إخوان اليمن.. في منعطف الحرب الأخير

قيادات تنظيم الإخوان والحرس الثوري الإيراني قررا نقل نشاط التنظيم إلى اليمن لتهديد الأمن السعودي نكاية بموقف الرياض من تأييدها 30 يونيو في مصر.

بقلم: هاني سالم مسهور

تردد شخصية «إخوانية» يمنية مقولة «لو انحرف حسن البنا ما انحرفنا»، وهذه مقولة شائعة في وسط «إخوان» اليمن يؤكدون من خلالها مدى ارتباطهم العقائدي بمنهج التنظيم وولائهم لتلك العقيدة الضالة، وهي مقولة تفسر قدرة فرع التنظيم الدولي في اليمن على امتصاص كل الضربات وقدرته على الخروج من المنعطفات الصعبة بمكاسب سياسية وعسكرية، حتى مع تصنيف العواصم العربية الكبرى للتنظيم ككيان إرهابي محظور، فإنه يستطيع التكيف مع هذه الضغوط والخروج منها.

أشد مرحلة في سنوات عاصفة الحزم كانت في يونيو 2017 بإعلان دول محور الاعتدال العربي (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) مقاطعة دولة قطر، وبرغم نقطة التحول، فإن «إخوان» اليمن كانت لهم استراتيجية في التعامل مع هذا المتغير الحاد، فلقد تم إغراق الإعلام العربي بمفهوم أن «إخوان» اليمن ينقسمون إلى شقين، شق موالٍ لتركيا وقطر ومعادٍ للمحور العربي، وشق آخر معتدل ومع المحور العربي.

هذه الاستراتيجية تم تعزيزها عبر كل المنصات الإعلامية، حتى أنه تم تحويل توكل كرمان كجناح متطرف، بينما الحقيقة أنها تمثل «إخوان» اليمن، حتى وإن اعتبرت إعلامياً غير ذلك، هذا التكتيك كان يهدف من الأساس إلى امتصاص ردات الفعل من نشاط «إخوان» اليمن في جبهات الحرب، إضافة إلى ما يمكن أن يحققه التنظيم الدولي من اختراقات للمحور العربي.

هنا تحديداً، علينا استعادة القراءة في المشهد الكلي، فإن تصنيف «الإخوان» ككيان إرهابي، جاء بعد ما يسمى «الربيع العربي» وتهديد الكيانات العربية، بما في ذلك ما حدث في مصر، وهو ما أكدته وثائق الاستخبارات الإيرانية ونشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في نوفمبر 2019 بأن اجتماعاً استضافته تركيا، جمع بين قيادات تنظيم «الإخوان» والحرس الثوري الإيراني، قرر نقل نشاط التنظيم إلى اليمن لتهديد الأمن السعودي، نكاية بموقف الرياض من تأييدها لثورة الشعب المصري ضد «الإخوان» في 30 يونيو.

الوثائق كانت تفسر الاستراتيجية «الإخوانية» في اليمن، وتعطي تفسيرات واضحة لسقوط محافظات الشمال اليمني، من دون مواجهات عسكرية حتى وصول «الحوثيين» إلى مدينة عدن، وحتى ما بعد العاصفة وتأخر تأييد حزب «التجمع اليمني للإصلاح» للحرب ضد «الحوثيين»، ولم يأتْ إعلان التأييد إلا بعد أن سقط الساحل الحضرمي بيد تنظيم «القاعدة» الإرهابي، مما يعني أن توازنات الأرض هي التي شكلت رأي حزب «الإصلاح» في تأييده للعاصفة.

وحتى ما قبل المقاطعة، كان إعلام «إخوان» اليمن يشن الحملات العدائية العنيفة على مشاركة الإمارات في قوات التحالف العربي، وما سبق المقاطعة القطرية بشهر واحد فقط من افتعال أزمة سقطرى، يؤكد أن مخطط «إخوان» اليمن كان يقوم على تفكيك الشراكة الثنائية السعودية- الإماراتية.

هذا هدف استراتيجي لـ«إخوان» اليمن لم يتغير أو يتزحزح على مدار سنوات «عاصفة الحزم»، وفي كل تحولاتها حتى مع قدرة الرياض وأبوظبي على امتصاص كافة التصرفات المشينة لـ«إخوان» اليمن، بما فيها من تصرفات رعناء بتقديم الشكاوى الكيدية للأمم المتحدة وتسليم الجبهات العسكرية للحوثيين، وحتى التوقيع على اتفاقية السويد وتضييع جهد التحالف العسكري في تحرير مئات الكيلومترات والوصول إلى قلب مدينة الحديدة.

وصلت الحرب للمنعطف الأخير، وبات «إخوان» اليمن يمتلكون مساحات واسعة من وادي حضرموت وشبوة وأبين، ويحاصرون عدن، ويمتلكون إرادة سياسية تتمثل في سطوهم على المؤسسة الشرعية اليمنية، ومع هذا المنعطف الأخير لا يمكن تجاهل هذه المكاسب لـ«الإخوان» في اليمن، ما يفتح الأبواب لسيناريوهات متعددة لمستقبل هذا البلد القصير والبعيد، فهل تتقاسمه إيران وتركيا؟ وهل يحقق «إخوان» اليمن هدفهم بأن يكون اليمن مصدر تهديد مستدام للجزيرة العربية، أم يذهب ليكون دولة طائفية أخرى في الشرق الأوسط؟

نُشر في الاتحاد الإماراتية