تمسكوا بالأرض.. ولا تنتخبوا

أمثال عزمي بشارة هم أخطر على الفلسطينيين من الصهيونية بحد ذاتها.

منذ البداية كنت ولا زلت لا أستسيغ التبريرات التي يذهب إليها "الصامدون على أرضهم" حينما يتعلق الأمر بشأن انخراطهم في المجتمع الإحتلالي وتعاملهم مع مؤسساته.

"بدنا نعيش" أوصلت البعض ممّن لم يرَ في الاحتلال فوق تراب وطنه إشكالية تمس وجوده التاريخي، أوصلت هذه الجملة التبريرية العديد لأن يكونوا جنرالات في جيش الاحتلال ويقاتلون أبناء جلدتهم في جنوب لبنان وغزة والضفة. بل وأن يكونوا على رأس الجحافل الغازية في اجتياح لبنان عام 1982.

وفي النشاط السياسي لا يختلف الأمر كثيراً حين نسمع بلغة الضاد الصادرة من بعض الشخصيات وهي تتلو علينا المزامير الصهيونية كما يملي عليهم الحزب الصهيوني الذي ينتمون إليه. وهناك الكثيرون ممن انخرطوا في المؤسسات الإعلامية إن كتبوا أو تحدثوا سنجد في خطاباتهم "ملكية أكثر من الملك".

لقد جاء إعلان " يهودية الدولة" ليكون كشف آخر غطاء عن الدولة الديمقراطية المزورة والموهومة، حيث ظل الكثيرون في الأحزاب العربية على أوهامهم، ويريدون اليوم تلميع هذه الديمقراطية عبر ترشحهم لانتخابات الكنيست ويدعون أبناء جلدتهم إلى انتخابهم مقابل وعود ببعض امتيازات تطال إنارة وتزفيت شوارع بلداتهم ومدنهم متخطين رؤية وجودهم كسكان أصليين يعيشون فوق تراب وطنهم في حيز ضيق أمام طروحات اليمين الصهيوني المتطرف في تهويد كل شيء عبر الممارسات العنصرية الزاحفة على كل المكونات الفلسطينية، حتى باتت المسألة بالنسبة إليهم محصورة في " أن نكون أو لا نكون".

لا نريد لأحد أن يكون كعزمي بشارة الذي لعبت الأوهام بعقله وتوسل له فكره عام 1999 لأن يترشح لمنصب رئيس وزراء دولة إسرائيل. فإن مثل هذه الطبقة السياسية في أوساط العرب في إسرائيل هي أخطر من الصهيونية بحد ذاتها. وهذه الطبقة لا تمثل إلا نفسها ولا شأن لها بقضايا المصير التي تشغل بال كل فلسطيني بالداخل والخارج وعلى رأس هذه القضايا رفع الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948.

إنّ الموقف الوطني النقي في الخط الأخضر هو ما يتمثل في الحملة الشعبية الفلسطينية التي تدعو إلى مقاطعة انتخابات الكنيست الإسرائيلي المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء في التاسع من نيسان الجاري.

وقد استندت هذه الحملة من كون المشاركة في الكنيست طيلة السنوات الماضية لم تأت بمردود يرفع الظلم عن 1.5 مليون فلسطيني يحملون الهوية الإسرائيلية.

ويرى هؤلاء المقاطعون أن التصويت للكنيست هو تجميل لديمقراطية زائفة، وهو بحد ذاته إقرار بشرعية إسرائيل ككيان أقيم على خراب وطنهم وتهجير أبناء شعبهم.

فيصف أحد المقاطعين التمثيل العربي في الكنسيت بأنه "مكياج رديء للسياسات العنصرية الإسرائيلية". ويرى أنّ الأفضل هو غياب العرب عن الكنيست ممّا يحوّل إسرائيل تلقائيا إلى نظام "أبارتهايد".