الأوروبيون يجهزون شروطهم أمام حتمية إرجاء بريكست

ماي تحاول تجنيب المملكة المتحدة خروجا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق بلقاء ميركل ثم ماكرون قبل يوم من القمة الأوروبية الاستثنائية، فيما تحاول الحكومة التفاوض مع المعارضة في لندن.
اجتماع للدول الأكثر تضرراً من بريكست دون اتفاق في بروكسل
الإرجاء سيمنع بريطانيا من عرقلة القرارات الأوروبية خلال فترة التمديد
ماي تسعى للحصول على دعم برلين وباريس لإرجاء بريكست مرة ثانية
مفاوضات الحكومة البريطانية بين المعارضة وبروكسل

برلين -  وصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مساء اليوم الثلاثاء إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في محاولة أخيرة لتجنيب بلادها خروجا من الاتحاد الأوروبي في نهاية الأسبوع بدون اتفاق.

وتأتي زيارة ماي مباشرة بعد محادثات أجرتها في برلين الثلاثاء مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل سعيا للحصول على دعم لإرجاء بريكست مرة ثانية.

وكان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مرتقبا أساسا في 29 آذار/مارس، وأرجىء الجمعة إلى 12 نيسان/أبريل. لكن بسبب عدم تمكن النواب البريطانيين من إقرار اتفاق بريكست الذي تفاوضت عليه ماي مع بروكسل، تريد رئيسة الوزراء طلب إرجاء موعد بريكست مجددا حتى 30 حزيران/يونيو.

وطلبها الذي ستبحثه الأربعاء قمة استثنائية للاتحاد الأوروبي يجب أن ينال موافقة الدول الـ27 في التكتل.

واعتبرت ميركل الثلاثاء أمام أعضاء من حزبها أنه "من الممكن تأجيل بريكست حتى مطلع 2020".

وقالت إن "تأجيل بريكست عدة أشهر ممكن حتى مطلع 2020".

وأضافت أن "تأجيلا محتملا موضوع قمة الأربعاء في بروكسل. لا يريد الاتحاد الأوروبي أن يدفع البريطانيين إلى بريكست غير منظم. من مصلحة أوروبا الاستمرار في إقامة علاقات جيدة مع بريطانيا".

وتتوجه ماي لاحقا إلى باريس حيث ستطلب من الرئيس الفرنسي دعم طلب إرجاء بريكست.

وقال مصدر في الإليزيه عشية القمة الأوروبية إن فرنسا "لا تعارض إرجاء بريكست" لكن مهلة السنة التي تتحدث عنها بروكسل "تبدو طويلة جدا".

واعتبر وزراء دول الاتحاد الأوروبي الذين يعقدون اجتماعا في لوكسمبورغ تحضيرا للقمة، أن الأوروبيين مستعدون لمنح بريطانيا إرجاء لبريكست إلى ما بعد 12 نيسان/أبريل لكن بشروط.

وصرح كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه أمام الوزراء الأوروبيين الثلاثاء أن مدة إرجاء محتمل "مرتبطة" بالخطة التي ستعرضها ماي. وقال إن "مدة التأجيل يجب أن تكون مرتبطة بسؤال 'لماذا؟' وهذا مرتبط بما ستقوله ماي غدا".

وأكد أن خروج بريطانيا بلا اتفاق "لن يكون أبدا قرار الاتحاد الأوروبي وسيكون دائما من مسؤولية المملكة المتحدة أن تقول لنا ما تريده".

وأوضح أن بريطانيا يمكنها تجنب انفصال قاس بالموافقة على الخطة التي تفاوضت حولها ماي مع الاتحاد، مشيرا من جديد إلى أن هذا الاتفاق غير قابل للتفاوض خلافا "للإعلان السياسي" المرفق به.

من جانب آخر، يستضيف رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال الأربعاء قمة مصغرة في بروكسل بين دول الاتحاد الأوروبي الست التي ستكون "الأكثر تضرراً" من خروج محتمل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.

من جهته، قال الوزير الألماني للشؤون الأوروبية مايكل روث إن هذا الإرجاء يجب أن "يخضع لمعايير مشددة جدا"، معتبرا خصوصا أنه من الضروري أن تتعهد بريطانيا التزام "موقف بناء" إذا تم تمديد وجودها ضمن الاتحاد الأوروبي.

فيما قالت وزيرة الشؤون الفرنسية أميلي دو مونشالان إن فرضية إرجاء بريكست "ليست حقا مكتسبا أو تلقائية" مؤكدة أن الطلب يجب أن يرفق "بخطة سياسية موثوقة".

وبحسب صحيفة "ذي تايمز" البريطانية فإن القادة الأوروبيين يعتزمون أن يقولوا لماي إنه في حال قبول الإرجاء، فلن يكون للندن كلمة في المحادثات حول الموازنة والاتفاقات التجارية للاتحاد الأوروبي.

ويعني هذا الأمر الحؤول دون تمكن بريطانيا من عرقلة القرارات الأوروبية خلال فترة التمديد هذه كما كان صرح الأسبوع الماضي النائب المحافظ المشكك بالاتحاد الأوروبي جاكوب ريس-موغ.

وهذا النائب المؤيد بشدة لبريكست كان دعا بريطانيا إلى التشدد قدر الإمكان في حال الحصول على "تمديد طويل" محذرا على سبيل المثال من فيتو بريطاني "على أي زيادة في الميزانية".

وكان القادة الأوروبيون رفضوا في آذار/مارس منح البريطانيين مهلة حتى 30 حزيران/يونيو بسبب إجراء الانتخابات الأوروبية من 23 إلى 26 أيار/مايو.

وأعلنت الحكومة البريطانية مرغمة مساء الاثنين أنها ستبدأ تنظيم هذه الانتخابات بعدما حاولت تجنب المشاركة فيها، وذلك بعد نحو ثلاث سنوات على الاستفتاء الذي أجري في 2016 وأيدت بموجبه غالبية البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ولا تزال لندن تأمل في مغادرة الاتحاد الأوروبي ضمن اتفاق قبل 22 أيار/مايو ما يمكن أن يتيح لها إلغاء هذه الانتخابات.

من جهته، يستعد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، بحسب مسؤول أوروبي كبير، لكي يقترح إرجاء "مرنا" لمدة سنة كحد أقصى، والهدف من ذلك إعطاء بريطانيا الوقت الكافي لتجاوز الأزمة السياسية التي تشلها. وهذه المهلة يمكن أن تكون أقصر في حال موافقة النواب البريطانيين على معاهدة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

وفيما تجري ماي محادثات مع ميركل ثم مع ماكرون، تواصل الحكومة البريطانية محادثاتها مع المعارضة على أمل التوصل إلى تسوية حول خطة للخروج من الاتحاد الأوروبي يقبلها البرلمان.

وأثارت هذه اليد الممدودة لحزب العمال غضب المشككين في الاتحاد الأوروبي الذين يخشون أن تتجه الحكومة إلى اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يطالب به حزب العمال، لكنه يمنع لندن من اعتماد سياسية تجارية مستقلة بعد بريكست.

وهذه المحادثات لم تؤد إلى نتيجة حتى الآن حيث يأخذ زعيم حزب العمال جيريمي كوربن على الحكومة رفضها "أن تبتعد عن هذه الخطوط الحمر الأساسية".

ولتجنب خروج بريطانيا بدون "اتفاق" وهو ما تخشاه الأوساط الاقتصادية، صادق مجلس اللوردات مساء الاثنين على مشروع قانون للنواب يهدف إلى إرغام رئيسة الحكومة بشكل قانوني على إرجاء بريكست.