واشنطن تمنح الشرعية لهيئة تحرير الشام برفعها من قوائم الإرهاب
واشنطن - ألغت إدارة الرئيس دونالد ترامب تصنيف جماعة "هيئة تحرير الشام" الإسلامية السنية المتطرفة في سوريا، "منظمة إرهابية أجنبية"، بحسب وثيقة رسمية صادرة عن الخارجية الأميركية اليوم الاثنين، وذلك في إطار الرفع التدريجي للعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، فيما يمثل هذا القرار تحولًا تاريخيًا في سياسة واشنطن المتعلقة بمكافحة الإرهاب، ويشير إلى تقارب غير مسبوق مع زعيم الهيئة أحمد الشرع الرئيس الانتقالي السوري، الذي كان يُصنف كأحد أخطر قادة "القاعدة".
ونشرت الجريدة الرسمية القرار الذي حمل توقيع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وأكد أن "هيئة تحرير الشام، المعروفة أيضا باسم جبهة النصرة، تمت إزالتها من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية".
وأشار إلى أن الإجراء اتخذ بالتشاور مع النائب العام الأميركي ووزير الخزانة، ويُلغي القرار السابق بالاعتراف بهيئة تحرير الشام "منظمة إرهابية أجنبية" بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية.
ويفتح رفع الهيئة من قائمة الإرهاب الباب أمام قنوات اتصال، وربما دعم غير مباشر، فيما سيثير هذا القرار صدمة للعديد من الأطراف، بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة الذين يعتبرون هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية، وخصومها مثل روسيا وإيران اللتين استخدمتا هذا التصنيف لتبرير هجماتهما.
وسيعتبره كثيرون تراجعًا عن مبادئ مكافحة الإرهاب، وقد يشجع جماعات أخرى على محاولة تجميل صورتها للحصول على معاملة مماثلة، فيما ينتظر أن تمنح هذه الخطوة نوعًا من الشرعية الدولية لهيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم الذي أطاح بنظام بشار الأسد في نهاية العام الماضي، مما يسمح لها بتعزيز قبضتها على المناطق التي تسيطر عليها وربما السعي للحصول على دعم أكبر.
ويشير هذا التطور إلى تحول في أولويات واشنطن من مكافحة "الإرهاب الجهادي" بمعناه التقليدي، إلى التركيز على الاستقرار الإقليمي، وربما منع عودة الفوضى أو النفوذ الروسي والإيراني.
كما يزيل هذا القرار عقبات قانونية وسياسية أمام التواصل المباشر وغير المباشر، وربما حتى التعاون في مجالات معينة، مع الحكومة السورية التي تديرها هيئة تحرير الشام، بما يشمل قضايا إنسانية، أو قضايا أمنية تتعلق بمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أو حتى المساهمة في إعادة الإعمار.
ويأتي ذلك في أعقاب توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بتاريخ 30 يونيو/حزيران الفائت، أمرا رئاسيا أنهى بموجبه رسميا برنامج العقوبات المفروضة على سوريا.
وذكر البيت الأبيض في بيان آنذاك أن "ترامب وقّع أمرا تاريخيا يهدف إلى دعم مسار الاستقرار والسلام في سوريا، عبر إنهاء العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد".
كما طالبت واشنطن في المقابل الحكومة السورية باتخاذ خطوات ملموسة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والمساهمة في جهود منع عودة تنظيم "داعش"، وتحمل مسؤولية مراكز احتجاز عناصر التنظيم شمال شرقي سوريا.
وسعى أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام، الذي كان يُعرف سابقًا بـ"أبي محمد الجولاني"، منذ سنوات لإعادة تقديم مجموعته كقوة حوكمة مدنية وقطع صلاتها بالقاعدة. ويشير هذا الإلغاء إلى اعتراف أميركي بأن الجماعة قد قطعت بالفعل علاقاتها الفعالة مع القاعدة وتخلت عن أيديولوجيتها الجهادية العالمية.
ويرجح أن تبعث هذه الخطوة برسالة مقلقة إلى مجموعات أخرى مفادها أن تغيير التكتيكات والتركيز على الحكم المحلي يمكن أن يؤدي إلى رفع التصنيفات الإرهابية، ما يثير تساؤلات حول معايير مكافحة الإرهاب الأميركية.