إنه ترامب وليس أوباما

طهران تريد أن تتم في النتيجة إبرام اتفاق نووي جديد لا يختلف عن الاخير إلا بالاسم والتأريخ وبعض التفاصيل الصغيرة الاخرى.

يحتاج نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الى الكثير من النشاطات والتحركات السياسية "البراقة" من أجل لفت الانظار إليها وفق قاعدة تقول "أنا أتحرك إذن أنا موجود"مع الاعتذار لديكارت، خصوصا وإن الاوضاع الاقتصادية وصلت الى أسوأ مايكون فيما يواجه النظام أيضا تراجعا وقصورا وإشكالا واضحا في المجال السياسي. ولأن الداخل الايراني أشبه ما يكون بالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أية لحظة من جراء حالة السخط والغضب التي تعتري مختلف شرائح الشعب الايراني، فإن النظام بحاجة لنشاطات وتحركات تدل على إنه لايزال على مايرام وإن مقبوليته أمام العالم لازالت على حالها، ولا غرو فإن جولة وزير الخارجية الايراني ظريف، للكويت ودول أسكندنافية وفرنسا، تتم قبل كل شيء من أجل تحقيق هكذا هدف وغاية الى جانب أهداف ومرام أخرى.

المشكلة المزمنة التي بات القادة والمسٶولون الايرانيون يواجهونها في زياراتهم لبلدان العالم، هي مواجهتهم لتظاهرات غاضبة للجاليات الايرانية المتواجدة في مختلف البلدان والتي تطالب هذه البلدان بعدم إستقبال القادة والمسٶولين الايرانيين بإعتبارهم قد قاموا بإرتكاب جرائم وإنتهاكات بحق الشعب الايراني وقد تظاهر آلاف الإيرانيين في كل من العاصمة الفنلندية هلسنكي، والعاصمة السويدية ستوكهولم، يومي الاثنين والثلاثاء، ضد زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى الدول الاسكندينافية، حيث هتف المتظاهرون أمام وزارة الخارجية السويدية ضد النظام الإيراني الذي وصفوه بالإرهابي والقمعي، ونددوا بما وصفوه بسياسة "المسايرة" التي تنتهجها السويد مع نظام ولاية الفقيه في طهران الذي يقتل المتظاهرين ويضطهد النساء والأقليات والنشطاء. ومن دون شك فإن طهران تمتعض كثيرا من هذه التظاهرات التي تلقى صدى طيبا داخل أوساط الشعب الايراني الذي صار يتوق لليوم الذي ينهض فيه من النوم وهو يسمع بنبأ سقوط هذا النظام.

سعي طهران الحثيث لإشغال الشعب الايراني وكذلك رفع معنويات أذرعه في بلدان المنطقة من خلال قضايا ثانوية كقضية ناقلات البترول ومثل هذه الزيارات التي مهما بلغت فإنه ليس بإمكانها من أن تغير الواقع الاقتصادي المزري وتساهم في تقدمه ولو خطوة واحدة للأمام.

هذه الجولة التي تهدف للإيحاء بأن النظام الايراني لايزال يقف على قدميه وإنه في مستوى المواجهة مع الولايات المتحدة، فإن الجولة تسعى لخلق وإيجاد أجواء شبيهة بتلك التي رافقت مفاوضات عام 2015 والتي أسفرت عن ذلك الاتفاق النووي المثير للجدل والذي حتى إستقبلته بلدان المنطقة وقتها بصورة فاترة، أي إن طهران تريد أن تتم في النتيجة إبرام إتفاق نووي جديد لايختلف عن الاخير إلا بالاسم والتأريخ وبعض التفاصيل الصغيرة الاخرى. ولكن لا يبدو ذلك سهلا عندما نجد إن من يمسك بزمام الامور في البيت الابيض هو ترامب وليس أوباما!