أوروبا تدخل في سباق ضد الساعة بحثا عن بدائل للغاز الروسي

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يجري محادثات في الجزائر ثم في قطر حول أزمة الطاقة في أوروبا وسط توقعات بأن تواجه أوروبا شتاء قاسيا وصعوبة في سدّ الفجوة في إمدادات الطاقة من روسيا.
زيلينسكي: روسيا تستعد لتوجيه ضربة قوية للأوروبيين في مجال الطاقة
روسيا ترجئ معاودة افتتاح خط أنابيب في ضربة لأوروبا
قطر والجزائر تبحثان عن توسيع منافذ الغاز لأوروبا

الدوحة/الجزائر - دخل الاتحاد الأوروبي في سباق ضد الساعة لإيجاد بدائل للغاز والنفط من روسيا وسط توقعات بشتاء قاس وصعب بالنسبة للدول الأوروبية التي تستورد معظم احتياجاتها من الطاقة من موسكو التي قلصت بشكل كبير إمداداتها للأوروبيين الذين فرضوا عليها عقوبات قاسية ويسعون للتخلص من التبعية لغازها.  

وفي سياق البحث عن إمدادات لسد الفجوة الناجمة عن العقوبات وتقليص روسيا لإمداداتها، يجري رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل محادثات في قطر حول أزمة الطاقة في أوروبا خلال زيارته للجزائر ثم الدوحة هذا الأسبوع.

ومن المتوقع أن يزور ميشيل قطر يوم الثلاثاء، بحسب مسؤول في الحكومة القطرية، والجزائر غدا الاثنين، بحسب جدول مواعيده الرسمي.

وتسعى الحكومات الأوروبية إلى إيجاد بدائل للغاز الروسي منذ أن أرسلت موسكو قواتها لغزو أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط، في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة في أوروبا مع تراجع التدفقات الروسية.

وتتفاوض شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة وهي أحد أكبر مُصدري الغاز الطبيعي في العالم، مع العديد من المشترين الأوروبيين منذ شهور، لكن لم يتم الإعلان عن صفقات جديدة.

وقال المسؤول القطري لرويترز "سيلتقي شارل ميشيل مع عدد من المسؤولين رفيعي المستوى لبحث ومراجعة قضايا إقليمية ودولية، منها الأزمة الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة، بالإضافة إلى عدد من المسائل الأخرى مثل أفغانستان وإيران وفلسطين وإسرائيل".

ومعظم الكميات الحالية من الغاز الطبيعي القطري مقيدة بعقود طويلة الأجل وخصوصا مع مشترين في آسيا والتي قالت قطر إنها ستحترمها.

وقال نائب رئيس الوزراء القطري لصحيفة ألمانية في مايو/أيار الماضي إن شركة قطر للطاقة قد تبدأ في إمداد ألمانيا بالغاز من منشأة جولدن باس للغاز الطبيعي في ولاية تكساس الأميركية والتي تمتلك فيها حصة أغلبية وذلك اعتبارا من 2024.

وفضلا عن ذلك، تبحث قطر عن عملاء جدد من أجل توسع كبير في إنتاجها من الغاز في أوائل عام 2027، الأمر الذي سيعزز صادراتها بنحو 63 بالمئة.

وقالت مصادر دبلوماسية إن شارل ميشيل سيقوم بزيارة للجزائر غدا الاثنين، لبحث آفاق التعاون بين الطرفين خاصة في مجال الطاقة وإحياء اتفاق الشراكة ومستقبل علاقات الدولة العربية مع إسبانيا.

وكشفت المصادر أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، سيلتقي ميشيل وسيبحث معه العديد من الملفات على رأسها إمكانية توريد المزيد من الغاز إلى أوروبا بعد قرار روسيا الأخير القاضي بالوقف التام لضخ الغاز إلى القارة العجوز.

وتأتي زيارة رئيس المجلس الأوروبي إلى الجزائر بعد 10 أيام من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبعد أسابيع من أخرى مماثلة لرئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي.

أجرى تبون الأحد مكالمة هاتفية مع نظيره الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، تم خلالها تبادل الرؤى بخصوص العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الصديقين في عديد المجالات.

ومن المتوقع أن تكون زيارة ميشال، فرصة لإحياء اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الموقع عام 2002 ودخل حيز التنفيذ في الأول سبتمبر/أيلول 2005.

وتقول الجزائر إن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "مجحف" يستوجب مراجعته لأنه يخدم مصالح الأوروبيين فقط.

وأوعز الرئيس الجزائري في أكتوبر/تشرين الأول لحكومة بلاده بإعادة تقييم اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "بندا بندا وفق نظرة سيادية"، وأيضا وفق مبدأ "رابح - رابح"، ومراعاة لـ"مصلحة المنتج الوطني لخلق نسيج صناعي ومناصب شغل".

كما لا يستبعد أن يكون مستقبل العلاقات الجزائرية-الإسبانية ضمن أجندة زيارة ميشيل إلى الجزائر التي كانت وصفت تصريحات الاتحاد الأوروبي المنتقدة لقرارها بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا في يونيو/حزيران الماضي بـ"المتسرعة"، وصدرت "دون تشاور مسبق ولا تحقق من الحكومة الجزائرية".

وأعلنت الرئاسة الجزائرية التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا الموقعة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2002 مع إسبانيا، بعد قرار أول بسحب سفيرها احتجاجا على تغيير مدريد موقفها من نزاع الصحراء المغربية.

وصرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أمام أعضاء البرلمان، انه متمسك بدعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط في إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو، لكن سانشيز كشف قبل أيام انه يرغب في زيارة الجزائر.

وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأوروبيين بأن يتوقعوا شتاء صعبا إذ أدى الهجوم الروسي على بلاده إلى أن تقلص موسكو صادرات النفط والغاز مع سعي زعماء القارة اليوم الأحد إلى تخفيف تبعات ارتفاع أسعار الطاقة.

وأدلى زيلينسكي بهذا التصريح مساء أمس السبت بعد أن أغلقت موسكو خط أنابيب رئيسيا يمد القارة بالغاز الروسي. وقال في خطابه المصور اليومي "روسيا تستعد لتوجيه ضربة قوية لجميع الأوروبيين في مجال الطاقة هذا الشتاء".

وأرجعت موسكو سبب تعطل إمدادات الطاقة إلى العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب غزو أوكرانيا ومسائل فنية. وتتهم الدول الأوروبية، التي قدمت دعما دبلوماسيا وعسكريا للحكومة الأوكرانية، روسيا باستخدام إمدادات الطاقة سلاحا.

ويقول محللون إن نقص الإمدادات وارتفاع تكاليف المعيشة مع اقتراب فصل الشتاء يهدد بتقليص الدعم الغربي لكييف، بينما تحاول الحكومات التعامل مع السكان الذين يشعرون بالغضب.