أمامة الزائر تتوج تجربتها الشعرية والمعرفية بإنجازات جديدة

الشاعرة التونسية تفوز بجائزة عبدالوهاب بن عياد للشعر عن مجموعتها 'لا...لتعكير المزاج العام'، إلى جانب حصولها على شهادة الماجستير بامتياز عن بحث ضمن الحداثة الشعرية.

تواصل الشاعرة أمامة الزائر المضي قدما في سياقات تجربتها الشعرية والمعرفية وهي التي عاشت ظروفا صعبة نتيجة عزلها عن وظيفتها بوزارة الشؤون الثقافية منذ أكثر من سنة ضمن حركة احتجاجية إلى جانب موظفين آخرين تجاه أوضاع بالوزارة وأحوال متصلة بالشأن الثقافي .. هذه الظروف عايشتها الشاعرة وفي قلبها شيء من الذهاب قدما في دروب التحصيل والإبداع وكانت التتويجات تباعا، حيث تحصلت على شهادة الماجستير في اللغة والآداب والحضارة العربية اختصاص أدب، بعد مناقشتها بملاحظة حسن جدا بإشراف اللجنة المكونة من الأستاذ خميس الورتاني مشرفا، والأستاذة أم الزين بالشيخة رئيسا، والأستاذ محمد الصالح الحمراوي مقررا والتي حملت على عاتقها النظر في البحث وتقييمه.

كما أنها فازت بجائزة عبدالوهاب بن عياد للشعر بتونس حيث توجت إلى جانب فائزين في أقسام أخرى من هذه الجائزة الأدبية المرموقة في تونس وذلك عن مجموعتها الشعرية الممهورة بـ"لا...لتعكير المزاج العام" والصادرة عن دار ميارة للنشر والتوزيع لصاحبها الشاعر بلال المسعودي.

وفي خصوص البحث المنجز والحاصل على شهادة الماجستير تقول صاحبة إعداده الشاعرة أمامة الزائر "اتجهت البحثة نحو كتابة هذه الورقات البحثية، التي اختارت أن تكون حاملة لعنوان 'شعرية الإيقاع في قصيدة النثر التونسية'، 'نزولا عند رغبة المطر' للشاعر عبدالفتاح بن حمودة".

وتضيف "اختارت هذه المدونة التي تتنزل تحت لواء الحداثة الشعرية، ولعل الشعر الذي انتهى إلى قصيدة النثر، وانتهج مسار القطع مع أصنام القدامة من تشكلات إيقاعية وزنية راسخة، من أهم ملامح هذه الحداثة وكان لقصيدة النثر فضل التمرد على العروض والأوزان وإكراهاتهما، مقدّمة بدائلها الإيقاعية، خالقة أشكالا أجناسيا بجمعها للنثر والقصيدة في آن. مما أثار جدلا واسعا حولها منذ نشأتها إلى هذه اللحظة التاريخية، فكان هذا البحث محاولة لفهم هذه الظاهرة من ناحية ولإدراك ما غفل عنه الدرس النقدي الذي اكتفى بالحفر في جوانب بسيطة منه. وقد اختارت الباحثة قصيدة النثر التونسية دعما للكتابة عن المحلي، خاصة وأنّ أغلب النقاد اعتنوا بالشعراء المشارقة مغفلين التجارب التونسية. وقسمت البحث إلى قسمين كبيرين يشتمل الأول على مدخل نظري ويرتكز الثاني على قسم تطبيقيّ. وانشغلت في القسم الأول بمفهوم الشعر عند العرب القدامى الذين استنطقوا ماهية الشعر. ونظرت في ما قدّمه الفلاسفة من تصورات عن الشعر الذين أفادوا مما توصّل إليه العرب القدامى من جهة ومن كتاب فنّ الشعر لأرسطو. أما بالنسبة إلى النقاد الغربيين فقد طوّروا ما توصل إليه الشكلانيون الروس من مجهودات وأفادوا منها ومن كتاب فن الشعر لأرسطو، وارتكزت الشعرية عندهم بوصفها دراسة الملامح الفنية في الخطاب (شعرا أو نثرا) والكشف عمّا يميّز الشعر عن النثر، أما الشعرية عند العرب المحدثين فجاء تمثّلها انطلاقا من تأثّر بالنظريات الغربية وبما تركه السلف من مفاهيم".

وتتابع "بحثت في مفهوم الإيقاع الذي ارتبط بالموسيقى وتلبّس بغيره من الظواهر، وألصقه العرب بالوزن والقافية والعروض وغيرها من الظواهر الصوتية كالترديد والتكرار الصيغي والدلاليّ. ووضعت مدخلا تاريخيا تفحّصت من خلاله مسار الشعر العربي وحركته من الهزج إلى قصيدة النثر. وركزت في المدخل المنهجي على تنوّع مقاربات الإيقاع، وانطلقنا بالمقاربة المقطعية التي قدمها محمود المسعدي في كتابه 'بحث في إيقاع السجع العربي' ونظرت في ما تطرحه المقاربة الموسيقية التي اقترحها محمد العياشي في كتابه 'نظرية الإيقاع في الشعر العربي'، وصولا إلى المقاربة الإنشائية التي أفادنا من خلالها هنري ميشونيك. وقد احتكمت في القسم التطبيقي إلى مقاربات الإيقاع هذه للكشف عن شعرية الإيقاع في كتاب 'نزولا عند رغبة المطر' للشاعر عبدالفتاح بن حمودة، وفي موضع أوّل اختارت أن تبدأ بتطبيق المقاربة الإنشائية على النصوص. واستنادا إلى المقاربة المقطعية انتبهت إلى وجود نصوص موقعة وأخرى مجهدة. وفي موضع أخير استندت إلى المقاربة الموسيقية لتحسس الإيقاع في نصوص هذا الكتاب...".

تجربة مفتوحة على الشعر ودروبه والبحث وعنائه .. وبكثير من الإصرار والتفاؤل تمضي وفقها الشاعرة أمامة التي كانت لها مشاركات شعرية وأدبية متعددة في تونس وخارجها ومنها المشاركة في الفعاليات الشعرية ضمن تظاهرات "اربد عاصمة الثقافة العربية 2022".. كما أنها نشطت صالونات ونواد للشعر والأدب دعت إليها مبدعين ومثقفين تونسيين من تجارب وأجيال مختلفة.