إمهاء مكاوي: أكره الانحلال الأخلاقي في نسج القصائد

إمهاء مكاوي المولودة في تطوان تعبر بقلمها عن حالات إنسانية واجتماعية وفكرية وتكتب المقالة ومختلف أنواع الشعر، وقصيدة الخليلية العروضية الأكثر إثارة لديها.

تكتب بنهم وكأنها في سباق مع الزمن دون أن تقع في مصائد التناص والاجترار، تبذل الجهد للإتيان بأفكار جديدة كأن تسمع نبرة الشغف من بين السطور، حالات إنسانية واجتماعية وفكرية هي قمة مواضيع قلمها، تكتب المقالة ومختلف أنواع الشعر، وتبقى قصيدة الخليلية العروضية هي الأكثر إثارة عندها وتحفز مخيلتها على الإبداع في النظم والبلاغة، قصائدها مرآة عاكسة لفكرها النير.
 تتسم قصائدها بالوسطية بعيدا عن التعقيد في المجاز والإدراك، وعن البساطة المطلقة أيضا أي الاعتدال منهجها بحيث تتناسب النخبة فكرا، وسلسة لمتذوقي الشعر أيضا، في فوهة قلمها وميض لا يخبو، لتتحف القارئ بجديدها وروائعها. وقالت إمهاء مكاوي "في سن خمس سنوات برزت موهبتي في الإبداع والفن، حيث صعدت للمنصات بالحفلات التطوانية لتأدية أغاني الأطفال وبعض قصائد الشعر، وفي مدرستي "السيدة أمينة للبنات"، بعد ذلك نمت الموهبة شيئا فشيئا حتى تمسكت بالأدب والشعر رغم توجهي الدراسي المختلف" 
حاصلة على شهادة الماستر في تسيير وتدبير المقاولات ـ باحثة بسلك الدكتوراه باللغة الفرنسية ـ حاصلة على شواهد في دراسات الصحافة والحدث وتقنيات الإعلام، وعلى أكثر من 500 شهادة تقدير وتكريم والدروع في مجال الأنشطة الثقافية. 
وقد صدر لها ديوانان شعر "زئير الموج" و"نيران لا تحرق" وكتاب بعنوان "حوارات تأملات وآراء على نغمات الشعر والزجل" - لها العديد من المقالات والقصائد المنشورة بالجرائد الوطنية والدولية.
الشاعرة والكاتبة إمهاء مكاوي مديرة وصاحبة مقاولة للأجهزة الإلكترونية، من مواليد مدينة تطوان ـ المملكة المغربية، وهي تنحدر من أصول أندلسية موريسكية.
طريقة في الكتابة محتشمة 
وتحاول إمهاء مكاوي كَأنثى إحداث نوع من التوازن، فهي لا تغور عميقًا في قصائدها وانما تكتب باحتشام 
وقالت في هذا الصدد "في بعض الحالات نجد المبالغة في الرومانسية أي غور في قصائد الحب حتى يختل توازنها، أتحدث عن المبدعة الأنثى وهذا لا يطابق مع معايير العادات والتقاليد الإسلامية، لكن طريقتي في الكتابة محتشمة ويغلب عليها طابع الوقار".
واضافت "أكره الانحلال الأخلاقي في نسج موضوع القصائد، أصف شعوري دون الانفلات في الوصف ومن حيث رفع الصوت والتعبير عن الحالات الإنسانية والاجتماعية وما يغمر الأشخاص من نبرة الخير والشر وتوضيح الحقيقة المطلقة والواقع والمواقف النبيلة والمخدلة، أعشق إظهارها وإبرازها في كتاباتي.
معايير كثيرة للشعر
ليس كل من ينظم الشعر يعد شاعرًا، وأهم معايير الشاعر/ة عند إمهاء مكاوي؟ 
واجابت الشاعرة والباحثة بقولها "لا، ليس كل ناظم يعد شاعرا، الشعر في تصوري ومن حيث رؤيتي الخاصة له معايير كثيرة كالبراعة في نسج الخيال الروحي مع صيغة البلاغة والمجاز الغير المبالغ فيها والتمسك بقواعد الوزن والقافية في الأبيات بتنضيد منظم مع إلقاء جميل، هنا يبرز الفرق بين الناظم والشاعر". 
الشعر الموزون أكثر متعة 
تكتب مختلف أنواع الشعر، والموزون أكثر متعة عندها:
وقالت الكاتبة المغربية "أكتب جميع أنواع البحور الشعرية مع التركيز على خلو البيت من الكسور ولمن لا يعرف معنى الكسر أوضح له أنه أربعة متحركات متصلة".

، أصف شعوري دون الانفلات في الوصف
'أصف شعوري دون الانفلات في الوصف'

 ووجهت شكرها للأستاذ والأديب العراقي الكبير كريم المفرجي الذي علمها الكتابة العروضية.
واضافت "أتقن كتابة الشعر الحر والنثر والسجع وشعر الومضة المقفاة والزجل".
وواصلت حديثها "طبعًا الشعر الموزون والمقفى له قواعده يأخذ من الشاعر الوقت في التفكير لكن مع الممارسة في الكتابة الأدبية أصبح بالنسبة لي أكثر من متعة وإثارة".
الغموض المبالغ في القصيدة يجعلها جافة
ترى مكاوي بأن رونق القصيدة هو في لا إفراط ولا تفريط: 
وقالت في هذا الصدد أكره الغموض المبالغ في القصيدة، ستصبح صماء بكماء جافة ولن يتعرف على معناها ومفهومها حتى من النخبة، فما بالك بالعامة، التوازن في القصيدة له أهمية كبيرة، لا إفراط ولا تفريط، البساطة المطلقة ستسقط من المستوى الأدبي وكم من مبدع يكتب الغموض لكون أسلوبه الغير المتسلسل للأحداث مع تشبكها سيجعل من القصيدة غامضة، وإذا سألته سيذكر أنه عميق، وفي الواقع طريقة نسجه للكتابة غير سليمة، وهنا تكمن براعة المبدع في صياغة الأسلوب المتسلسل للأحداث والأفكار الانسيابية. 
واعتبرت انها تحب الكتابة الهائمة بلغة عربية سليمة فصيحة وأسلوب شعري يمتاز بالجمالية في الصياغة والتوازن في اختيار المصطلحات والمرادفات مع صيغ البلاغة والمجاز ومع المعنى السلس المتناسق والواضح للقارئ.
وقالت بنبرة واثقة "أكتب للجميع دون استثناء، نشر الثقافة والأدب، يتطلب التوازن الفكري ليصل النبض للجميع".
وشددت على ضرورة الإبداع والتجدد والتفرد لدى الكاتب، لا للاقتناص والتناص: 
وافادت الكاتبة انها تكره اقتناص أفكار الغير.
وقالت في هذا الصدد "من يجلب ويسرق بالمعنى الحقيقي لا يعتبر شاعرًا ولا مفكرًا بالمرة حتى ولو أعاد صياغتها، أحب التفرد والتميز وابتكار أفكارا جديدة مثيرة، يوجد العديد من المعايير في اختيار الفكر والتعبير المناسب كبيان الحركة الإبداعية وإنجاب كل ما هو جديد للدفع بالأدب أو بهذه الحركة إلى ما هو أجمل وأبهى في شتى أنواعها الإنسانية والاجتماعية والرومانسية... كتيارات تحمل تجربة بطريقة فنية متوازنة وصحيحة ذات مضامين عميقة كأمواج هادئة أو هائجة لتضرب السفن في وسط البحر ومن ثم لا نعرف مصير السفينة، حسب ما قدمه المبدع لذات القصيدة وما استوعبه المتلقي.
تقهقر القصة امام اكتساح الرواية
وتعتقد مكاوي إن القصة حاليًا تراجعت كثيرًا أمام الرواية:
وقالت في هذا الصدد "أظن أن اهتمام القراء بالقصة بدأ في سقوط حر لما اكتسحته الرواية بمكانتها الأدبية وشخوصها الذين يدنون للواقع بأحداث حقيقية في مخيلة القارئ، وذلك حسب نوع الرواية ومحورها وأفكارها الرئيسية فمنها من تكون ناجحة ومنها مع الأسف الشديد تخلف ارتسامات القارئ سيئة كالملل أو النهاية بلا نهاية.  
وفي وصفها لشعورها بعد إنجاز مادة أدبية أكدت انه شعور جميل جدا.
واردفت قائلة "أحسست وكأنني ازدنت بمولود جديد، رغم الخطط والمؤامرات والحسد من بعض الجهات الفاشلة، إلا انه لا يلحق بنا إلا ما كتبه الله لنا من خير وسعادة لأننا نستحق لما نقدمه من فكر سامق بشهادة الجميع من المسؤولين والنقاد المحليين والدوليين والقراء بصفة عامة". 

أكتب للجميع دون استثناء
'أكتب للجميع دون استثناء'

وعبرت عن حبها لاشعار أبي القاسم الشابي، وتأثرها بسيرته الذاتية ووفاته المبكر لكنها ترى بأن هذا التأثير لا يصنع شاعر/ة: 
وقالت في هذا الصدد "لا طبعا، لكي يصبح الإنسان شاعرًا، يجب في رأيي أن يقدم جديده وإلا سيعتبر ضعيف الشخصية الأدبية ومن الضروري بلورة مكنوناته المعرفية لصياغة ما هو جديد منفرد.
أما عن النقد والنقاد، فقالت: "في بعض الأحيان سنجد نقدا حقيقيا بناء وفي حالات أخرى ستتضح لنا الرؤى بما هو مصالح متبادلة بين الأفراد الكتاب، النقد سواء كان بالمدح أو الذم لن يتلقى صاحبه إلا ما كتبه الله له إضافة إلى مجهوداته وكفاءاته فيما يخص بما قدمه للمتلقي وإحساسه الفردي له، كل قارئ وما واجهته في حياته من معاناة أو فرح وحسب ما صادفه في الشاعر وما قدمه من أبيات لها علاقة بالموضوع الفردي الذي يراود القارئ أو المستمع.
وأكدت ان رسالتها الكتابية تكمن في المواضيع الهادفة للفت انتباه القارئ: 
وقالت "كل كاتب أو مثقف إلا وله رسالة للقارئ والمستمع، لكن الاختلاف يكمن في طريقة تبليغ الرسالة للقارئ فمنه من يتفوق ومنه من يفشل، وذلك حسب ما نشره من ثقافة هادفة أو رديئة".
رهان على التنوع والتجديد في المواضيع
وقالت "بالنسبة لما أركز عليه هو التنوع والتجديد في المواضيع الهادفة والاختلاف الفكري هو قاموسي، الأغلبية من أفراد مجتمعنا يكره الكتاب وهذا واقع يجب الاعتراف به مع الاحتكار الواضح لوسائل الإعلام الإلكترونية الحديثة، لكن إذا كان الأديب فاطنا و ذهنه ثاقبا سيواكب متطلبات المجتمع الحالي من تقديمه للثقافة السامية والحركية البعيدة عن الركود والجمود حسب متطلبات الجيل الجديد،سريع البديهة.
في جعبة إمهاء مكاوي عدد كبير من تكريمات ودروع، وتعتبرهم إضافة معنوية: 
وافادت ان  كل هذه الأنشطة الثقافية والاعترافات المحلية والدولية والنجاحات تضيف نكهة متميزة لحياتها وإحساسها بوجودها وحضورها بملكوتها الملموس في هذا العالم الكبير. 
وعبرت عن غيرتها على وطنها وافتخارها به، كما أظهرت حبها للموسيقى الهادئة الراقية والأنيقة والتي تحمل في جعبتها رسالة بليغة وهدفا معينا تحملها وتسافر بها إلى جانب النوارس التي تعشق عبق البحر ـ أما أحب الأطباق اليها فتلك الاكلات الخفيفة الناعمة العصرية وحتى التقليدية.
ورغم ان هواياتها متعددة الا انها تحب السباحة والرسم والطرز الأندلسي الإسباني Punto de Cruz على الأقمشة وصنع الحلويات العصرية والعريقة التقليدية التطوانية.
وتلخص حكمتها المفضلة في مقولة: "أتقن أمثال ناس زمان" والتي كانت جدتها ترددها لها.