
إنجاز جديد لمبدعي العراق في القاهرة الدولي للمسرح التجريبي
يواصل مبدعو المسرح العراقي حضورهم الفاعل في المشهد المسرحي العربي والدولي بدأب ومثابرة منقطعة النظير في مختلف المهرجانات والمحافل والمؤتمرات والملتقيات بما يكشف عن مكنونات الخطاب المسرحي العراقي المعبر عن الهم العراقي الوطني المتناغم مع الهموم العربية والإنسانية الشاملة في تكريس مباديء وقيم الجمال والحب والسلام ونبذ التطرف والعنف والإرهاب والفساد ..وهاهم يشاركون في الدورة الـ 29 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، التي تقام بين الأول والثامن من أيلول سبتمبر 2022، برئاسة الدكتور جمال ياقوت، وتحت رعاية وزير الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبدالدايم، وهو متخصص بتقديم العروض المسرحية التجريبية من كل دول العالم، والتي يتم اختيارها بواسطة لجنة تحكيم دولية، وإقامة محاور فكرية تتضمن ندوات علمية متخصصة في تقنيات وفنون المسرح، حيث ترشح ستة من المؤلفين المسرحيين العراقيين المبدعين الى القائمة القصيرة في مسابقة النصوص المسرحية القصيرة، فضلاً عن اختيار مسرحية "إعادة ضبط المصنع" إنتاج منتدى المسرح التجريبي في دائرة السينما والمسرح العراقية في المسابقة الرسمية للمهرجان، وكذلك مشاركة نخبة من الباحثين المسرحيين العراقيين في المحاور الفكرية للمهرجان.
مسابقة النصوص المسرحية القصيرة
فعلى صعيد مسابقة النصوص المسرحية القصيرة في الدورة الـ29 من المهرجات ترشح ستة من المؤلفين المسرحيين العراقيين الى القائمة القصيرة من بين عدد كبير جداً من النصوص المشاركة في المسابقة، حيث توصلت لجنه التحكيم الى فرز النتائج الأولية والتوصل الى إقرار القائمة القصيرة، فمن بين أكثر من 400 نص تم اختيار 69 نصاً منها للقائمة القصيرة والتي ستتم طباعتها فى كتاب يصدر ضمن مطبوعات المهرجان ..
وسيمنح الكتاب الذين تم اختيار نصوصهم ضمن القائمة القصيرة شهادات تقديرية وميدالية مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، فيما سيمنح كتاب النصوص الفائزة بالمراتب الثلاث الاولى مبالغ الجائزة المقررة من قبل إدارة المهرجان، فضلاً عن ميدالية المهرجان..
وتمثل طباعة ونشر النصوص فى حد ذاتها مكسباً للجميع إذ أن النص سيتم نشره ضمن أعمال مهرجان دولي كبير مثل مهرجان القاهرة الدولي حيث شارك كتاب من كل دول العالم في هذه المسابقة.. وسيعلن عن الفائزين الثلاثة خلال دورة المهرجان المقبلة التي ستقام بين الأول والثامن من أيلول/سبتمبر المقبل 2022..والكتاب العراقيون الذين وصلوا الى القائمة القصيرة في هذه المسابقة هم:
- الكاتب والناقد المسرحي د.رياض موسى سكران

وعنوان نصه "نص عربي"، وقد عرف ناقداً مسرحيا أكثر منه مؤلفاً مسرحياً، ونصه هذا هو امتداد لتجارب سابقة له في كتابة النص المسرحي، يمتد الى هواجس وتجليات الكتابة منذ التسعينيات، حيث قدم نصوصاً لمسرحيات عدة – حسب تأكيده لنا -بعضها حصل على جوائز في مهرجانات شبابية عراقية، واستمرت هذه الهواجس التي تمثل شهادات على مراحل التحول السياسي والاجتماعي والثقافي في العراق والوطن العربي الكبير انطلاقاً من حقيقة أن الكاتب والفنان هو شاهد عصره، فضلاً عن أن مسؤوليته المهنية كأستاذ لمادة التأليف المسرحي في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد جعلته ساعياً باستمرار إلى تقديم الإنموذج المثالي للنص المسرحي أمام طلبته، الذين احترم فيهم اندفاعهم ورغبتهم الجامحة ومحاولاتهم الجادة لكتابة النص مسرحي المنضبط ضمن معايير تطبيق مفردات الدرس الأكاديمي، وهذا حتم عليه أن يقدم الإنموذج الأمثل للنص المسرحي من حيث طبيعة الموضوع وانساق الرؤية وسياقات البنية الدرامية وتحولات الواقع، وهذه كلها تمثل معادلة أساسية لكتابة النص المسرحي الذي يحمل قيمته الجمالية الخاصة..
- الكاتب المسرحي د.مثال غازي

وعنوان نصه "أعضاء زائدة عن الحاجة" وفكرته تتناسب مع شكل ومضمون النص الغرائبي وفق آليات التجريب والخروج عن المأوف، فهو يتحدث عن انهيار القيم الإنسانية وتداعياتها أمام الحاجة إلى العيش دون ما يعلي قيمة الإنسان، وعن الجوع وغياب متطلبات الحياة البسيطة ليتحول الإنسان الى مجرد معدة بمعزل عن بقية أعضاء الجسد، الرأس لا يفكر، واليد لا تعمل، والأرجل لاتسعى الى مبتغاها، لذلك أسميتها (أعضاء زائدة عن الحاجة)..
- الكاتب المسرحي علي عبدالنبي الزيدي

وعنوان نصه "الملائكة يخرجون ليلا على باب الله"، وينطلق من مفهوم أن السعادة الحقيقية أن لا تكتشف الحقيقة! فالحقيقة مرّة وكارثية، وعش عمرك كما تظن أن كل شيء أروع ما يكون، هي ثيمة جديدة على تجربته في الكتابة للمسرح، وأكثر هدوءاً برغم إحتدامها الضمني، لا شيء يشير الى الحقيقة المؤلمة التي يعرفها الجميع، لا أحد يؤكد حدوثها المدمر في وقت مضى، شخصيات هذا النص يعيشون لحظتهم السعيدة ليس إلاّ متخذين من الصمت والتستر ملاذاً جميلاً لهذه السعادة التي يقنعون انفسهم بها، لا يعيشون الزهايمر ولا الجنون على الإطلاق.. إنهم أسوياء، غارقون بالعشق والأيام الحلوة كما يظنون...
- الكاتبة المسرحية أطياف رشيد

وعنوان نصها "حل مؤقت"، ويتحدث عن واقع تنهار ركائزه وبناه ولكن الحلول تأتي مؤقتة غير قابلة على التغيير نحو الأفضل وذلك من خلال رسم تفاصيل مشهد منتقاة تفاصيله بدقة، من خلال تضرر أحد المرافق العامة وتباين مواقف الشخصيات حوله. النص هو لمحة عن حقيقة مرة يعيشها الإنسان وبخاصة المواطن العراقي في ظل تفاقم الفساد وتنامي الإهمال من قبل السلطة.
- الكاتب المسرحي عمار نعمة جابر

وعنوان نصه "حضور فادح"، ويتناول موضوع وجودي بشكل فنتازي، حيث يطرح تصوراً للحياة على هيئة سيرك، نعيش فيه كشخصيات مهرجة، دورنا هو إضحاك هذا العالم على بؤس هذا الوجود الإعتباطي، وهو دعوة لمراجعة هكذا كيانات هشة وهامشية، ومحاولة خلق قيمة إنسانية جديدة لهذه الحياة، واختيار قيمة الحرية والقرار الذاتي، كخطوة أساسية للتمتع بأقدار أكثر قرباً من الهدف السامي، والذي من أجله نواصل العيش في هذه الايام، وهو مبادرة إنسانية لطرح الاسئلة ومناقشة الحلول بشكل جرىء، تدفعنا جميعاً لاتخاذ قرارات ربما تكون فنتازية أو مجنونة ، لكنها سبيل مقترح للخلاص من وجع الحياة الذي يبتلع الإنسان في هذا العصر المادي والقبيح .
- الكاتب المسرحي عقيل عبدالله المهنا

وعنوان نصه "يانصيب"، وهو الأول له لفئة الكبار، حيث كتب سابقًا للأطفال، ويضع النص أربعة أشخاص أمام اختبار لقيمهم كبشر، إذ يجمعهم مكان واحد، مع فتاة مغمورة، صمّاء وبكماء، ولكنها تحمل ورقة يانصيب رابحة، يسأل النص، كيف وكم، كيف يمكن للورقة هذه أن تُغير من قيم الإنسانية لديهم؟! وكم سيتغيرون؟!
"إعادة ضبط المصنع" في المسابقة الرسمية

كما يُشارك العرض المسرحي "إعادة ضبط المصنع" في المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو من إنتاج منتدى المسرح التجريبي في قسم المسارح بدائرة السينما والمسرح بالعراق، ومن تأليف وإخراج علي دعيم، وهو عرض حركي، من سينوغرافيا مصطفى الطويل، وتنفيذ الإضاءة: مصطفى نبيل، والصوت: كامل تتر، والإشراف الفني: علي السوداني، وتمثيل: علي دعيم إلى جانب الفنانين: مرتضى علي، ومؤمل حيدر، ومهتدى باسم، وفكرت حسين، وأسعد ماجد، وسهيل نجم.
الفنان المبدع علي دعيم كان ومازل مغايراً في كل عروضه المسرحية التي صاغها فكرة وتأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً وسينوغرافيا، ليقدم خطابه المسرحي الجمالي الذي إرتكز على لغة الجسد وفق الأنساق السمعية والبصرية والحركية، حيث كان جسد الممثل، يمثل العلامة الأكبر، بل والعلامة المهيمنة على كل العروض التي قدمها وتميز بها، ليقارب بها مسرح الصورة بدلالاته المعروفة، وسط منظومة بصرية وإنشاء صوري متكامل للمشهد المسرحي، بما ينطوي عليه من شمول وحيوية وتنوع وجمال.
المشاركة بالمحاور الفكرية
وكما إعتاد عدد من مبدعي المسرح العراقي المشاركة في ندوات المحاور الفكرية التي شهدها المهرجان عبر دوراته المتعاقبة والتي تسهم في خلق مساحة للحوار بين أساتذة وأعلام المسرح المصريين والعرب والأجانب، يشارك عدد آخر من مبدعي المسرح العراقي في المحاور الفكرية لهذه الدورة من المهرجان والتي تتضمن ندوات عدة.
ففي المحور الأول الذي يقام السبت 3/9/2022 يدير الأستاذ الدكتور عبد الرضا جاسم جلسة "أثر التكنولوجيا على فنيات الكتابة المسرحية المعاصرة" ويلقي فيها الأستاذ الدكتور محمد حسين حبيب بحثه الموسوم "الشخصية الدرامية بين (لرقمية المسرحية والسايبورغية السينمائية".
وفي المحور الثالث الموسوم "نظرية العرض المسرحي والمستجدات التكنولوجية الرقمية المعاصرة" يشارك الدكتور عامر صباح نوري ببحثه الموسوم (الأداء التكنولوجي في العرض المسرحي).
ويدير الأستاذ الدكتور عبد الكريم عبود عودة جلسة المحور الرابع الذي يقام الأحد 4/9/2022 والموسوم "سطوة التكنولوجيا على فنون الأداء في المسرح المعاصر"، ويشارك الدكتور وسام عبد العظيم ببحثه الموسوم "جماليات الاداء ما بعد الانساني في العرض المسرحي".

ويشارك الدكتور علي محمد عبيد كاظم ببحثه الموسوم "الواقع الافتراضي وانعكاساته في أداء الممثل المسرحي" الذي سيلقيه ضمن الجلسة الأولى من محور "الرسائل العلمية" الذي سيقام الاثنين 5/9/2022، في حين يشارك في الجلسة الثانية من المحور ذاته الدكتور محمد كاظم هاشم الشمري ببحثه الموسوم "جماليات التقنيات الرقمية في العرض المسرحي العالمي".
ثلاثة كتب للمخرج محمد سيف

كما أن المهرجان وفي لفتة ابداعية مهمة واسهامة عراقية أصيلة تنم عن عمق ومكانة المبدعين العراقيين، سيقوم المهرجان بطباعة ثلاثة كتب مسرحية مهمة من ترجمة الناقد والمخرج العراقي الدكتور محمد سيف الذي سيقوم بتوقيعها بنفسه، ضمن فعاليات المحور الفكري وهي على التوالي:
1- كتاب "عندما يتخاصم الممثل والصورة على الخشبة"، وهو ترجمة عن العديد من الكتاب والباحثين في مجال المسرح الرقمي، ويشمل وجهات نظر ومقاربات مختلفة عن علاقة المسرح والتكنولوجيا.
2 -كتاب "بيتر بروك، بين التجربة الافريقية وشكسبير"، وهو ليس بكتاب واحد، وإنما كتابين في كتاب. الأول، عبارة عن لقاء مطول بين الناقد الفرنسي دنيس بابليه ورجل المسرح بيتر بروك، وهذا يعني أنه ليس من تأليف شخص واحد وإنما يجمع ثلة من المبدعين المهتمين بالمسرح، كنظرية وتطبيق وبحث جمالي حياتي يعتمد في شكله ومضمونه على المادة الإنسانية.
يشترك فيه الناقد الفرنسي دنيس بابليه، والباحث البولوني الأصل جورج بانو والمخرج البريطاني الأصل بيتر بروك، مثلما يتضمن أيضا، بعض مقالات بروك نفسه حول المسرح واشتغاله على أعمال شكسبير كمادة مرجعية دائماً وأبداً لا تفارقه.
3- كتاب "الضجر هو الشيطان"، وهو أراء في للمسرح، لبيتر بروك، وهو نتيجة ورشة مسرحية قام بها مع مجموعة من المعلمين لمادة المسرح في المدارس الفرنسية.
فألف مبارك لمبدعي المسرح العراقي هذا الإنجاز الدولي الجديد وهذا الحضور الفاعل والحصاد الإبداعي الأصيل والمتنوع تأليفاً وإخرجاً وتمثيلاً وبحثاً فكرياً رصينا وجاداً ومثمراً، يكشف عن قدراتهم وامكاناتهم وعطاءاتهم اللامحدودة التي تعد تواصلاً وامتداداً لما حققه وقدمه وأنجزه أقرانهم ونظراؤهم من مبدعي المسرح العراقي في الدورات السابقة من هذا المهرجان العريق والمهم والمتواصل منذ ما يزيد على ثلاثة عقود.
الجدير بالذكر أن الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، تقام في الفترة من 1 إلى 8 أيلول/سبتمبر 2022، برئاسة الدكتور جمال ياقوت، وتحت رعاية وزير الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبدالدايم.