استقالة أمين عام النهضة يكشف حجم الانقسامات

زياد العذاري يؤكد انه فشل في إقناع مؤسسات الحزب في قضايا مصيرية، وفي لحظة مفصلية بتفادي خيارات لا يراها جيدة للبلاد.

تونس - تعيش حركة النهضة التونسية على وقع انقسامات حادة دفعت عدد من قادتها الى الاستقالة في الآونة الأخيرة.
وفي هذا الاطار أعلن زياد العذاري، الأمين العام للحركة الخميس، الاستقالة من مهامه الحزبية.
وجاء ذلك في رسالة نشرها العذاري الذي يتقلد أيضا منصب وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك".
وقال العذاري: "تبعا لما تداولته بعض المواقع الإعلامية، فإنه يهمني التوضيح بأني قررت التخلي عن كل مسؤولياتي داخل حركة النهضة".

وتابع: "طلبت من رئيس الحركة (راشد الغنوشي)، منذ بداية الأسبوع الفارط، التفضل بقبول طلبي هذا، وقدمت له استقالتي من الأمانة العامة للحزب ومن المكتب التنفيذي". 
وأضاف: "أعلمته بأني غير معني مستقبلا بأي خطة (منصب) أخرى في قيادة الحزب أو الكتلة (النيابية) أو أي مسؤولية في الحكومة القادمة". 
واعتبر العذاري أن قرار الاستقالة "لم يكن سهلا، وأنه جاء بعد تفكير عميق، وأنه يجد نفسه مضطرا للتخلي عن كل مسؤولية حزبية أو حكومية". 
وأردف أنه "غير مرتاح البتة للمسار الذي اتخذته البلاد منذ مدة، وخصوصا لعدد من القرارات الكبرى للحزب في الفترة الأخيرة (لم يذكرها)".
كما لفت إلى أنه "لم ينجح في إقناع مؤسسات الحزب في قضايا يراها مصيرية، وفي لحظة مفصلية بتفادي خيارات لا يراها جيدة للبلاد".
وفي يوليو/تموز 2016، أعلن الغنوشي انتخاب العذاري أمينا عاما لحركة النهضة.
وتعيد الاستقالة الى الأذهان الصراعات داخل النهضة والتي طفت على السطح تزامنا مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتواصلت بعدها.
وتعليقا على قرار الاستقالة انتقد القيادي في الحزب عبدالحميد الجلاصي بالسياسات المنافية للديمقراطية داخل النهضة والتي ستؤدي الى اعادة أخطاء الحزب الحاكم في عهد نظام بورقيبة.

وقال الجلاصي في مداخلة على قناة التاسعة الخميس انه شعر بالقلق بسبب تصريح قياديين طالبا بتغيير النظام الاساسي للحركة وذلك للتمديد للغنوشي على راس النهضة وتصريح اخر دعا الى تأجيل عقد مؤتمر الحركة.
واضاف الجلاصي في اشارة الى النهضة "الأحزاب التي تسقط في الدكتاتورية وتدير ظهرها للديمقراطية تصبح خطرا على البلاد".
وكان رفيق عبدالسلام القيادي في النهضة وصهر الغنوشي دعا الى تاجيل عقد مؤتمر الحركة وذلك بسبب ماوصفها الضغوط التي تواجهها الحركة الاسلامية في السلطة.
وليس العذاري وحدة من استقال مؤخرا من الحركة ففي ايلول/سبتمبر قدم زبير الشهودي مدير مكتب رئيس النهضة السابق استقالته من الحركة وذلك في رسالة نشرها في صفحته الرسمية على الفايسبوك.
واتت تلك الاستقالة بعد فشل مرشح الحركة للانتخابات الرئاسية عبدالفتاح موروم من المرور الى الدور الثاني.
وفي خطاب حاد ومليئ بعبارات اللوم طلب الشهودي حينها من رئيس الحركة "تقديم استقالته وملازمة بيته وابعاد صهره رفيق عبدالسلام وكل القيادات الذين دلسوا ارادة كبار الناخبين داخل الحركة في إقصاء مباشر لكل المخالفين في الراي من نساء وشباب وقيادات تاريخية".
وقدم زبير الشهودي اعتذاره عن تقصيره في المساهمة في تحقيق أهداف الثورة في التنمية والرفاه والعدالة الاجتماعية.
ويبدو ان اعترافات زبير الشهودي بدور حركة النهضة في التنكر لاهداف الثورة التونسية تؤكد ما اشارت اليه بعض المصادر من مسؤولية اخوان تونس في انحراف الثورة عن مسارها الذي رسمه لها الشعب التونسي في 2011.

رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي
سياسات الغنوشي تنعكس سلبا على وحدة حركته

لكن الأهم في تصريحات الشهودي التي حملت عبارات ومفردات حزن على مالت اليه الاوضاع داخل الحركة دعوته الغنوشي الى الاستقالة وملازمة بيته بل وتحميل صهره رفيق عبد السلام مسؤولية الانقسامات داخل النهضة" ومن المتوقع ان تكوةن هذه الاسباب هي نفسها التي دفعت العذاري الى التفكير في الاستقالة.
ولم يكن الشهودي الوحيد الذي وجه تهما لعبد السلام بالمسؤولية عن ازمات حركة النهضة فالعضو السابق في المكتب التنفيذي للحركة حاتم بولبيار قدم استقالته بسبب الخطاب الاقصائي للغنوشي والمحيطين به.
والصراع داخل حركة النهضة انطلق فعليا عندما قرر الغنوشي الإطاحة بنتائج الانتخابات الداخلية المتعلقة بانتخاب رؤساء القوائم والتي وضعت قيادات مغضوب عليها من الغنوشي في صدارة بعض القائمات الانتخابية لخوض الاستحقاق التشريعي.
وكانت بعض المصادر تحدثت حينها عن قرار بعض القيادات في الحركة تقديم استقالتها على غرار النائب سمير ديلو لكن الأخير خرج في تدوينة على صفحته الرسمية على الفايسبوك لينفي الخبر.