إسرائيل تكثف عملياتها العسكرية جنوب سوريا لاعتقال "الخلايا الإيرانية"
القدس – قال الجيش الإسرائيلي الإثنين إنه ألقى القبض على عناصر خلية مدعومة من إيران في جنوب سوريا، في ثاني عملية من هذا النوع يُعلن عنها خلال أسبوع، بالتزامن مع إعلان السلطات السورية اعتقال خلية تابعة لإيران شمال شرق البلاد.
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أن العملية نُفذت ليلا عبر قوات خاصة، مؤكدا أنها تأتي في إطار ما تسميه تل أبيب "الحرب بين الحروب"، وهي استراتيجية استخباراتية وعسكرية تهدف إلى تقويض التمدد الإيراني في سوريا دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد كشف قبل أيام عن عملية مشابهة، نفذتها قوات اللواء 474 التابع للفرقة 210، مدعومة بمحققين ميدانيين من الوحدة 504 الاستخباراتية، في منطقة أم اللوقس وعين البصلي جنوب سوريا، وأسفرت عن اعتقال خلية يشتبه بأنها تابعة لإيران.
وتندرج هذه العمليات ضمن تصعيد ملحوظ في المواجهة غير المباشرة بين إسرائيل وإيران، حيث تعتبر تل أبيب الوجود الإيراني العسكري والاستخباراتي في سوريا، وخاصة قرب الجولان المحتل، تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وتلجأ إسرائيل لمجموعة من الأساليب لمواجهة هذا الوجود، أبرزها تنفيذ عمليات جوية واستخباراتية دقيقة، تستهدف مستودعات أسلحة ومراكز قيادة ومواقع مراقبة إيرانية، بدعم من وحدات النخبة مثل اللواء 474، ووحدة 504 التي تُعنى بجمع المعلومات وتجنيد العملاء.
وتصاعدت وتيرة هذه العمليات في عامي 2024 و2025، بالتزامن مع أزمات إقليمية أخرى، منها الحرب في غزة والضغوط المتزايدة على البرنامج النووي الإيراني، ما يعكس تشابك الملفات الأمنية في المنطقة.
ويتبع فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني وهو معني بالعمليات الخارجية وخصوصا دعم المجموعات الحليفة لإيران والمناهضة لإسرائيل في الشرق الأوسط مثل حزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية.
وفجر 13 يونيو/حزيران، أطلقت إسرائيل حربا مع إيران استمرت 12 يوما، بتنفيذها هجوما مباغتا استهدف مواقع عسكرية ونووية وتخللته عمليات اغتيال لقادة عسكريين وعلماء نوويين، معلنة عزمها على منع إيران من امتلاك القنبلة النووية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات إسرائيلية داهمت فجر الإثنين قرية في ريف القنيطرة جنوب سوريا، "ونفّذت حملة تفتيش طالت عدداً من المنازل، انتهت باعتقال مواطنين شقيقين بعد تفتيش منزل عائلتهما".
وبالتوازي مع العملية الاسرائيلية، أعلنت وزارة الداخلية السورية الاثنين اعتقال عدد من الأفراد المرتبطين بالحرس الثوري الإيراني خلال عملية أمنية في مدينة البوكمال وريفها في شمال شرق سوريا.
وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة دير الزور العقيد ضرار الشملان، في بيان نشرته وزارة الداخلية على صفحتها بموقع فيسبوك "نفذت قوى الأمن الداخلي حملة أمنية واسعة ومحكمة في مدينة البوكمال ومحيطها، أسفرت عن توقيف أكثر من 50 مطلوبا في قضايا متنوعة، شملت حيازة السلاح غير المشروع والاتجار به، وترويج المواد المخدرة، وتهديد أمن وسلامة المواطنين".
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الأربعاء القبض على عناصر "خلية" مرتبطة بإيران عبر "عملية خاصة" في جنوب سوريا، بينما أكد الاعلام الرسمي في دمشق أن ثلاثة أشخاص "اعتقلوا" في ريف القنيطرة.
وفي 12 يونيو/حزيران، أفادت وزارة الداخلية السورية بمقتل مدني و"اختطاف" سبعة أشخاص خلال عملية توغّل اسرائيلية جنوب دمشق، مندّدة بـ"انتهاك صارخ" للسيادة، بعدما أعلن جيش الدولة العبرية تنفيذ عملية و"إلقاء القبض" على أشخاص قال إنهم مرتبطون بحركة حماس الفلسطينية.
وعقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد حرب أهلية استمرّت أكثر من 13 عاما، تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، وشنّت مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية، قالت إن هدفها الحؤول دون استحواذ السلطات الجديدة على ترسانة الجيش السوري السابق وانتشار أنشطة "إرهابية" في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وأعلنت إسرائيل أنها "مهتمة" بتطبيع علاقاتها مع سوريا ولبنان، مؤكدة أنها لن تتخلى عن الجولان السوري الذي احتلت أجزاء واسعة منه في حرب عام 1967 وضمّتها في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة، وسيبقى "جزءا لا يتجزأ" من إسرائيل في أي اتفاق سلام محتمل.