ابحث عن حركة النهضة

النهضة لا تؤيد قيام حكومة كفاءات غير حزبية وهي مستعدة لتعطيل الحياة السياسية في تونس من أجل أن لا تقوم تلك الحكومة.
من الضروري عزل حركة النهضة وتقييد قدرتها على التدخل في الشأن السياسي
النهضة لا تزال تمارس الخداع السياسي بادعاء الحفاظ على الديمقراطية
حركة النهضة نجحت في أن تُعيق المشيشي وان تهدد استقلاليته

لو أن الاحزاب المدنية التونسية نجحت في استصدار قانون في مجلس النواب تُمنع بموجبه التنظيمات الدينية من ممارسة العمل السياسي لكانت تونس قد عرفت طريقها السوية نحو الاصلاح ولكانت ثورة الياسيمين قد حققت أهدافها في الحرية والمساواة والعدالة ولكان الوضع الاقتصادي قد شهد قفزات ايجابية لافتة في سياق خطة مدروسة لا تتعرض لصدمات الفوضى.

فمن خلال ذلك القانون سيتم عزل حركة النهضة بشكل أساس وتقييد قدرتها على التدخل في الشأن السياسي بما يخرجه عن إطار مصالح الدولة. اما إذا قررت الحركة التحول إلى حزب سياسي وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة فإن ذلك سيتم اقراره وفق شروط ستحرمها من قاعدتها الشعبية المضلَلة والمخدوعة بالشعارات الدينية.

حركة النهضة تمارس نوعا مزدوجا من الخداع في ممارسة نشاطها العام. فهي على المستوى الشعبي تنظيم دعوي تقوم نظرته إلى الحياة على أساس معادلة الحرام والحلال التي يضمن من خلالها كسب عدد أكبر من المناصرين في الارياف بين محدودي التجربة والوعي اما على المستوى السياسي كون كتلتها هي الكتلة الأكبر في مجلس النواب فإنها تدعو إلى التزام قيم الديمقراطية وهي دعوى باطلة تنم عن رغبة معلنة في الخداع السياسي بسبب تعارض الديمقراطية مع المبادئ التشريعية التي تعتمدها الحركة في نظامها الداخلي الذي تحرص على عدم عرضه على العامة.

غير أن ما صار واضحا أن النهضة هي العنصر الأساس الذي يقف وراء الفوضى الذي شهدتها الحياة السياسية ولا تزال تشهدها حتى يومنا هذا. وكما يبدو فإن النهضة التي لا تفضل الذهاب إلى المعارضة بسبب خوفها من انفضاض مناصريها عنها وتقلص قاعدتها صارت تتخذ من مشاركتها في الحكم حجة لنشر الفوضى وعدم الاستقرار السياسي ودفع مؤسسات الحكم إلى حالة معقدة ومريرة من التناحر.

النهضة لا تؤيد قيام حكومة كفاءات غير حزبية. وهي مستعدة لتعطيل الحياة السياسية في تونس من أجل أن لا تقوم تلك الحكومة. وهي إذ تعقد التحالفات مع كيانات سياسية هي أقل منها تأثيرا فإنها تريد أن تضفي على نزعتها التدميرية طابعا حزبيا من شأنه أن يخفي رغبتها في الانفراد في الحكم.

وإذا ما كان الرئيس قيس سعيد قد نجح في فرض هشام المشيشي رئيسا للحكومة فإن حركة النهضة نجحت في أن تُعيق المشيشي وعرفت  كيف تدفعه إلى التخلي عن استقلاليته بعد أن عقدت تحالفا مع كتلتي الكرامة وقلب تونس، بحيث يمكن القول أن مغادرة المشيشي مركب الرئيس سعيد ستكون مفتتحا لفوضى جديدة تضرب الجسد السياسي التونسي وتنتهي به إلى فشل جديد، وهو ما لم يعد المشهد ليتسع له في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

في كل ما تفعله النهضة ليس هناك ما يشير إلى التزام وطني بالرغبة في انجاح التجربة المؤسساتية وانهاء عثراتها والنهوض بها ودعمها سياسيا من أجل أن تستعيد قدرتها على تصريف شؤون المواطنين وخدمتهم ووضع الخطط السليمة لتطوير الاقتصاد التونسي اعتمادا على ثروات معطلة.

استعملت النهضة متحافلة مع سواها ثقلها السياسي من أجل تعطيل عمل الحكومة أياً كان منشأها. وفي ذلك انما تضع النهضة الجميع أمام خيارها الوحيد. اما أن تحكم أو تنشر الفوضى.

هذا ما فعلته الحركة وما ستفعله ما دامت الأحزاب المدنية عاجزة عن وضع إطار قانوني يتم من خلاله تقييد قدرتها على التسبب بالشلل للحياة السياسية وهو ما أدى دائما إلى أن تكون الدولة بمثابة كيان ناقص.

في كل ما شهدته التجربة الديمقراطية التونسية من عثرات هناك بصمة واضحة لحركة النهضة.