اتفاق وقف إطلاق النار.. ولكن؟

من حق الشعب الفلسطيني أن يعرف ما هي الشروط التي التزمت بها الفصائل.

لم تعلن المصادر الرسمية الإسرائيلية عن اتفاق وقف لإطلاق النار في قطاع غزة تم إبرامه في القاهرة، ولكن كان الإعلام الإسرائيلي سباقاً في الكشف عن هذا الاتفاق قبل حوالي خمس ساعات عن بدء الإعلان عنه وتنفيذه. وكذلك لم يرشح من الإعلام الإسرائيلي بعد مرور عدة ساعات من تثبيت وقف النار أية بنود أو تفاصيل لهذا الاتفاق، وبدل ذلك حمل الإعلام الإسرائيلي وخاصة الناطق باسم الأحزاب اليمينية تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تتسم بالصلف والعنجهية ويعلن فيها إن المعركة مع غزة لم تنته وهي تتطلب الصبر والرشد. وعدّد "بطولات" جيشه على مدى يومين التي يندى لها الجبين الإنساني في قتله للأطفال والنساء الحوامل وتدميره لمساكن المواطنين الآمنين. وتوعد بجولات قادمة ستكون أقسى وأكثر إيلاماً لرجال المقاومة. وبعد ساعات وقبل أن ينقضي اليوم الأول لوقف إطلاق النار حملت الوسائل الإعلامية عن نتنياهو وبعد اجتماع عسكري بأنّ "المعركة لم تنته والجميع يعلم إنّ هناك نقطة تحوّل وانّ قواعد اللعبة تغيرت منذ الآن."

وأضاف: "أصدرت تعليمات للجيش بالاستعداد للمراحل القادمة، والاحتفاظ بتعزيزات القوات المدرعة والمدفعية حول قطاع غزة". وبقدر ما تحمل هذه التصريحات من استعراضية لإرضاء الشارع الإسرائيلي المصاب بالخذلان من عدم وضع حد لصواريخ المقاومة الفلسطينية، فأنها على قدر من الجدية وتلميح صريح عن حرب تصفية وأكثر عنفاً وتدميراً قد يشهدها القطاع خلال الصيف القادم.

أمّا على الجانب الفلسطيني فقد اتسم الإعلان عن وقف إطلاق النار بشيء من الإحتفائية بدت في تصريح لأحد المسؤولين الفلسطينيين لوكالة "فرانس برس" وهو يعدد التسهيلات المعيشية التي على الاحتلال العمل والالتزام بها في إطار عام برفع الحصار بالتدريج عن قطاع غزة المحاصر منذ 13 عاماً، وهي ذات التسهيلات التي يتم تداولها والمطالبة بها في كل مفاوضات عبر الوسيط المصري تلي كل جولة من إطلاق النار والتي ينكث الاحتلال بها ولا يلتزم بتنفيذها. الجديد اللافت إنّ بعض البنود تطال الضفة والقدس والأسرى، وهي محل شكّ أن يكون الاحتلال قد قبل بها أو حتى وافق أصلاً على طرحها على طاولة المفاوضات.

كل ما تم تداوله من بنود الاتفاق هي شروط الفصائل الفلسطينية ومطالب القطاع الإنسانية، ولكن ماذا طلبت سلطات الاحتلال بالمقابل لوقف "بلدوزر التدمير" المنهجي الذي ألحق الأذى المقذع في ممتلكات المواطنين، هذا ما تم التعمية عليه ولم يرشح منه شيئاً، وهذا هو الجانب الغامض من الاتفاق الذي يخشاه الشعب الفلسطيني.

من حق الشعب الفلسطيني أن يعرف ما هي الشروط التي التزمت بها الفصائل، وإذا ما كانت تمس النضال الفلسطيني وجوانب القضية الفلسطينية بشكل عام.