اعتقال أكراد في فرنسا هدية ماكرون الجديدة لاردوغان

توجيه القضاء الفرنسي تهما متعلقة بالإرهاب لتسعة من الأكراد المعتقلين في فرنسا يثير انتقادات لاذعة لماكرون واتهامه من قبل المعارضة بتقديمهم كبش فداء لاسترضاء اردوغان وإعادة تطبيع العلاقة معه.
سلوك اردوغان في قمع الأكراد يمتد إلى خارج تركيا

باريس - وجه القضاء الفرنسي تهما إرهابية إلى تسعة أشخاص في فرنسا إثر إيقافات في الأوساط الكردية أثارت هذا الأسبوع انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من قبل المعارضة الفرنسية التي اتهمته بشن حملة اعتقالات ضد الأكراد ثمنا لاحتواء نهج أنقرة التصعيدي وإعادة تطبيع العلاقة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي اتهمته بالدكتاتور.

ووفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس السبت، فإن التهم الموجهة للمتهمين في القضية هي "تمويل الإرهاب" و"الانتماء إلى عصابة إرهابية إجرامية" و"الابتزاز عبر عصابة منظمة مرتبطة بشبكة إرهابية".

وكانت الشرطة الفرنسية أوقفت 10 أشخاص الثلاثاء بعد حملة مداهمات في الأوساط الكردية في إطار تحقيق حول شبهات بارتباطهم بأنشطة إرهابية، ووجهت تهما إلى تسعة منهم الجمعة، حيث وضع أربعة منهم في الحبس الاحتياطي، فيما أخضع متهم للمراقبة الإلكترونية ووضع آخر تحت الرقابة القضائية.

وسيقرر قاضي الحريات والاحتجاز في وقت لاحق إن كان يجب وضع المتهمين الثلاثة الآخرين في الحبس الاحتياطي. أما الموقوف العاشر فقد أطلق سراحه دون تتبعات في هذه المرحلة.

جرت التوقيفات في مدينتي مرسيليا وباريس بطلب من قاض مكلف مكافحة الإرهاب إثر تلقي معلومات حول أنشطة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

ويخوض الحزب الانفصالي الكردي منذ عقود نزاعا مسلحا ضد السلطة التركية، وهو مصنّف كتنظيم إرهابي في تركيا وعدد من الدول بينها فرنسا والولايات المتحدة.

وسبق أن وجهت اتهامات لأربعة أشخاص في 21 فبراير/شباط 2020 أبرزها "تمويل الإرهاب" في إطار تحقيق حول جمع موارد لحزب العمال الكردستاني في جنوب غرب فرنسا.

واستنكر زعيم حزب 'فرنسا المتمردة' (يسار متطرف) جان لوك ميلانشون "تجريم أنشطة الأكراد في فرنسا من قبل وزارتي الخارجية والداخلية، بالتوافق التام مع الدكتاتور التركي" الرئيس رجب طيب إردوغان".

من جهته أعلن الحزب الشيوعي الفرنسي في بيان أن "إيمانويل ماكرون يقوم بتطبيع علاقاته مع رجب طيب إردوغان على حساب الأكراد"، منددًا بـ"حملة الاعتقالات المعيبة"، قائلا في بيان أن "إيمانويل ماكرون يقوم بتطبيع علاقاته مع رجب طيب إردوغان على حساب الأكراد".

وتحادث الرئيسان الفرنسي والتركي مطلع الشهر الحالي لأول مرة منذ سبتمبر/ايلول في لقاء عبر الفيديو.

وتم اللقاء بعد أشهر من التوتر بين أنقرة وباريس وتدور بينهما خلافات حول ملفات عديدة منها ليبيا وسوريا وأنشطة تركيا غير القانونية في مياه شرق المتوسط. 

غير أن إردوغان ضاعف مؤخرا التصريحات الرامية إلى التهدئة، سعيا منه لإصلاح العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ولا سيما على خلفية المشكلات الاقتصادية التي تواجهها تركيا.

وكان قد وصف قبل أشهر نظيره الفرنسي بأنه "معتوه" ومريض نفسي وتمنى أن تتخلص منه فرنسا سريعا، ما أثار غضب قصر الاليزيه الذي ندد بتصريحات اردوغان وقال إنه يرفض أن ينجر لمثل هذه السجالات.

ويثير اعتقال عدد من الأكراد في فرنسا تساؤلات عن التوقيت والمغزى من هذه الحملة قبل قمة أوروبية يفترض أن تناقش سلوك تركيا العدواني ومراجعة العلاقات الأوروبية التركية على ضوء الانتهاكات في شرق المتوسط وفي ليبيا وسوريا وغره باغ وانتهاكاتها في حقوق الإنسان.

ويرى محللون أن الحملة تأتي إرضاء لاردوغان لتخفيف توتر العلاقة بين الرئيسين في ظل أنباء عن تقاربهما وإظهارا الرئيس التركي مؤخرا نهجا هادئا والتراجع عن أسلوب الاستفزاز تجاه الاوروبين، بينما يعاني عزلة إقليمية متفاقمة بسبب تدخلاته العسكرية وأنشطته المستفزة في المنطقة وتراجعا لشعبيته داخل تركيا يسعى لترميمها عبر تلافي مزيد من التصعيد لتجنب أي عقوبات تعمق أزمة الاقتصاد التركي وتثير سخط الأتراك.

ويبدو أن حملة اعتقال الأكراد في فرنسا تتعلق بتسويات سياسية للأزمة بين باريس وأنقرة أكثر منها محاصرة للإرهاب أو مقاومة للتطرف.

ويقول سياسيون إن اعتقال مواطنين أكراد بشبه أنشطة إرهابية ليس سوى محاولة لتقديمهم "قربانا" لأردوغان نظير احتواء نهجه الصدامي وتهدئة التوترات في شرق المتوسط.