اضطرابات إيران تمتد للسجون والسلطات تقصف مدينة كردية بالمدفعية

رواية رسمية تتحدث عن مقتل عددا من السجناء عزته السلطات إلى شجار بين محكومين بالإعدام في سجن لاكان بمدينة رشت بينما لا يمكن النظر إلى هذه الواقعة بمعزل عن الاحتجاجات الشعبية التي دخلت أسبوعها الثالث.
بريطانيا تفرض عقوبات على مسؤولي شرطة الأخلاق الإيرانية
مدن كردية تتحول إلى ساحة حرب بين المحتجين وقوات الأمن
مسؤول إيراني يؤكد عودة الهدوء لسجن لاكان ويعجز عن تحديد حصيلة القتلى!

طهران - امتدت الاضطرابات التي تشهدها إيران إلى أحد السجون، حيث أعلنت السلطات مقتل عدد من السجناء، موضحة أن الأمر يتعلق بشجار بين محكومين بالإعدام اتسع ليشمل مساجين آخرين ما استدعى تدخل قوات الأمن للتهدئة، في رواية رسمية لا يبدو أنها مطابقة فعلا للوقائع خاصة أنها تأتي بينما تشهد البلاد أسوأ احتجاجات على الإطلاق للأسبوع الثالث على التوالي، بينما ذكرت مصادر حقوقية أن السلطات قصفت مدينة كردية بالمدفعية واستخدمت اسلحة ثقيلة في واحدة من أعنف المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن.  

وذكر مصدر قضائي إيراني أن عددا من السجناء قتل وأصيب آخرون بجروح خلال اضطرابات اندلعت الأحد في سجن بشمال إيران، تدخلت خلالها قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع.

ووقعت الاضطرابات في سجن لاكان بمدينة رشت، مركز محافظة كيلان بشمال الجمهورية الإسلامية. وقال المدعي العام لرشت مهدي فلاح ميري إن شجارا اندلع الأحد في السجن بين محكومين بالإعدام "بسبب خلافات شخصية"، وفق وكالة "إرنا" الرسمية.

وأضاف أن التوتر تصاعد وامتد الشجار "إلى ردهة السجن وانضم سجناء آخرون إليه"، مضيفا أن عناصر من قوات الأمن "وصلوا إلى المكان واستخدموا الغاز المسيل للدموع لتهدئة السجناء وتفريقهم، بعدما قام عدد منهم بتدمير تجهيزات في الرواق وباحة السجن وأضرموا النيران".

وتابع فلاح ميري "نتيجة لهذا الشجار قتل عدد من الأشخاص وأصيب آخرون"، مشيرا إلى أن عددهم بالتحديد لا يزال قيد التحقيق.

وأوضح أن بعض السجناء "توفوا متأثرين بجروحهم" بعدما حال "مثيرو شغب" داخل السجن دون نقلهم، في حين تم نقل مصابين آخرين "إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج".

وشدد المسؤول القضائي على أن "الوضع هادئ الآن والنشاطات اليومية للسجناء تتواصل".

وتشهد مدن إيرانية عدة منذ 16 سبتمبر، تحركات احتجاجية يومية إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما)، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي.

وقضى العشرات على هامش الاحتجاجات، بينهم عناصر من قوات الأمن، بينما أكد مسؤولون توقيف مئات المشاركين في التحركات و"أعمال الشغب".

واتسع نطاق الاحتجاجات وامتد لعدة قطاعات حيوية من ضمنها قطاع البتروكمياويات، حيث ذكر موقع 'إيران انترناشنال' العربي اليوم الاثنين أن العمال المتعاقدون في مشروع 'بتروکیماویات بوشهر' الواقع في عسلوية جنوبي البلاد انضموا للمحتجين على مقتل مهسا أميني وأنهم دخلوا فعلا في إضراب عن العمل.

وأضاف الموقع الإخباري الإيراني أنه تلقى فيديوهات يظهر فيها العمال المتعاقدون وهم يضرمون النار في إطارات السيارات على الطرق لشل حركة السير وعرقلة تقدم قوات الأمن.

ونشر 'مركز حقوق الإنسان في إيران' ومقره نيويورك تسجيلات فيديو قال إنها لاحتجاجات نُظّمت في طهران الأحد، لا سيما في عدد من الجامعات بما فيها أمير كبير و أزاد.

وأظهرت مشاهد تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي ولا سيما موقع "إيران واير" الإخباري، طالبات في جامعة الزهراء للإناث في طهران يطلقن هتافات مناهضة للنظام في حرم الجامعة خلال زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت.

وفي جامعة أزاد في طهران طلى طلاب أيديهم باللون الأحمر تنديدا بحملة القمع التي تواجه بها السلطات الاحتجاجات، وفق مشاهد تم تداولها.

وأفادت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع "لتفريق حشود في عشرات المواقع في طهران"، مشيرة إلى أن المتظاهرين "أطلقوا هتافات وأحرقوا ممتلكات عامة وألحقوا بها أضرارا، بما في ذلك كشك للشرطة".

وأظهرت تسجيلات فيديو تلميذات ينزعن حجابهن ويلقين بصور الخميني أرضا في قاعات الدراسة. كما وردت تقارير غير مؤكدة تفيد بتوقيف عدد منهن.

وكانت الاحتجاجات قد انطلقت بادئ الأمر في منطقة كردستان التي تتحدّر منها مهسا أميني في شمال غرب إيران. وقال نشطاء إن محتجين فرضوا في بعض الأحيان سيطرتهم على بعض الشوارع.

احتجاجات متعدّدة الأوجه

ويقول محلّلون إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران متعدّدة الأوجه، من مسيرات في الشارع مرورا بإضرابات طلابية وصولا إلى تحركات اعتراضية فردية، وهو ما يعقّد محاولات السلطات قمع التحركات.

ومن شأن ذلك أن يجعل منها أكبر تحد تواجهه السلطات بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي (83 عاما) منذ تحرّكات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 التي نظّمت احتجاجا على ارتفاع أسعار الطاقة وقُمعت بدموية.

وأظهر تسجيل فيديو تم تداوله على نطاق واسع امرأة تسير من دون حجاب في أحد شوارع مدينة كرمنشاه في شمال غرب البلاد احتجاجا على قواعد اللباس الصارمة، فاتحة أيديها لتقديم "عناقات مجانية" للمارة.

ووقعت ليل أمس صدامات عنيفة في بعض المدن الكردية الإيرانية واستمرت حتى فجر الاثنين، بينما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، فيما أطلقت قوات الأمن النيران بكثافة في مواجهة المحتجين من أهالي سنندج.

وذكرت منظمة "هنكاو" الكردية التي تعنى بحقوق الإنسان أن مدينة سنندج تحولت إلى 'ساحة حرب' وسط وابل كثيف من النيران.

وتابعت في تغريدة على تويتر أنه مع استمرار إطلاق النار في مناطق مثل 'بهاران' و'الطريق السريع 25'، أن النظام الإيراني يريد ارتكاب مجزرة أخرى في هذه المدينة.

واتّهمت السلطات باستخدام أسلحة ثقيلة بما في ذلك قصف أحياء في سنندج بالمدفعية والأسلحة الرشاشة.

وانضمت بريطانيا إلى قائمة دول غربية فرضت عقوبات على مسؤولين أمنيين إيرانيين كبار وما تسمى بشرطة الأخلاق الإيرانية. وأوضحت لندن أن شرطة الأخلاق لجأت للتهديد بالاحتجاز والعنف للتحكم في ما ترتديه الإيرانيات وفرض الرقابة على سلوكهن في الأماكن العامة.

وبسبب وفاتها، قالت بريطانيا إنها فرضت عقوبات على شرطة الأخلاق بالكامل ورئيسها محمد رستمي تشيشمة ورئيس إدارة شرطة الأخلاق بطهران حاج أحمد ميرزايي.

وقال وزير الخارجية جيمس كليفرلي في بيان "هذه العقوبات تبعث برسالة واضحة إلى السلطات الإيرانية، وهي أننا سنحاسبكم على قمعكم للنساء والفتيات وأعمال العنف المروعة التي مارستموها ضد شعبكم".

ووصفت السلطات الإيرانية الاحتجاجات بأنها مؤامرة دبرها أعداء البلاد ومن بينهم الولايات المتحدة.