إسرائيل في دائرة الاتهام بعد احباط هجوم سيبراني جديد على إيران

السلطات الإيرانية تعلن عن إحباط هجوم إلكتروني معقد وواسع النطاق استهدف البنية التحتية الحيوية للاتصالات في البلاد بعد يوم من انفجار ضخم وغامض يهز ميناء رئيسي بمدينة بندر عباس.
الهجمات السيبرانية والانفجارات الغامضة تكشف هشاشة الوضع الداخلي في ايران
الهجمات لا يمكن فصلها عن الضغوط ضد ايران لفرض تنازلات عليها في الملف النووي

طهران - تشهد العاصمة الإيرانية طهران ومناطق استراتيجية أخرى في البلاد موجة متصاعدة من الهجمات والانفجارات الغامضة، تزامنًا مع تصاعد التوترات المرتبطة بالملف النووي الإيراني، وسط اتهامات متجددة توجهها طهران إلى إسرائيل بالوقوف خلف هذه العمليات التي باتت تستهدف منشآت حيوية في توقيتات دقيقة لكن الدولة العبرية ترفض التعليق على مثل تلك الهجمات أو الحوادث.
وفي أحدث حلقات هذه الهجمات، أعلنت السلطات الإيرانية، يوم الأحد، عن إحباط هجوم إلكتروني معقد وواسع النطاق استهدف البنية التحتية الحيوية للاتصالات في البلاد. وأوضح بهزاد أكبري، رئيس شركة البنية التحتية للاتصالات، أن الهجوم كان من "أكثر الهجمات تعقيدًا"، مؤكداً اتخاذ إجراءات احترازية، لكنه لم يذكر تفاصيل دقيقة حول مصدر الهجوم أو أهدافه.
ويأتي هذا التطور بعد انفجار غامض وقع في ميناء بندر عباس، وهو أكبر ميناء للحاويات في إيران، مساء السبت، محدثاً أضراراً بالغة، وذلك تزامنًا مع جولة مفاوضات ثالثة أجرتها طهران مع واشنطن في سلطنة عمان بشأن البرنامج النووي. ورغم الإشارات إلى احتمال أن يكون الانفجار ناجمًا عن مواد كيميائية مخزنة، إلا أن الشكوك تحوم حول فرضيات أخرى تتصل باستهداف خارجي أو عمل تخريبي، لا سيما مع كثافة الضغوط السياسية على إيران خلال هذه المرحلة الحساسة.
ولم تكن هذه الحوادث معزولة عن المناخ السياسي المتوتر. إذ جددت طهران، كما في حوادث سابقة، اتهاماتها لإسرائيل بالوقوف وراء هذه الهجمات الإلكترونية والانفجارات. ورغم غياب أدلة معلنة، فإن تاريخ الصراع بين الطرفين يعزز هذه الاتهامات. إذ سبق أن تعرضت إيران في عام 2021 لهجوم إلكتروني ضخم على شبكة توزيع الوقود، كما تكررت الهجمات عام 2023، حين أدت عملية سيبرانية إلى تعطيل ما يقرب من 70 في المائة من محطات الوقود في البلاد، ونسبت آنذاك إلى جماعة تطلق على نفسها اسم "العصفور المفترس"، والتي تحدثت عن "الرد على عدوان إيران في المنطقة".
كما اغتيل العالم النووي البارز محسن فخري زاده في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في عملية معقدة اتُهم فيها الموساد الإسرائيلي مباشرة. وتكرر المشهد مع تفجير منشأة بارشين العسكرية في مايو/أيار 2022، وهجوم بطائرات مسيّرة استهدف مصنعًا عسكريًا في أصفهان مطلع عام 2023.

السلطات الايرانية لا تزال تحقق في انفجار بميناء الشهيد رجائي
السلطات الايرانية لا تزال تحقق في انفجار بميناء الشهيد رجائي

وفي السياق ذاته، لا تخفي إسرائيل نواياها بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا بأنه "يجب تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل"، معتبراً أن منع طهران من تطوير سلاح نووي غير كافٍ. تصريحات تتقاطع مع تحذيرات أميركية متكررة من "خيارات مفتوحة" للتعامل مع ما تسميه "التهديد النووي الإيراني"، في حال فشلت الحلول الدبلوماسية.
ويرى مراقبون في هذه الهجمات، سواء كانت سيبرانية أو ميدانية، رسائل ضغط مباشرة على القيادة الإيرانية، تهدف إلى دفعها نحو تقديم تنازلات ملموسة في ملفها النووي. فحدوث تلك الهجمات بالتزامن مع جولات التفاوض النووي يعكس نمطًا متكررًا، حيث يتم استهداف منشآت استراتيجية أو خلق حالة من الفوضى التقنية، لفرض ضغوط داخلية وخارجية على صانع القرار في طهران.
كما أن غياب تبنٍ رسمي لتلك الهجمات، سواء من إسرائيل أو جهات أخرى، يعزز الانطباع بأنها أدوات ضغط غير مباشرة، تستخدم لإرباك إيران دون التورط في مواجهة عسكرية شاملة. هذه الديناميكية تتيح لمهاجمي إيران إرسال رسائل واضحة دون أن تجر المنطقة إلى صراع مفتوح.
ومن جهة أخرى، فإن تكرار الهجمات داخل الأراضي الإيرانية يكشف عن ثغرات أمنية مقلقة في البنية التحتية، ما قد يؤثر على ثقة الداخل الإيراني في قدرة النظام على حماية المنشآت الحيوية، خصوصًا أن معظم تلك الحوادث استهدفت مواقع حساسة كالموانئ، شبكات الطاقة، ومحطات الوقود، وجميعها ذات علاقة بالاقتصاد وأمن الدولة.
ومع وتزايد التحركات الإسرائيلية داخل وخارج المنطقة، قد تتزايد احتمالات التصعيد، خاصة إذا شعرت إسرائيل بأن إيران تقترب من "العتبة النووية". وبحسب مراقبين، فإن استمرار هذه الهجمات مع بقاء طهران في موقع الدفاع قد يؤدي إلى خيارات أكثر تشددًا من الجانب الإيراني، سواء عبر الرد السيبراني أو بتوسيع المواجهة بالوكالة في الإقليم.