أكاديمية المملكة المغربية تستعد لإطلاق موسوعة لفن الملحون

'أنطولوجيا: من عيون دواوين الملحون' عمل توثيقي سمعي بصري لهذا الفن.

الرباط - كشفت أكاديمية المملكة المغربية خلال ندوة صحفية، الثلاثاء، عن إطلاق "أنطولوجيا: من عيون دواوين الملحون" وهو عمل توثيقي سمعي بصري لهذا الفن الذي اعتمدته منظمة يونسكو تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية.

وتم خلال الندوة الإعلان عن خطوط هذه الأنطولوجيا العريضة، فهي تضم ما مجموعه 120 نصا شعريا انتقتها لجنة خاصة، وتتوزع بين قصائد وسرابات (مقدمات شعرية) لهذا الجنس الشعري الإنشادي والغنائي، مصحوبة بتعريفات وشروحات.

والقصائد الشعرية للملحون وثقت بشكل كبير مختلف مناحي حياة المواطن المغربي بما فيها الموائد المغربية والعادات والتقاليد المتبعة من قبل الأسر سواء في الوسط الحضري أو القروي، كما توثق قصيدة الملحون المشاعر والحالات الاجتماعية وحالات الحب وتسرد حكايات الوطن والنضال من أجله، كما أنها لم تكن بعيدة عن الحياة الاقتصادية للمجتمع المغربي إذ نجدها مثلا توثق مجموعة من مهن الصناعة التقليدية وأيضا الآليات التي يشتغل بها الصانع، وكذلك نماذج للصناعة من قبيل القفطان المغربي، وغيرها من ملامح المجتمع المغربي التي سجلها الملحون نصا ولحنا.

وبحسب أكاديمية المملكة المغربية، فإن هذه الانطولوجيا تأتي استرشادا بالعناية التي يوليها العاهل المغربي الملك محمد السادس لتراث فن الملحون، ووعيا بما يختزنه هذا التراث من تغيرات وصور ولغة فنية راقية تختزن فيها وطنية ودينية واجتماعية وإنسانية.

وفي تصريح للصحافة بالمناسبة، قال المنسق العام للجنة إعداد هذه الانطولوجيا، عبدالمجيد فنيش، إن تجربة هذه الانطولوجيا السمعية البصرية تندرج ضمن سلسلة منجزات أكاديمية المملكة المغربية في خدمة هذا الفن.

وأوضح أنه بعد "القفزة المهمة" التي همت إصدار الأكاديمية لسلسلة دواوين مكتوبة للملحون، حان دور التوثيق الصوتي البصري لهذا الفن، وهو ما اشتغلت عليه اللجنة المكلفة بإعداده لمدة سنة كاملة.

وأشار إلى أن هذه الانطولوجيا تتضمن 60 قصيدة و60 سرابة، وتتميز بمشاركة 110 فنانين من موسيقيين ومنشدين من داخل المغرب وخارجه يمثلون مختلف الأجيال، واستحضار الأغراض والبناءات العروضية لهذا الفن، وكذا اللمسات الإبداعية التجديدية التي لا تتعارض مطلقا مع هويته الحقيقية.

ويأتي الإعلان عن إطلاق "أنطولوجيا: من عيون دواوين الملحون" لأكاديمية المملكة المغربية بمناسبة الذكرى الأولى لاعتماد تراث فن الملحون تراثا إنسانيا لا ماديا لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في ديسمبر/كانون الأول 2023.

وكانت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو وافقت في إطار دورتها الـ18 التي انعقدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بجمهورية بوتسوانا، على طلب المغرب المتعلق بإدراج فن "الملحون" في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

وكانت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية أكدت حينها أن إدراج فن الملحون في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لليونسكو يعد اعترافا دوليا بإرث مغربي أصيل.

ويعتبر فن الملحون المغربي تراثا إنسانيا عالميا يعود تاريخه إلى أكثر من خمسة قرون. وهو من الفنون التراثية المغربية العريقة، ويتميز باستمراريته من خلال قابليته للتجدد والمواكبة، بالإضافة إلى أنه استطاع التفاعل مع فنون شعبية تراثية أخرى، كما دخل إلى مجال البحث الجامعي عبر النقد والدراسة من خلال اهتمامات مجموعة من الباحثين بموضوع الملحون.

ويعد الملحون تعبيرا شعريا موسيقيا مغربيا عريقا نشأ في منطقة تافيلالت بالجنوب الشرقي للمغرب، حيث تطور في البداية داخل الزوايا في المنطقة، ثم انتشر تدريجيا ووصل إلى المراكز الحضرية الكبرى، حيث كان يؤدى داخل نقابات الحرفيين في المدن العتيقة.