الليبية بقيادة فائز السراج، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، قوبلت برفض دولي وإقليمي واسع.

وأشارت مذكرة التفويض التي أرسلتها الرئاسة التركية إلى البرلمان بشان إرسال قوات إلى ليبيا في أحد بنودها إلى "وجود اعتبارات أخرى تدفع تركيا نحو إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا وعلى رأسها حماية المصالح الوطنية لتركيا انطلاقًا من القانون الدولي واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية والتي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية".

ويرى مراقبون في الأسلوب الذي يعتمده الرئيس التركي الأخطر على المنطقة بإعطائه صبغة سياسية للجماعات الإرهابية والميليشيات بطريقة مماثلة لتلك التي روج لها في سوريا عندما فرض في العام 2016 فصائل سورية مسلحة تحت مسمى "المعارضة السورية" ودعمها بالسلاح.

واستغل أردوغان تلك الفصائل المسلحة وعدد من الإرهابيين الفارين من تنطيم داعش لمساعدة الجيش التركي في هجماته على الأكراد شمال وشرقي سوريا وكان آخرها العملية التي أطلق عليها "نبع السلام" في أكتوبر/تشرين الأول ولاقت تنديدا عربيا ودوليا شديدا.

ووجد أردوغان الذي يصنف وحدات الشعب الكردية المساهمة بشكل كبير في القضاء على داعش ضمن الجماعات الإرهابية، في المقاتلين الإسلاميين المتشددين والإرهابيين ضالته لتوسيع دوره في المنطقة وتعظيم مصالحه في بعض الدول العربية وفي الإقليم عامة، حيث انتهج نفس الأسلوب خلال الحرب السورية عندما هدد دول الاتحاد الأوروبي بفتح الأبواب أمام اللاجئين والإرهابيين إذا أدانت هجومه على الأكراد في أكتوبر الماضي.

واستغل زعيم حزب العدالة والتمنية المخاوف الأوروبية من وصول اللاجئين إليها في الحرب السورية، حيث قايض دول التكتل الأوروبي بغض النظر عن تجاوزاته بحق الأكراد مقابل ضمان بقاء اللاجئين في تركيا.

الرئيس التركي يؤمن بالفوضى الخلاقة
الرئيس التركي يؤمن بالفوضى الخلاقة وبالسلاح

ويحاول الرئيس التركي حاليا بتطبيق نفس الخطط عن طريق الدفع بالمقاتلين والجماعات الإرهابية إلى واجهة الصراع في ليبيا المطلة على حدود أوروبا المتوسطية، وذلك أملا في تحقيق أي اختراق سياسي يمكّن حكومة الوفاق في الحفاظ على مكاسبها وسط طرابلس، ما يضمن لتركيا نصيبا من غاز المتوسط ينتشل اقتصادها من الأزمة التي يمر بها.

ناهيك عن الأسلوب الدعائي الذي تستخدم وسائل الإعلام المقربة من أردوغان، فهو يشبه إلى حد بعيد أسلوب الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل القاعدة وداعش التي تبرر هجماتها الإرهابية التي تقوم بها في جميع أنحاء العالم "بدفاعها عن الإسلام".

ولعل أبرز ما يؤكد تلك الأساليب الحشد الذي  فشل في رصده الرئيس التركي خلال قمة كوالالمبور والتي دعا خلالها إلى "التحرر من الغرب والاعتماد على العقول المسلمة" وهي صريحات تعسفية وعنصرية للاستهلاك المحلي والإعلام لحشد التأييد الشعبي لتدخلاته في البلدان التي تشهد صراعات وضعف مؤسساتها الشرعية.

ويسعى أردوغان حاليا إلى إضفاء الشرعية على الاتفاقية التي وقعها مع السراج عبر مصادقة البرلمان التركي، في وقت يشهد فيه مطار إسطنبول رحلات سرية مشبوهة لتسفير مقاتلين كانوا ضمن الفصائل السورية إلى ليبيا.

والأسبوع الماضي، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يراقب الحرب من مقره في بريطانيا، نقلا عن مصادر أن 300 مقاتل سوري موالين لتركيا نقلوا إلى ليبيا وإن آخرين يتدربون في معسكرات تركية.

وقال مسؤول أمني تركي لرويترز الاثنين إن "خبرة الجيش في الخارج ستكون مفيدة للغاية في ليبيا. غير أن ثمة احتمالا باستغلال خبرة المقاتلين السوريين كذلك... وهذا قيد التقييم".

وأمس الاثنين، ذكرت أربعة مصادر تركية لوكالة رويترز أن تركيا تدرس إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى ليبيا في إطار دعمها العسكري المزمع لحكومة طرابلس التي تقاتل إلى جانبها ميليشيات خطيرة فشلت في صد تقدم الجيش نحو العاصمة.

وأبلغت المصادر رويترز شريطة عدم الكشف عن هويتها بأن أنقرة تميل للفكرة.

وحذر مراقبون من مخطط ينفذه أردوغان لنقل زعماء الميليشيات والإرهابيين الفارين من إدلب ومناطق سورية أخرى للقتال في صفوف حكومة الوفاق بعد أن كثف الجيش السوري غاراته بمساعدة روسية على تلك المناطق التي كان لتركيا نفوذ كبيرة فيها.

وقال مسؤول تركي كبير لرويترز "تركيا لا ترسل حاليا (مقاتلين من المعارضة السورية) إلى ليبيا. لكن يجري حاليا إعداد تقييم وتنعقد اجتماعات في هذا الصدد، وتوجد رغبة نحو المضي قدما في هذا الاتجاه".

وأضاف المسؤول "لم يتم بعد اتخاذ قرار نهائي بشأن عدد الأفراد الذين سيتم إرسالهم إلى هناك".

وقالت مصادر أخرى إن تركيا سعت للإسراع في إرسال المقاتلين السوريين في إطار النشر الأول للقوات على أن يتم إرسال دفعات أخرى بعد توقيع الاتفاقية في البرلمان لإضفاء شرعية سياسية لممارساتها في دعم الإرهابيين، في خطوة اعتبرت استفزاز لأوروبا التي تسعى لتحصين حدودها من الجماعات المتطرفة على ضفاف المتوسط.