'إثنو ليبيا' معرض يجمع الفن التشكيلي بالأدب

محبو الفن والتاريخ يتجولون في غرف 'بيت إسكندر' بمدينة بنغازي للاستمتاع بالأعمال الفنية المعروضة به.

طرابلس - من مدينة بنغازي في الشرق إلى العاصمة طرابلس في الغرب، يحكي معرض "إثنو ليبيا" سردية تاريخية عن حقبة ما قبل التاريخ في ليبيا لتنقل تفاصيل اللوحات الزيتية والمنحوتات أدبيات تاريخ البلد وقبائله.

ومعرض "إثنو ليبيا" الفني تشارك به الفنانة التشكيلية الشابة شفاء سالم بست لوحات زيتية، تقول إنها ترجمة لرواية "موت الآنسة ألكسندرين تين في ليبيا" للناقد والكاتب محمد عبدالله الترهوني وكتاب "مدارات الثعابين الليبية: حوار مع بُناة العالم القديم" للشاعر والروائي حمزة الفلاح.

وكتاب الفلاح سرد تاريخي بأسلوب أدبي عن حياة القبائل الليبية القديمة، حيث يتناول قضايا الهوية والتراث بأسلوب شعري، بينما تحكي رواية الترهوني عن مستكشفة هولندية جاءت إلى ليبيا وتوفيت فيها عام 1869.

المشاركون الثلاثة في المعرض من بنغازي وكان معرضهم الأول بالمدينة لمدة سبعة أيام في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي في جامعة برنيتشي. وفي طرابلس بدأ معرضهم في بيت إسكندر للفنون في البلدة القديمة في السابع من يناير/كانون الثاني ويسدل الستار عليه الاثنين.

وقالت شفاء لرويترز "النصوص التي بنيت عليها العمل تتحدث عن إعادة بناء أسطورة القبائل الليبية وركزت على فترة ما قبل التاريخ، القبائل الليبية والإغريقية والرومانية، ولكن أنا ركزت على فترة القبائل الليبية".

ويرى الناقد والكاتب محمد الترهوني أن كل الدول مرت بأزمات مثل ما حدث في ليبيا ولكن تلك الدول رجعت خطوة إلى الوراء "لكي تستشرف مستقبلها.. ونحن علينا بالعودة إلى تاريخنا بالعودة إلى الوراء والتفكير في ما يجمع وليس ما يفرق والتاريخ فيه كل ما يجمعنا".

وفي عام 2011 أطاحت انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي بمعمر القذافي، وبعد أربع سنوات انقسمت البلاد بين إدارتين في الشرق والغرب وتتواصل جهود دولية للتوصل إلى اتفاق شامل يجمع الفرقاء الليبيين ويمضي بهم قدما إلى انتخابات تنهي الفوضى التي انزلقت إليها البلاد.

وكشف الترهوني لرويترز "تاريخنا به نقاط كثيرة تجمع الليبيين على قلب رجل واحد وتكثف الجهود لنتمسك بتاريخنا وهويتنا وثقافتنا وتراثنا".

ويجول الزوار من محبي الفن والتاريخ في غرف بيت إسكندر من بينهم محمد الشريف الذي قال "من الرائع زيارة مثل هكذا معارض لنستمتع بهذه الأعمال الفنية، ونتمنى أن تكون هناك أحداث ثقافية بمختلف النشاطات أكثر".

وأفادت شفاء أن مشروع المعرض استغرق التجهيز له قرابة ثلاث سنوات والفكرة الأساسية اقترحها الناقد والكاتب محمد الترهوني في عام 2021 خلال معرضها "أنا ليبيا".

ومن بين المعروضات منحوتة تحكي سردية "عودة الزمن الميت" وهي عبارة عن منحوتة مكونة من ثلاثة عناصر وهي (تمثال ابن آوى، وتمثال وحيد القرن المقلوب والساقط في الفراغ، وتمثال تانيت) وهي من أقدم الكائنات التي يتم الاستشهاد بها في الفن الصخري.

وعالجت شفاء من خلال لوحاتها ومنحوتاتها فكرة الموت في ما قبل التاريخ بطريقة إثنوغرافية تلقي الضوء على تعامل الثقافات مع موت أفرادها. وهذا ما تجسد في إحدى المنحوتات التي كانت على شكل طفل في وضعية القرفصاء وعنقه مزين بعقد من قشر بيض النعام.

وكان على جدار الغرفة ذاتها لوحة فنية رسمتها شفاء بألوان الزيت بعنوان "القبائل الليبية، إعادة بناء الذاكرة الجمعية"، وهي سردية تصف فيها شفاء تلك القبائل من خلال أربعة رجال يافعين يرتدون جلود الحيوانات تزينت رؤوسهم بعدد من الريشات بينما كان شعرهم مجدولا بطريقة ترمز لكل قبيلة مع وشوم على أطرافهم.

وتقول شفاء إن الحقبة التي سلطت الضوء عليها في المعرض هي حقبة ما قبل التاريخ حتى المرحلة الرومانية "لأن ما بعد الرومانية هي حقبة معروفة لدى الليبيين لهذا هو مشروع له هدف وليس مجرد سرد فقط. وتلك الحقبة لم تأخذ حقها في السرد".

بينما يرى الفلاح أن الفكرة الأساسية مبنية على التاريخ، مضيفا "التاريخ بدون أسطورة هو مجرد أرقام ولا يوجد به سرد. وكان التركيز على السرد التاريخي".

ويتمنى أصحاب المعرض الثلاثة أن يكون هناك معرض دائم لأعمالهم حتى يتسنى زيارته بشكل مستمر دون توقف. وأضافوا أن هناك فكرة للعرض خارج ليبيا يمكن أن تكون في ألمانيا دون أن يحددوا موعدا لذلك.