لوحات مريم زعيتر مستوحاة من التماثيل والقصور القديمة

التشكيلية مريم زعيتر والمولعة بفن الوشم والعاشقة للعمارات القديمة ترى أن اللون الأسود يرمز للقوة عند المرأة وتهتم بقضايا الانثى كما تقف من خلال أعمالها في وجه التمييز والعنصرية.

فنانة مثابرة تهتم بالتفاصيل، حيث تمر لوحاتها بدقة بمختلف مراحل الاختبار قبل أن ترى النور، تشهد أعمالها في الفترة الأخيرة قفزة نوعية وأسلوبًا مختلفًا تلفت الأنظار، من حيث المواضيع وتناسق الألوان واللمسات.
ترى في لون الأسود رمزًا للقوة عند المرأة. إذا كانت قضايا المرأة تحتل الأولوية لديها بسبب ما تراها من سلطة ذكورية عليها فإنها في وقت ذاته تدافع عن المستضعفين وتقف من خلال أعمالها في وجه التمييز والعنصرية بغض النظر عن الجنسانية حتى ولو كانت الأنثوية تأخذ الحيز الأكبر من أعمالها.
رهانها الجمالي هو استلهام لوحاتها من التماثيل والقصور القديمة، والتركيز المميز بل عشقها يكمن في العمارات القديمة ومن إيطاليا تحديدًا وبهذا فإنها تسلك درب الإبداع، الإبداع هو ألا تتكور في حلقة مفرغة بل أن تجاهد لأجل أن تطور نفسك، أن تطور أسلوبك نحو الجديد المميز وهذا ما تسير عليه ضيفتنا اليوم. إذن، بعد أن طورت كثيرًا من أسلوبها واختارت نمطًا خاصًا بها، فإن قافلتها الآن تجاهد في مسيرها للوصول إلى العالمية حيث حلمها الأكبر.
بالإضافة إلى اتخاذها نمطًا مختلفًا وجديدًا في مسار الفن التشكيلي فإنها دخلت إلى مجال آخر ألا وهو فن الوشم / الحفر على اللحم كفن ومهنة بنفس وقت، فالوشم الأبدي ذو الجودة والجمالية يحتاج إلى التدريس والتعليم، له فنونه وأدواته الخاصة زائد إبداع، وهذا الفن لا يزال مرغوبًا رغم مرور ألاف السنين على ظهوره حيث كان يطبع ويرسم غالبًا على الوجه واليدين سواء أكان للزينة أو لمعتقدات أخرى.
مريم محمد زعيتر، مهندسة ديكور وفنانة تشكيلية من لبنان / قضاء جبيل _ قرية أفقا.
كفنانة محترفة، تستخدم التشكيلية مريم زعيتر مختلف الألوان:
ـ استخدم الألوان جميعها حسب كل لوحة وماهية فكرتها.
لترى اللوحة عندها (...زعيتر) النور لا بد أن تمر بثلاث مراحل:
ـ أرى قياس اللوحة أولًا وفكرة اللوحة ثانيًا والألوان ثالثًا، والدور الثالث هو الأهم لإبراز الفكرة بشكل جيد لأنه يمكن أن ترسم على اللوحة ولكن الألوان تبرز الفكرة وتفاصيلها أكثر من حيث الظل والنور وأيضًا الغامق والفاتح وحتى وضع بالألوان لها جماليات جديدة مثل أحرف الخط العربي، ومسحات بالألوان لا تكون مرسومة بالرصاص.
ملهمة بالتماثيل والعمارات القديمة، لذلك التركيز عليها يعد أولوية بالنسبة لها، ونقطة البدء لرهانها الجمالي:
ـ لإخراج اللوحات في غاية الجمال، أولًا أنا أستوحي لوحاتي من التماثيل والقصور القديمة التاريخية لأن تفاصيلها تبهرني وعشقي إلى إيطاليا يعطيني حبًا للرسم أكثر وأكثر لأن إيطاليا تتميز بالآثار والعمارات القديمة. وأنا قررت أن أغير نفسي في التفكير حتى أعطي نمطا مختلفا يلفت الأنظار.
تعتقد إن معظم رواد معارضها تتعرف على أعمالها من خلال الأسلوب والنمط الذي ترسم به:
ـ الأكثرية يسألوني ما معنى لوحاتك لأنها غريبة عن اللوحات التي يرونها دائمًا التي تكون قريبة أكثر من الطبيعة... ولكن من بعد استيعابهم يحبون الأعمال لأن النمط الذي أرسم به جديد ومميز. وحتى من بعد إصراري على نمط معين في لوحاتي أصبح معظم الناس عندما يرون أعمالي يقولون هذا العمل للتشكيلية مريم زعيتر
نمطها الجديد
عن لوحة لها "المرأة التي تضع تاجًا، محاطة بالسوداوية"، تقول: ترمز هذه اللوحة على تحمل المرأة الكثير من الضغط والأعمال في المنزل وعملها في الخارج. ولكن تبقى قوية وجميلة ومعنى ملامحها في عيونها وفمها أن تتقبل كل شيء بحب من أفكار وأعمال وأيضا في تربية أولادها وإدارة منزلها. وأنا أرى لون الأسود يمثل القوة عند المرأة.
تمثل لوحتها التي تتميز بوجه أسود وعيون زرقاء وبقع صفراء" الأفضل عندها لأسباب التالية:
هذه اللوحة الأحب على قلبي. في عدة البلدان، رأينا التنمر على الناس التي تكون لون بشرتهم سوداء رغم تميزهم في مجالهم العلمي والثقافي. ولكن أنا أرى إن البشرة السوداء تعطيني الابتسامة الحنونة اللا إرادية. اللون الأسود في اللوحة تعني لي القوة واللون العينين الزرقاويتين في اللوحة تميزهم رغم سواد بشرتهم. واللون الذهبي أرسم عن رزق بلادهم من ذهب وألماس وجمال طبيعتهم من جمال الخالق.
تستعمل الأبجدية العربية على متن بعض لوحاتها، والمغزى يدخل في سياق التجديد والتمييز:
ظهور الخط العربي وتنوع أشكاله جاء نتيجة مرونة الحروف العربية وسهولة انسيابها، واختلاف أقلامها، ووضوح أشكالها. وتنوعت أشكال الخط العربي وأصبح لكل خط قواعده التي تتحكم به. كما توسع مجال الخطوط العربية وتشعب كثيرًا، مما جعل المبدعين والمهتمين في هذا المجال يتسابقون في ابتكار أشكال الحروف وتكوين خطوط جديدة، الأحرف العربية دائمًا تتميز بأشكالها وخطها مثل الخط الكوفي والرقعي والثلث والديواني وغيرها، وقررت في لوحاتي أن أكون مميزة.
تدور مضامين أغلب لوحاتها عن قضايا المرأة لأن "قضايا المرأة هي الأساس بنظري ولأنها تتحمل كل شيء من الحياة الذكورية المتسلطة في عالمنا العربي لذلك أرى يجب أن تكون المرأة دائمًا في مواضيعي ولوحاتي لإبراز معاناتها."
تتقبل النقد الفني لان "النقد من الآخر سواء أكان إيجابًا أو سلبًا سيميزك دائمًا في مجال العمل وتحاول تجنب السيء وبذل الجهد لتقديم الأفضل في كل مرة ترسم فيها من أفكار وألوان".
فن الوشم
ما الذي أغراك في فن الوشم؟
فن الوشم فن جميل والذي أغراني فيه أكثر هو أن تتعلم شيء جديد تحصل من خلاله على المال مثل اللوحات والهندسة الداخلية.
يحتاج الوشم إلى التعليم وهو ليس مجرد طبع أو هواية:
الوشم هو فن الحفر على اللحم لا يمكن لأي شخص أن يعمل الوشم من دون الدراسة. تعلمت الوشم منذ ثلاث سنوات وأحببته كثيرًا وأصبحت أسترزق منه لأن معظم اللبنانيين يحبون الوشم على الجسد، وعملت فترة في بغداد أيضًا في الوشم.
الأدوات المستخدمة: استعمل ماكينة خاصة للوشم تكون على الكهرباء أو البطارية وأحبار وإبر.
يختلف الوقت لوشم واحد حسب كبر الوشم وصغره من ربع ساعة إلى ثمان ساعات أو أكثر، ومنهم تكون على عدة مرات وساعات. والوشوم أبدية لا تمحى.
أما عن أشكال الوشوم الأكثر طلبًا، فتقول: جميع أنواع الوشوم مطلوبة ورائجة (العقائد، الفن، العشق، الحيوان، النبات...) لدى الناس وذلك حسب كل شخص وما يحبه.
جميع الوشوم التي ترسم الآن هي للزينة فقط:
الوشم الموجود الآن فقط للزينة ولكن أكثر الذين يعملون الوشم على أجسادهم تكون رسمة الوشم تعني لهم الكثير وذات مغزى خاص بهم.
ما هي أحلامك كفنانة، هل حققت الفنانة التشكيلية مريم زعيتر بعض من أحلامها؟
نعم، حققت جزءً من أحلامي ألا وهو المشاركة بمعارض في لبنان والخارج، واخترت نمطي في الفن وهذا الشيء أفتخر به جدًا. أتمنى الوصول إلى العالمية وهذا ما أطمح إليه دائمًا وحتى لو كان الوقت طويلًا.
في الختام، أولًا، أتمنى بعد سنوات أن أكون قد وصلت إلى العالمية. ثانيًا، يجب أن يكون دائمًا لكل إنسان منا حلم بداخله سواء أكان علمي أو فني وأن نصّر ونحارب لتحقيقه.