إستسلام من أجل الشعب أم النظام؟

هل تذكرون ما قاله خامنئي قبل أيام في تخوين من يتفاوض مع الولايات المتحدة؟

لم تمض سوى أيام معدودة على رفض المرشد الاعلى الايراني، لأية مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة ووصفه الشخصيات الإيرانية التي تدعو للحوار بأنهم "عملاء وليسوا برجال دولة"، قائلا إن "من يروج في الداخل الإيراني للتفاوض مع الأعداء هم الخونة"، حتى أعلن وزير خارجية الإيراني محمد جواد ظريف استعداد بلاده حول التفاوض مع الولايات المتحدة، لإبرام اتفاق جديد، مضيفا بأن "شرط إيران للبدء في مفاوضات مع الولايات المتحدة هو ضمان تنفيذ الاتفاق بمجرد التوصل إلى اتفاق"!

هذا الموقف الذي لا يجب أبدا إعتباره بالغريب وغير المتوقع من جانب طهران، يأتي في وقت يواجه فيه النظام تحديات وتهديدات متباينة من كل جانب رغم إن التهديد الاكبر والاهم والاخطر هو موقف الشعب الايراني من المواجهة الحالية بين طهران وواشنطن، حيث يعتبر نفسه غير معني بها بل ويذهب أبعد من ذلك عندما يعلن بأن "العدو هنا في إيران وليس في أميركا"، في إشارة واضحة جدا للنظام، وإن إتساع دائرة الاحتجاجات في سائر أرجاء إيران ولاسيما بعد إضراب سواق الشاحنات الذي أصاب إيران بالشلل وما تبعه من إضراب التجار الايرانيين تضامنا مع سواق الشاحنات، يدفع النظام لزاوية صار واضحا بأنها ستصبح ضيقة أكثر فأكثر مع مرور الزمن.

المشكلة العويصة التي تواجه النظام في إيران لبدء التفاوض مع واشنطن، هو إن الاخيرة قد إشترطت تنفيذ 12 شرطا لبدء أي مفاوضات لإبرام أي اتفاق جديد مع طهران، تتضمن بالدرجة الأولى سحب إيران قواتها وميليشياتها من دول المنطقة والكف عن دعم الإرهاب وتجميد البرنامجين الصاروخي والنووي، الأمر الذي يراه المتشددون بأنه سيؤدي الى إضعاف النظام تدريجيا وبالتالي إسقاطه! ولا ريب من إنه ليس هناك من أي مٶشر على نوع من الليونة والتساهل من جانب واشنطن بخصوص هذه الشروط، وإن السٶال الذي يجب طرحه مالذي يخطط له النظام في إيران في ضوء خوضه لهكذا مفاوضات "خطڕة" و"حساسة"؟!

إيران التي تعيش حالة غليان وغضب منذ 28 ديسمبر/كانون لاول 2017، والتي أسفرت عن حالة من إستمرار الاحتجاجات وتواصلها دونما إنقطاع، فهم النظام رسالة واضحة من الشعب تطالب بالتغيير الجذري، أو بمعنى أدق، إسقاط النظام، ولأن الاخير لم يعد في إمكانه أن يتصرف كما تصرف مع إنتفاضة عام 2009، وعندما وجد الابواب كلها مغلقة بوجهه إلا الباب الاميركي، فقد ولى وجهه صوبه وسيمشي جاثيا إليه. أما ما قاله ويقوله المرشد الاعلى فإنه كلام "في المشمش"!