أيام قرطاج للفن المعاصر تختار 'طريقا' ثرية بالأنشطة

هذا الحدث الاستثنائي انتظم بمشاركة فنانين تونسيين وأجانب من ثلاثة وعشرين دولة وأروقة فنية عربية.
'فلسطين الفنانة' ضيف مبجل ومكرم في الدورة الثالثة من الفعالية

الفن مكان.. ومكانة.. الفن طريق.. حيث طرق شتى في زحمة الأكوان المفعمة بالألوان والهيئات والتبدلات المتسارعة والمربكة في عالم محفوف بالفجيعة، ولكن أيضا بعنفوان الحلم.. الأحلام.. من هنا تخير الفن دربه والطريق.. جاء الفنانون وغيرهم من المأخوذين بالفن وشؤونه وشجونه حبا وغراما ونقدا واهتماما وجمالا.. جاؤوا فرادى وجماعات حيث الفعالية في احتفائها الهائل بالفن.. الفن المعاصر ليكون الانطلاق من المدينة.. مدينة الثقافة بعد سنوات من معايشات كورونا التي توقف بها وعندها الفعل الثقافي في العالم.. عادت الفعالية في دورتها الثالثة.. أيام قرطاج للفن المعاصر.

تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية وتنظيم فيه جهد وخيال وحلم واجتهاد من إدارة المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر وهيئة برئاسة سميرة التركي الترجمان بعضوية فنانين وممثلي هيئات مثل اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين والرابطة التونسية للفنون التشكيلية نذكر منها أحلام بوصندل ووسام غرس الله ووصال بن سليمان... وإدارة الفنون التشكيلية بالوزارة وغيرهم.. فعاليات متنوعة حيث الفنانون وأعمالهم والأروقة وأنشطتها والتعريف بتجاربها ومنها رواق جميلة عاشور ورواق علي خوجة ورواق عين ورواق صلاح الدين وغيرها من الأروقة العربية من ليبيا (بيت اسكندر للفنون) ومصر والإمارات وقطر... تم الافتتاح بحضور رئيس ديوان وزيرة الشؤون الثقافية لسعد سعيد وسفير فلسطين وعدد من الدبلوماسيين وأعضاء هيئة الدورة وعدد كبير من الفنانين والإعلاميين والنقاد والضيوف العرب وغيرهم حيث احتفاليات الافتتاح والعروض الفنية صلب مجالات الفن المعاصر وعروض الأزياء.

برامج ومعارض وندوات وتنشيط ولقاءات بين الفنانين والنقاد وأصحاب الأروقة في دورة بها تنوع في ضروب الفن وأساليبه وأجياله واحتفاء باذخ بتجربة ثرية ومؤثرة في مسارات الفن التونسي المعاصر وكذلك في المشهدية التشكيلية الوطنية والعربية ونعني مدرسة تونس التي كان لجمهور وضيوف الدورة لقاء معها من خلال معرض فني مميز لفنانيها وذلك بدار الفنون بالبلفيدير بإدارة الفنانة عربية العياري وذلك في السابع والعشرين من مايو/أيار الجاري بحضور الضيوف العرب وغيرهم.

وفي مجال الفكر والحوار للفعالية كانت الندوة الأولى عن التصرف الجماعي في حق التتبع...  و"حق التتبع" هو موضوع اللقاء الفكري الذي نُظم ضمن فعاليات الدورة الثالثة لأيام قرطاج للفن المعاصر، حيث تم تسليط الضوء على أهمية هذا الحق في ضمان حقوق الفنان التشكيلي، وعلى التحديات التي تواجه تطبيقه في تونس، مثل التعقيدات القانونية وغياب الوعي القانوني لدى الفنانين.

كما تطرق الضيوف إلى دور المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في ضمان حقوق الفنانين والمؤلفين، وتم التأكيد على ضرورة نشر ثقافة حقوق المؤلف في الأوساط الثقافية لضمان حقوق المبدعين المادية والمعنوية.

وفي جانب آخر تكون الجلسة الثالثة عن استدامة الحدث كمحور أساسي للفن المعاصر في تونس. وتهدف هذه الجلسة إلى التعرف على تجارب تشكيلية مختلفة، وإقامة جسر ضروري بين جيل الفنانين من هنا ومن أماكن أخرى، وتعزيز التجارب المختلفة واللغات التشكيلية، وفتح النقاش حول أهمية الفن المعاصر في تونس الحديثة، وكذلك مكانة الفنانة اليوم كل ذلك ضمن ما تسمح به هذه الأيام للفنانين للتحفيز على الالتقاء والنقاش والمساهمة في الترويج للفن في تونس وتأثيره في الخارج...

وبالنسبة للمجال المتصل بـ"مدرسة تونس.. المسيرة والاثر" التي انتظمت يوم 28 مايو/أيار صباحا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، فإن مدار الحديث كان في شأن مدرسة تونس، وهل هي نتاج أم مواكبة للسياق الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي عاصرته؟ وتمثلات مفهوم الهوية في أعمال جماعة مدرسة تونس وماذا تبقى من إرث جماعة مدرسة تونس اليوم وضمن التحولات الحاصلة في المجال الفني والمجتمعي؟

الجناح العالمي في أيام قرطاج للفن المعاصر في دورتها الثالثة هو بمثابة المعرض المنفتح على جميع أنواع الفن المعاصر، بما في ذلك الرسم، الطباعة، التصوير، النحت، التنصيبات، فنون الأداء وفن الفيديو، والجناح الوطني مجال يقدم أعمالا مختلفة من الفن المعاصر مثل الرسم، النقش، التصوير، النحت، التنصيبات وفنون الأداء.

في هذه الدورة نجد فلسطين الباقية على مكانتها في القلب التونسي وللتاريخ في ذلك حكايات كما قال محمود درويش عن الحب التونسي الفلسطيني ذات أمسية شعرية رائقة بالمسرح البلدي.. ولهذا كان هناك "جناح فلسطين" ضيفة الدورة.. وهذا من شرف أيام قرطاج للفن المعاصر ليكون الأمر بمشارك حوالي 15 فنانا منهم محمد الحواجري ودينا محمد مطر ورائد عبدالكريم عيسى وعبدالرؤوف العجوري ومحمد عبدالله الكرنز وعبير عبدالرحمن جبريل ورقية خميس اللولو وسمير عطا الحلاق وإبراهيم محمد العوضي وفاخر محمد عوض... فلسطين وبانوراما فنية تشكيلية متناغمة مع الشجن والحلم والإبداع والإمتاع..

فعالية ثرية وأنيقة أناقة الفن وأنشطة متعددة وأربعة أجنحة كبرى وندوات ولقاءات وتكريمات ويوم للجم وحركية مفعمة باللقاء بين أجيال الفنانين والتيارات الفنية المختلفة وأكثر من 150 فنانًا تونسيًا و52 فنانًا أجنبيًا من 23 دولة اجتمعوا في هذا الحدث الاستثنائي ومعارض وتركيبات حيث الرواد والجمهور وأحباء الفنون في اطلاع واكتشاف للأعمال المتعددة للفنانين في 9 أروقة للفنانين الأجانب و7 أروقة للفنانين التونسيين.

وتختتم فعاليات هذه الدورة يوم 30 مايو/أيار 2023 عند الساعة 6 مساء، في مدينة الثقافة بإسناد عدد من الجوائز للفنانين الذين تألقوا في هذه الأيام.. أيام الفن وتقاطعاته الجمالية والعلمية من معارض ولقاءات وندوات حوارية وتوق إلى المستقبل لمزيد تركيز ودعم أسس المهرجان والإفادة من السلبيات إن وجدت والذهاب أكثر في مزيد النجاح وإشعاع الفعاليات في العالم.. العالم الذي يتغير بسرعة ولكنه يظل في حاجة للفن النبيل.. خطابا ورمزا وجمالا.... الفن الذي يعبر عن طريقه في هذه الدورة من الأيام.