أيهم خطر على العراق، اسرائيل أم ايران وتركيا؟

إيران وتركيا تقطعان المياه وتقصفان القرى وتسرح قواتهما شرقا وشمالا في العراق، ثم يوجه البرلمان العراقي اللوم لإسرائيل!

يوم 20-6-2018 طالبت لجنة الامن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي بعقد جلسة طارئة للبرلمان لمناقشة ما اسمتها "تداعيات الضربة الجوية الصهيونية" على مواقع كتائب حزب الله العراقي على الحدود العراقية - السورية وفي الجانب السوري منها، أي أن الضربة تمت داخل سوريا، ما يعني انها استهدفت سوريا وليس العراق. واثناء تقديم الطلب قال النائب اسكندر وتوت "ان الاستهداف مقصود وهو محاولة أميركية اسرائيلية لإعادة داعش الى العراق"، واهاب بمجلس النواب العراقي باتخاذ موقف حازم! وبعد يوم على ذلك الطلب، حمل همام حمودي نائب رئيس مجلس النواب العراقي اسرائيل مسؤولية القصف ذاك داعياً منظمة الامم المتحدة الى تدخل عاجل في هذه القضية.

بداية أقول، ان الولايات المتحدة نفت ان تكون طرفاً في العملية المذكورة مرجحة ان تكون اسرائيل قامت بتنفيذها، ما يفيد بان هناك تسرعاً في توجيه الاتهام وان الجانب العراقي غير متأكد او واثق من ان ايا منهما، اميركا او اسرائيل، نفذت العملية التي اودت بحياة نحو 34 عنصراً من الحشد الشعبي جلهم من كتائب حزب الله العراقي. لذا فان اتهام العراق للدولتين يبقى باطلاً، هذا في وقت نجد فيه اسرائيل تصرح بمناسبة وغير مناسبة، ان التواجد العسكري الايراني في سوريا يشكل هدفاً لها وهي ترى ويشاركها اخرون الرأي، ان الميليشيات العراقية سواء داخل العراق أو خارجه جزء من المنظومة العسكرية الايرانية. لهذا السبب لا يمكن لإسرائيل التمييز بينهما. والانكى من ذلك هو تقييم ما جرى بأنه "محاولة اميركية اسرائيلية لإعادة داعش الى العراق"، ومن المؤكد 100% ان داعش لم يغادر العراق منذ ظهوره فيه قبل سنوات وما قبل بعد تحرير الموصل منه انه "نصر" عليه تبين فيما بعد زيف هذا "النصر" وبطلانه، وراح داعش في الايام والاسابيع الاخيرة يوسع من نطاق عملياته في المحافظات السنية وفي داخل العاصمة العراقية والمناطق المتنازع عليها كذلك، حتى ان حاكم الزاملي مسؤول لجنة الامن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي قال بتاريخ 18-6-2018 أن بغداد مقبلة على فلتان امني. ثم ان كركوك المبتلية بعمليات داعش لاسيما بعد احتلالها من قبل الجيش العراقي بقيادة الجنرال قاسم سليماني يوم 16-10-2017 تفند بدورها مزاعم "النصر" المزيف ولم يكن عضو مجلس محافظة كركوك عن المكون العربي برهان العاصي على خطأ عندما قال "الوضع الامني في محافظة كركوك هش وبات التعرض يحدث في اغلب المناطق". وبحسب النائب عبدالرحمن اللويزي عن نينوى ان نينوى على خطى بغداد وكركوك.

أعود الى مطالبة مجلس النواب العراقي بعقد اجتماع طارئ وعلى عجل لمناقشة "تداعيات الضربة الجوية الصهيونية" واتساءل: لماذا يتقدم البرلمان العراقي بمثل هكذا طلب لعقد اجتماع عاجل هذا العام ولم يدع البرلماني العراقي اذا الى عقد جلسة طارئة هذا العام والاعوام الماضية الى عقد جلسة للمجلس لمناقشة العدوان التركي المتواصل على العراق والذي بلغ حد اقامة تركيا لنحو 11 قاعدة عسكرية في سيدكان وبرادوست شمال محافظة اربيل وقواعد اخرى في قضاء العمادية شمال محافظة دهوك وتهديدها باحتلال قنديل وخواكورك وكذلك سنجار ومخمور ورفعها للعلم التركي فوق جبال قنديل؟ ولماذا سكت هذا البرلمان وما يزال على مقتل المئات من القرويين في القرى الوقعة على الشريط الحدودي العراقي مع تركيا وعلى يد القوات التركية في مناطق سوران وبهدينان، ليس على ذلك الشريط فقط بل في العمق العراقي ايضاً، انظر الى مقتل 7 افراد من عائلة واحدة قبل اعوام في قضاء رانية وقبل ايام قلائل قتلت تركيا 3 اشقاء كرد في قرية بقضاء العمادية ونجم عن اعتداءاتها المستمرة استيلاءها على 400 كم مربع من الاراضي العراقية والنزوح سكان 700 قرية من منازلهم ومنعهم من مزاولة اعمالهم في حقولهم الزراعية وبساتينهم. وها هي تركيا لا تكتفي بهذا الكم الهائل من العدوان والاحتلال على العراق وله وتقدم على ابشع جريمة قل نظيرها في التاريخ بحق الشعب العراقي الا وهي قطع مياه نهر دجلة عن العراقيين بعد انجازها بناء سد اليسو، وهي التي قالت قبل نصف قرن وعلى لسان رئيس وزرائها الراحل سليمان ديميريل سنبادل العراق برميل ماء مقابل برميل نفط. وعلاوة على ما تقدم فان كركوك ما زالت لدى تركيا الولاية 82 والموصل الولاية 83 وتخصص مبلغ (صفر) في ميزيانيتها المالية السنوية العامة لولاية الموصل، اضف الى ذلك ان اغتصاب تركيا للاسكندرونة العربية السورية حصل قبل قيام اسرائيل بعقدين من السنين. وفي اثناء الدعوة لعقد الجلسة الطارئة المنوه عنها شنت تركيا غارات جوية على العديد من القرى الكردية العراقية في شمال محافظتي اربيل ودهوك.

عدا تركيا نجد الجارة الشرقية ايران لا تكف بدورها عن توجيه ضربات تلو ضربات الى العراق منها قيامها باعمال تفجير ارهابية فيه، مثال ذلك ما حصل في كويسنجق قبل اكثر من عام فقتلها للعديد من النشطاء الكرد الايرانييين داخل العراق بين حين وحين وبالاخص في محافظتي اربيل والسليمانية ناهيكم عن قطعها لمياه نهر الزاب الصغير وتهديدها بقطع المياه عن نهري الوند وسيروان وروافد ومائية اخرى تصب عبر اراضيها في العراق، اضافة الى تصرفاتها اللصوصية بحقول النفط المشتركة بينها وبين العراق وغير المشتركة ايضاً.

والان من حقنا ان نتساءل: من الذي يشكل الخطر على العراق اسرائيل ام الجارتان "المسلمتان" ايران وتركيا؟ هل احتلت اسرائيل اراضي عراقية واقامت فوقها قواعد ونقاط عسكرية، هل قامت اسرائيل بقطع المياه عن العراق وسرقة نفطه وفرض اتفاقية عليه على غرار اتفاقية الجزائر التي اقتطعت اجزاء من العراق وسلمتها الى ايران؟

من احتلال تركيا شماله وايران لشرقه ودوسهما على استقلاله وسيادته يهرب العراق غرباً بدعوى انقاذه لسوريا من المحن التي تعاني منها، ومن يوم توجهه نحو حدود الاخيرة، واذا بهذه الحدود تزداد توتراً واضطراباً والتهابا ومن احدث هذه التوترات مقتل نحو 34 عنصراً من حزب الله العراقي في مجزرة رهيبة جرت بالارتباك والهلع إلى صفوف القوات العراقية، وهذه المجزرة لن تكون الاولى ولا الاخيرة وستعقبها مجازر اخرى يكون وقودها المغرر بهم من ابناء العراق الذين يخوضون حرباً بالنيابة عن ايران ليس الا. ولقد حان الوقت ليفيق العراقيون مما هم فيه الان وأن يدركوا من هم اعداءه ومن هم محتلو ارضهم ومنتهكي سيادتهم واستقلالهم بدل توجيه نيران بنادقهم الى عدو وهمي، وليكونوا على علم، بأن من يعجز عن تحرير بلده وارضه من جيرانه المحتلين له سيعجز حتماً عن تحرير الاخرين وسيجد نفسه في النهاية خائضاً لحرب خاسرة وبيدق شطرنج بيد الاخرين من الذين يتاجرون بقضية الشعب الفلسطيني، ايران وتركيا، عساهما ان يكونا ومعهما حكام العراق اخر من يتاجر بقضية الشعب الفلسطيين المظلوم، الذين لو لا المتاجرين القدامى والجدد من العرب والمسلمين به لكان قد نال حقه المشروع منذ سنوات.