ماكرون يلتقي أردوغان بعد أشهر من الخلافات
بروكسل - التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره التركي رجب طيب أردوغان اليوم الاثنين هامش قمة حلف شمال الأطلسي في العاصمة البلجيكية بروكسل، في لقاء يأتي بعد أشهر من الخلافات العميقة بين الرئيسين حول قضايا دعم أنقرة لجماعات الإسلام السياسي وتدخلها العسكري في سوريا وليبيا وأنشطة التنقيب التركية غير القانونية في مياه شرق المتوسط وانتهاكاتها الحقوقية.
وبحث الرئيسان خلال لقائهما الحاجة إلى العمل معا للتصدي للمشكلات في سوريا وليبيا وخاصة ملف اللاجئين والجماعات الإرهابية، وفق ما أفادت به الرئاسة الفرنسية.
وانتهى لقاء الرئيسين في العاصمة البلجيكية بروكسل على هامش قمة زعماء دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واستمر اللقاء المغلق بينها 52 دقيقة، وفق مراسل الأناضول.
وقال ماكرون بعد اللقاء إن "الرئيس التركي كد رغبته في مغادرة المرتزقة ليبيا في أقرب وقت ممكن واتفق على العمل مع فرنسا لسحبهم".
وانطلقت قمة الناتو الاثنين بمشاركة زعماء وقادة دول الحلف البالغة عددها 30 دولة، وسط تدابير أمنية مشددة.
ومن أهم بنود القمة مناقشة مستقبل الحلف الذي يواجه تحديات كبرى وأزمة تمويل منذ بدء انتشار فيروس كروونا، ورسم خارطة طريق الناتو لمدة 10 أعوام، إلى جانب العلاقات مع روسيا والصين وتغير المناخ والتهديدات السيبرانية.
وأظهر أردوغان مؤخرا ليونة تجاه الاتحاد الأوروبي وخفض التصعيد في مياه شرق المتوسط وأدلى بتصريحات هادئة تجاه القادة الأوروبيين وخاصة الرئيس الفرنسي، في خطوة تهدف لتجنب عقوبات أوروبية تعمق أزمة الاقتصاد التركي بعد أن هددت بروكسل مرارا باعتزامها اتخاذ إجراءات صارمة بشأن الانتهاكات التركية ونهجها العدواني.
وأبدى أردوغان هدوء في إطار لعبة المصالح لتلافي عقوبات أوروبية، إذ من المستبعد أن تتخلى أنقرة عن سياسة الاستحواذ وتوسيع النفوذ وطموحاتها في المنطقة وعما تعتبره "حقا مشروعا" بخصوص أنشطة التنقيب عن المحروقات في مياه المتوسط.
وفي أكثر من مرة تبادلت أنقرة الانتقادات اللاذعة مع باريس بشأن سياستها في سوريا وليبيا وشرق البحر المتوسط وقضايا أخرى، لكن البلدين العضوين بحلف شمال الأطلسي قالا في فبراير/شباط إنهما يعملان على خريطة طريق لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
وكان أردوغان قد وصف قبل أشهر نظيره الفرنسي بأنه "معتوه" ومريض نفسي وتمنى أن تتخلص منه فرنسا سريعا، ما أثار غضب قصر الاليزيه الذي ندد بتصريحات اردوغان وقال إنه يرفض أن ينجر لمثل هذه السجالات.
وتوترت العلاقة بين باريس وأنقرة أواخر العام الماضي وبلغت إلى حد التراشق بالألسنة بين ماكرون واردوغان خصوصا بعد التصريحات الفرنسية المسيئة للنبي، فيما تنتقد فرنسا بشدة الرئيس التركي على خلفيته تدخلاته العسكرية وانتهاكاته المتصاعدة في مياه شرق المتوسط.
وأثار مقترح ماكرون حماية قيم بلده العلمانية من أتباع التيارات الإسلامية المتطرفة حفيظة الحكومة التركية، ليضاف ذلك على قائمة الخلافات العديدة بين الرئيس الفرنسي واردوغان.
وتبادل اردوغان وماكرون الإهانات على مدى شهور بعدما اتّخذا مواقف متناقضة حيال عدة نزاعات بدءا من ليبيا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط ووصولا إلى خلاف تركيا مع اليونان بشأن الحدود البحرية والتنقيب عن المحروقات في مياه شرق المتوسط.
وتفاقم العداء بين الرئيسين منذ حذّر ماكرون في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من أن عدم رد حلف شمال الأطلسي على العملية العسكرية التركية في شمال سوريا ومن ثم في ليبيا كشف أن الحلف يعاني من "موت دماغي".
وتصاعدت حدة النزاع بين البلدين بعدما أرسلت فرنسا في أغسطس/آب الماضي قِطعا بحرية إلى شرق المتوسط لمساعدة السفن الحربية اليونانية التي أرسلت في مواجهة تلك المناورات التركية في المياه المتنازع عليها.
وحركت فرنسا دبلوماسيتها لدفع الأطراف الأوروبية نحو اتخذا إجراءات صارمة وفرض عقوبات لردع الانتهاكات التركية المتزايدة في المتوسط.
ودفع ذلك الاتحاد الأوروبي إلى التهديد بفرض عقوبات على أنقرة لكبح أنشطة التنقيب غير القانونية في مياه متنازع عليه مع اليونان، وهو ما دفع الرئيس التركي إلى خفض التصعيد وسحب السفن ومغازلة القادة الأوربيين بتصريحات هادئة لتلافي عقوبات تنهك الاقتصاد التركي الطي يعاني منذ سنوات تراجعا مقلقا بسبب سياسات أردوغان "الفاشلة".