استضافة مهرجان الحمامات للشاب مامي تثير جدلا في تونس
الحمامات (تونس) - أثار إعلان إدارة مهرجان الحمامات الدولي بتونس عن تنظيمها حفلا لنجم موسيقى الراي الجزائري الشاب مامي ضمن برنامج دورتها المرتقبة لهذا العام جدلا واسعا، حيث انتقدت منظمات حقوقية نسوية عودته للغناء على خلفية إدانته من القضاء الفرنسي في قضية عنف جنسي، بينما أعرب عدد من رواد المواقع الاجتماعية عن استيائهم من نفد تذاكر هذا الحفل.
وكان الشاب مامي الملقب بـ"أمير الراي" حكم عليه في يوليو/تموز 2009 بسجن لمدة خمس سنوات، لاستعماله العنف في محاولة إجبار صديقته السابقة على الإجهاض. وكان الفنان الجزائري استعاد حريته في مارس/آذار 2011.
ودفع خبر عودته إلى الساحة الفنية بعد سنوات من الغياب من خلال الحفل المقرر في الثامن من أغسطس/آب المقبل من بوابة الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي بمنظمات مناهضة للعنف ضد المرأة لإدانة دعوة الشاب مامي إلى المشاركة في هذا الحدث.
وقالت الحركة النسوية المستقلة "أنا زادة" (أنا أيضا) في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك "لا للتطبيع مع العنف المسلط على النساء... مهرجان الحمامات اختار يعطي المنصة لشخص ما هوش (ليس) مجرد مغني، بل فاعل عنف جنسي مُدان قانونيًا بسبب الاحتجاز قسري، العنف الجسدي، ومحاولة إجهاض امرأة بدون رضاها... استدعاء شخص مارس جريمة مبنية على انتهاك الحرمة الجسدية للنساء بأبشع الطرق هو تجسيد حيّ لثقافة الاغتصاب إلّي تسامح ديما المعتدي وتعطيه فرصة ثانية، وثالثة، بينما تفرض على الناجية الصمت وتُقصيها من الفضاء العام".
وترى المنظمة أن "مهرجان الحمامات قتلي (حين) يستدعى مجرم كيف (مثل) الشاب مامي هاذي مش مجرد مشاركة فنية، هذا تطبيع صريح مع العنف الأبوي. هذا التبييض الثقافي مش (ليس) محايد أو بريء: المهرجان كمؤسسة ثقافية يلعب لهنا دور مباشر في التطبيع مع العنف المسلط على النساء، في إسكات الناجيات، وفي تغذية ثقافة الإفلات من العقاب".
ولفتت إلى أننا نعيش اليوم "في منظومة أبوية طبقية، وين (أين) الشهرة والسلطة والفلوس تخلّي الراجل المعتدي محصّن، والمرا (المرأة) المضطهدة تُسكت باسم السّمعة واللحظة الفنية.. ولذا (ولهذا) مُهم جدا أنّو نكونو واعيين/ات إلّي وجودنا في الساحات الثقافية مقاومة وأنّنا نحاربو بش ثقافتنا ما تكونش أداة تبييض للرجال إلّي مارسو العنف واغتصبو أجساد النساء أو مساحة لإعادة تأهيل المعتدين.. وفي هذا الإطار، نطالبو بسحب فوري للدعوة الموجهة لشاب مامي؛ اعتذار علني من إدارة المهرجان للنساء، للناجيات، وللجمهور الواعي؛ التزام رسمي بعدم دعوة أي شخص مدان أو متورط في قضية عنف ذكوري، كما ندعو إلى مقاطعة سياسية واعية للحفل والمؤسسات الراعية للمهرجان المطبعة مع ثقافة العنف؛ تضامن راديكالي مع الناجيات؛ إعادة التفكير في الدور السياسي للثقافة والفن، ورفض كل أشكال التواطؤ مع السلطة الذكورية... ثورتنا النسوية متواصلة".
ومن جانبه، قال مدير المهرجان نجيب الكسراوي خلال مشاركته في برنامج ''كورنيش'' بإذاعة موزاييك أف.أم الخاصة إن الإقصاء الأبدي والإعدام الاجتماعي غير مبرر، وذلك في علاقة بإدانة الفنان خلال السنوات الماضية في قضية عنف جنسي.
وأوضح أن ''الجدل القائم حول الشاب مامي بسبب هذه القضية لا معنى له اليوم.. وإدارة مهرجان الحمامات تقوم ببرمجة فنان استنادا لمسيرته الفنية والقيمة والجودة.. وهذه نقاط مهمة جدا في اختيار العروض.. كما أن القانون الذي عاقب مامي هو الذي كفل له حق العودة".
وكشف أن "الشاب مامي غادر السجن سنة 2011، وزار تونس في 2014 أحيى حينها سهرتين في قرطاج والحمامات .. وعودة مامي الرسمية للركح وللغناء وللجمهور ستكون من مهرجان الحمامات بتاريخ 8 أغسطس/آب بعد غياب لأكثر من 11 سنة عن الغناء".
ومن جهة أخرى، غذى الإعلان عن نفد جميع تذاكر حفل الشاب مامي الأزمة المثارة حول مسألة بيع التذاكر، حيث تسأل عدد من متابعي صفحة المهرجان عن سر نفد التذاكر فور الإعلان عن الحفل، إذ أعربت معلقة عن استيائها قائلة "ما هذا !!!! تهبط البرمجة قبل بنهار من غدوة sold outp شنو هالفساد هذا اللي صاير واحد معاد خالط على شي".
وأضافت معلقة أخرى "وقتاش وكيفاش وفاو التذاكر (متى وكيف نفدت التذاكر)، وبحث بعض المعلقين عن فرصة للحصول على تذكرة أو مبادلة بالتذاكر، إذ كتبت معلقة "زعما شكون (يا ترى من) يحب يبدل تيكي (تذكرة) مامي بتيكي وائل جسار"، وتسائلت معلقة أخرى إن كان هناك من يريد بيع تذكرته على أمل الحصول على تذكرة لحضور الحفل المرتقب.
وأثار تداول تذاكر بعض سهرات الدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي بأسعار مضاعفة في السوق الموازية جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، لاسيما بعد وقت وجيز من الإعلان عن البرمجة، وفتح باب البيع الإلكتروني وتسجيل نفاد تذاكر بعض الحفلات مثل سهرة الافتتاح "رقوج العرض" ولطفي بوشناق وصابر الرباعي والشاب مامي.
وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا لإعلانات بيع التذاكر بأسعار خيالية خارج المنصة الرسمية، وهو ما أثار حفيظة فئة واسعة من الجمهور التي لم تتمكن من اقتناء تذاكرها رغم دخولها المبكر إلى موقع المهرجان.
وأوضحت الهيئة المديرة للمهرجان أن عملية بيع التذاكر تتم حصريا عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للمهرجان، مشددة على أنّه "لا يُعتمد أي منفذ بيع آخر، وأنّ أي تذكرة تم اقتناؤها من خارج هذه القناة تعتبر لاغية ولا تخوّل لحاملها دخول فضاءات العروض".
وبيّنت إدارة المهرجان، في بلاغ أصدرته الخميس وتحصّلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء "وات" على نسخة منه، أن الموقع الإلكتروني يتيح لكل مستخدم اقتناء أربع تذاكر كحدّ أقصى لكل عرض، ويتم ربط عملية الشراء بالبريد الإلكتروني الخاص بالشخص الذي قام بعملية الاقتناء، مؤكدة أن كل تذكرة تُسجَّل باسم صاحبها وتتطلّب الاستظهار بوثيقة إثبات الهوية عند الدخول إن اقتضت الحاجة لذلك.
وتكشف جل التعليقات أن الشاب مامي لا يزال يحافظ على شعبيته بين الجمهور التونسي الذي أظهر حماسه لحضور الحفل واستعادة لحظات من الماضي البعيد كانت خلالها أغاني هذا النجم الجزائري تلقى رواجا كبيرا في الوطن العربي.
وتحت شعار "نبض متواصل"، تنطلق الدورة الـ59 للمهرجان التي تنتظم من الحادي عشر من يوليو/تموز الجاري بعرض "رقوج" لعبدالحميد بوشناق وتختتم في سهرة الثالث عشر من أغسطس/آب المقبل بعرض للفنانة التونسية نبيهة كراولي.
وأكد الكسراوي أن دورة هذا العام تأتي برؤية متجددة، لافتا إلى تنوع العروض والأنماط الموسيقية من الراي والكناوة إلى الفلامنجو والسالسا والجاز والإلكترو، وصولا إلى الموسيقى الكلاسيكية والسيمفونية والطرب الأصيل.
وقال في مؤتمر صحفي الخميس "برمجة المهرجان اعتمدت مقاربة فنية تعكس ثراء المشهد الثقافي المحلي والدولي ليواصل المهرجان نهج الانفتاح على ثقافات العالم".
وينطلق المهرجان بالعرض التونسي "رقوج" للمخرج عبدالحميد بوشناق، في ما ستحيي الفنانة التونسية نبيهة كراولي حفل الاختتام الذي يتزامن مع الاحتفال بعيد المرأة التونسية.
وقال بوشناق لرويترز إن "الصعود على مسرح الحمامات بما يتميز به من خصوصية فخر كبير ومسؤولية أكبر"، مشيرا إلى أن العرض يقدم بمشاركة 120 فنانا من ممثلين وراقصين وموسيقيين، مضيفا أن العرض هو تكريم لمغني الراب التونسي الراحل كافون.