الأقصر للسينما الأفريقية يحتفي بنهضة الأفلام السودانية
القاهرة - تحل السينما السودانية ضيف شرف الدورة العاشرة لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.
وعادت الأفلام السودانية للظهور بقوة في المهرجانات الدولية خلال السنوات القليلة الماضية وانتزعت جوائز مرموقة بعد تحقيقيها نهضة كبيرة.
وجسد على سبيل المثال فيلم "ستموت في العشرين"، وهو أول عمل درامي سوداني يُعرض على منصة "نتفليكس" وأول إنتاج من هذا البلد العربي يُرشح إلى جوائز الأوسكار، إلى جانب أعمال أخرى قفزة نوعية في السينما السودانية تتزامن مع التحول السياسي الحاصل في البلاد.
وألقى المخرج والمنتج والممثل السوداني ومدير مؤسسة "سودان فيلم فاكتوري" طلال عفيفي كلمة بهذه المناسبة قال فيها "في السنوات الماضية كنا حصيلة تراكم قدمه آباؤنا وأمهاتنا من السينمائيين والسينمائيات في السودان منذ منتصف القرن الماضي، وكان لنا الحظ أن نقطف ثمرة ما زرعوه من قبلنا".
وأضاف "نقدر مهرجان الأقصر بشكل خاص لأنه مهرجان نوعي يتعامل مع القضية الأفريقية باهتمام كبير" مشيرا إلى أن مشاركة السودان في هذه الدورة ستكون متنوعة وعلى مستويات مختلفة سواء بالأفلام أو في لجان التحكيم أو ورش العمل.
وعاش السودان خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير الذي حكم البلاد على مدى 31 عاما بيد من حديد في ما يشبه عزلة دولية.
ويشير مدير مؤسسة "فيلم فاكتوري" الممثل طلال عفيفي الى أن الحكومات التابعة لنظام البشير منذ العام 1989 "أجهضت كل مبادرات الثقافة والفنون، وعمدت الى مناهضة قيم التنوع وحرية الرأي، عبر سعيها لتبني ما زعمت أنها سياسات الأسلمة والتعريب".
ويلاحظ عفيفي أن الأفلام التي برزت أخيرا تسعى لتأكيد مقاومتها لكل الخطابات التي دعمها النظام.
ويوضح أن صعود هذا النوع من الأفلام بدأ قبل الحراك. "فبعد ظهور الصيغة الرقمية، حدث ما يشبه "الانقلاب الأبيض" وتم اختراق هذه السياسات ومعها الأحزمة الأمنية والقانونية التي حرّمت الفن".
وتسعى مؤسسة "سودان فيلم فاكتوري" التي تأسست في الخرطوم في 2010، لتعزيز صناعة الأفلام المستقلة في السودان وتشجيع أجيال جديدة على الاهتمام بالسينما، وتحصل على بعض الدعم من مؤسسات دولية.
ونفذت المؤسسة أكثر من ثلاثين ورشة تدريب في السيناريو والتصوير والإخراج والمونتاج والأزياء، وأنتجت أكثر من ستين فيلما روائيا ووثائقيا وتجريبية قصيرة شارك العديد منها في مهرجانات عديدة حول العالم، في البرازيل وهولندا وكوريا الجنوبية واليابان وجنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا.
ويقول عفيفي "ما حدث في سينما السودان من طفرات، ليس وليد الثورة وحدها وإنما هو نتيجة لعمل متواصل بدأ قبل اقتلاع حكم عمر البشير بسنوات".
وترى الناقدة المصرية رشا حسني أن 2019 كان "عاما للسينما السودانية بامتياز".
فقد حظي مثلا فيلم "حديث عن الأشجار" للمخرج صهيب الباري، بجائزة أفضل فيلم وثائقي باختيار الجمهور، في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2019.
ويشدد النقاد على حاجة السينما السودانية لدعم من النظام السياسي الجديد سواء على صعيد التشريعات أو تيسير البنية التحتية.
ويعرض مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذي تنظمه مؤسسة شباب الفنانين السبت فيلم الافتتاح "هذه ليست جنازة.. إنها قيامة" من ليسوتو.
أطلق المهرجان دورته العاشرة الجمعة مع إلغاء الفقرات الفنية المصاحبة للافتتاح مراعاة لحالة الحزن في مصر على مقتل 32 وإصابة العشرات بحادث تصادم بين قطارين وقع قبل ساعات.
ووقف الحاضرون دقيقة حداد على أرواح الضحايا فيما اقتصرت المراسم على الكلمات الرسمية للمنظمين والتعريف بالمسابقات والأفلام ولجان التحكيم.
ويعرض المهرجان المقام هذا العام تحت شعار "عشر سنوات من الخيال" أكثر من 50 فيلما من أنحاء القارة السمراء.
وتحمل الدورة العاشرة اسم الممثلة مديحة يسري (1921-2018) بمناسبة مئوية ميلادها وهي مهداة لأرواح كل من الممثل محمود المليجي والممثل محمود ياسين من مصر والسينمائي المغربي نور الدين الصايل.
وكرم المهرجان في الافتتاح الذي أقيم بساحة معبد الكرنك الممثلة المصرية نادية الجندي فيما تغيب معظم المكرمين الآخرين لأسباب مختلفة.
وقالت نادية في كلمة موجزة إنها سعيدة بهذا التكريم لسببين، الأول لأن التكريم في حد ذاته يجعل الفنان في حالة سعادة كبيرة ويدفعه للتقدم في مسيرته الفنية، والثاني لتوجداها في مدينة الأقصر العريقة الضاربة في جذور التاريخ.
وتغيبت الممثلة التونسية هند صبري عن تكريمها لإصابتها بفيروس كورونا، كما تغيب المخرج المصري علي عبدالخالق لظروف خاصة، وتغيب أيضا كل من الممثل المغربي عزالعرب الكغاط والمخرج السينمائي شيخ عمر سيسكو من مالي.
ولم يحضر لتسلم التكريم سوى الممثل والمذيع المصري سمير صبري ومواطنه الممثل محي إسماعيل.