إنهم سعداء بهذا المرض!


 مرض البريطانيون بالسفر من دون أن يشفوا من الولع بالشراب. لكنهم سعداء بمرض السفر ويراوغون أنفسهم بشأن الولع بالشراب.
البريطانيون لن يشفوا من مرض السفر

جارتي مثال بامتياز للبريطاني السائح على قلة مواردها، البريطانيون مرضى بسلوكيات ومشاعر سائدة، من بينها مرض السياحة والسفر لأي سبب كان، فالسفر من أجل السفر مرض ليس ضارا. الجارة تترقب أن تبحث لها ابنتها عن أرخص الرحلات على الإنترنت كي تسافر، هذا تقليد سنوي بالنسبة إليها، تحرم نفسها من مسرات ومتع كثيرة، إلا السفر الموسمي.

لم أسألها بعد عن مصير خططها، إثر إفلاس شركة توماس كوك، لكنها بلا شك حزينة على ما آلت إليه هذه الشركة التي أسهمت في ترسيخ تقليد بريطاني صنف لاحقا بمرض السفر.

لماذا يسافر البريطانيون؟ سبق وأن أجاب روبرت هانتر، حفيد توماس كوك، على ما يشبه هذا السؤال في مقال تمت إعادة تداوله الأسابيع الماضية بعد أن آلت شركة جده إلى الإفلاس.

كان البريطانيون، وما زالوا مولعين بالشراب؛ فلا معنى لمساء من دون أن يترك البريطاني منزله إلى حانة الحي يوميا، فكر الواعظ المعمداني كوك آنذاك بطريقة لصرف انتباه أبناء قومه عن الشراب بتنظيم رحلات بالقطار إلى مزارات، تنقذ الناس من التكرار الذي غلف حياتهم وينتهي يوميا في أمسية شراب والعودة إلى المنزل.

كذلك توصل كوك حسب حفيده إلى “مفهوم لا يزال محورياً في صناعة السياحة، ألا وهو المنتجع السياحي الذي يعتبر المحور الرئيسي لهذا الهيكل الجديد” لتتمدد الفكرة إلى ما وراء بريطانيا، في سفرات على شكل حزمة واحدة توفر الطعام والسكن، يدفع البريطانيون مبلغا مقطوعا من رحلة الطائرة إلى الحافلة التي توصلهم إلى الفندق. وهكذا مرض البريطانيون بالسفر من دون أن يشفوا من الولع بالشراب. لكنهم سعداء بمرض السفر ويراوغون أنفسهم بشأن الولع بالشراب.

توماس كوك مصنع افكار مبكرة
توماس كوك مصنع افكار مبكرة

الأرقام التي أعيد تداولها بعد إفلاس توماس كوك تشير إلى أن نصف البريطانيين الذين يسافرون إلى الخارج قاموا بشراء جولة سياحية كاملة، والسبب في ذلك أنهم يرونها رخيصة نسبياً، وأن ذلك النظام راعى الاعتناء بكل شيء. لكن إفلاس هذه الشركة هل يعني انحسار مرض السفر عند البريطانيين؟ يجيب الكاتب ليونيد بيرشيدسكي على مثل هذا السؤال بمقال له يعتبر فيه النظر إلى فشل توماس كوك نهاية عهد، وليس فقط نتيجة لفشل في الإدارة أو سوء في اختيار مقار في دول ما كان من المفترض الوجود فيها.

بيد أن غالبية الاتهامات التي وجهت إلى الرئيس التنفيذي للشركة بيتر فانكهاوز، بحصوله على رواتب عالية وصلت إلى أكثر من عشرة ملايين دولار، بررها بأن أغلب هذه الأموال كانت مجرد سندات لا قيمة لها الآن، مدافعا عن نفسه بأنه ليس من “القطط السمان”! لكن النتيجة واحدة في النهاية، فإفلاس توماس كوك يعني أن الشركة الأكبر ليست بالضرورة الأفضل، وأن التوقعات تجمع على أن البريطانيين لن يشفوا من مرض السفر.