اتفاق على جولة مفاوضات نووية رابعة لا يحجب التباين

عراقجي يؤكد أنّ الخلافات لا تزال قائمة بين الجانبين الإيراني والأميركي، لافتا إلى أن جولة المفاوضات الثالثة كانت أكثر جدية من ذي قبل.

مسقط - اختتمت الجولة الثالثة من المحادثات رفيعة المستوى بين إيران والولايات المتحدة حول برنامج طهران النووي في عُمان اليوم السبت، فيما اتفق الوفدان على أن يعودا في الثالث من الشهر المقبل إلى مسقط لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بينهما، فيما لا يحجب هذا الاتفاق التباين في وجهات النظر وهو ما أقر به وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي أكد في ختام محادثات اليوم تواصل الخلافات.

وأفاد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي تتولى بلاده دور الوساطة على منصة "إكس" "ستستمر المحادثات الأسبوع المقبل، حيث من المقرر مبدئيا عقد اجتماع آخر رفيع المستوى في الثالث من الشهر المقبل".

وقال عراقجي لمراسل التلفزيون الرسمي الإيراني في مسقط "هناك خلافات في القضايا الرئيسية وفي التفاصيل"، مضيفا أن "المفاوضات هذه المرة كانت أكثر جدية من ذي قبل".

وذكرت خارجية الجمهورية الإسلامية وفق ما نقل عنها الإعلام الرسمي الإيراني أن المناقشات التي استغرقت نحو 9 ساعات جرت في "أجواء جديّة". وعُقدت هذه المباحثات عقب جولتين في 12 أبريل/نيسان في مسقط، ثم في الـ19 من الشهر نفسه في روما.

ويقود وفدي البلدين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف فيما يتولى البوسعيدي دور الوسيط بينهما.

وعقدت مباحثات فنية على مستوى الخبراء بموازاة المحادثات الرفيعة المستوى. وأفاد مراسل التلفزيون الإيراني بأن "المحادثات الفنية بين الوفدين وصلت إلى مستوى التفاصيل الدقيقة حول المطالب والتوقعات المتبادلة. ولذلك، سيعود الوفدان إلى عاصمتيهما للتشاور".

وأكدت الخارجية الإيرانية في بيان أنّ المباحثات تُجرى "في غرف منفصلة كما في الجولتين السابقتين، بتسهيل من المضيف العماني وحضور رئيسي الوفدين الإيراني والأميركي". ولا يقيم البلدان علاقات دبلوماسية منذ 1980.

ويُعد هذا أعلى مستوى من التواصل بين البلدين منذ أن سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلده أحاديا في 2018 من الاتفاق النووي المُبرَم بين إيران والقوى الكبرى عام 2015.

وهذا الأسبوع، أعرب عراقجي عن "تفاؤل حذر" قائلا "إذا كان مطلب الولايات المتحدة الوحيد هو عدم امتلاك إيران أسلحة نووية، فإن هذا المطلب قابل للتحقيق، وإذا كانت لديهم مطالب أخرى، أو مطالب غير عملية أو غير منطقية، فسنواجه مشاكل بطبيعة الحال".

وأكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أنّ المباحثات لا تتناول برامج إيران الدفاعية والصاروخية وصرّح للتلفزيون الإيراني بأنّ "مسألة القدرات الدفاعية والصواريخ الإيرانية غير مطروحة  ولم تُطرح في المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة" ونقلت وكالة تسنيم عنه قوله إنّ المفاوضات جرت في "أجواء جدية".

وأشارت الى أنّ الطرفين يتبادلان "المواقف ووجهات النظر بشأن مجالي تخفيف العقوبات بشكل فعال وبناء الثقة في ما يتعلق بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني وحماية حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية من خلال الجانب العماني".

وقالت إيران والولايات المتحدة إن جولة المفاوضات التي جرت السبت الماضي في مقر إقامة سفير عُمان في روما أسفرت عن "تقدّم"، مشيرة إلى أن الاجتماع كان "جيّدا".

ولطالما اتهمت الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران باستمرار مؤكّدة أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية والمدنية فقط.

وخلال ولاية ترامب الأولى، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015، والذي نصّ على تخفيف العقوبات الدولية على إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وأعاد ترامب في مقابلة مع مجلة تايم نُشرت الجمعة تهديده صراحة باللجوء للحل العسكري إذا فشلت المفاوضات. لكنّه أضاف أنّه "يفضل اتفاقا على إلقاء القنابل".

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، عاد ترامب إلى سياسة "الضغوط القصوى" المتمثلة في تغليظ العقوبات على إيران، مكررا بذلك استراتيجيته التي اتّبعها خلال ولايته الأولى.

وفي مارس/آذار بعث ترامب برسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يعرض عليها فيها إجراء مفاوضات، لكنه لوّح بعمل عسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي.

وأعلنت واشنطن الثلاثاء عقوبات جديدة تستهدف شبكة النفط الإيرانية، في خطوة وصفتها طهران بأنّها دلالة على "نهج عدائي" قبيل محادثات السبت في عُمان.

والأربعاء، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إيران إلى توضيح أسباب وجود أنفاق حول منشأة نطنز النووية، أظهرتها صور نشرها معهد العلوم والأمن الدولي.

ونشر مركز الأبحاث ومقرّه في واشنطن، صورا التُقطت بالأقمار الصناعية الأربعاء قال إنها تظهر نفقا عميقا جديدا على مقربة من نفق قديم حول نطنز، إضافة إلى إجراءات أمنية جديدة. وقال غروسي للصحافيين "نسألهم: ما الهدف من هذا؟ فيقولون لنا: هذا ليس من شأنكم".

وفي مقابلة نُشرت الأربعاء، أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو موقف واشنطن الحازم ضد تخصيب إيران لليورانيوم وقال في بودكاست "أونستلي" "إذا أرادت إيران برنامجا نوويا مدنيا، فيمكنها امتلاكه كما هي حال العديد من الدول الأخرى في العالم، عبر استيراد المواد المُخصَّبة".

من جهته، وصف عراقجي حقّ إيران في تخصيب اليورانيوم بأنه "غير قابل للتفاوض"، بعد أن نشر في وقت سابق من هذا الاسبوع على منصة إكس أنّ بلاده تسعى "لبناء 19 مفاعلا على الأقل". ولدى طهران حاليا مفاعلان هما بوشهر وأراك.

وتُخصب إيران اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وهي أعلى بكثير من نسبة 3.67 في المئة المنصوص عليها في الاتفاق، لكنها لا تزال أقل من عتبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

ووصف عراقجي الخميس العلاقات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بأنها "متدهورة"،، لكنه أبدى استعداده لزيارة تلك الدول ومناقشة برنامج بلاده النووي ومجالات الاهتمام والقلق المشتركين.

وحضّ روبيو الأسبوع الماضي الدول الأوروبية على اتخاذ "قرار مهم" بشأن تفعيل "آلية الزناد" التي نصّ عليها اتفاق 2015، ومن شأنها إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائيا على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي. لكنّ خيار تفعيل الآلية ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول.

من جهتها، حذّرت إيران من أنها يمكن أن تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال تفعيل تلك الآلية.